هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، أنه جرى التوصل مع قادة الاتحاد الأوروبي، على ضمانات "ملزمة قانونيا"، لتمرير اتفاق بريكست.
جاء إعلان ماي، بعد لقاءات عدة مع كبار قادة الاتحاد الأوروبي، في ستراسبورغ، في وقت بدأ فيه العد التنازلي لموعد خروج بريطانيا من الاتحاد والمقرر في 29 آذار/ مارس.
وأوصت مجموعة من النواب البريطانيين المؤيدين لبريكست الذين تم تكليفهم بدراسة التعديلات التي أدخلت على اتفاق بريكست البرلمان برفضه في جلسة تصويت الثلاثاء.
من جهتها حذرت ماي النواب من أن بريطانيا قد لا تتمكن من مغادرة الاتحاد الأوروبي في حال صوتوا الثلاثاء ضد الاتفاق المعدّل الذي توصلت إليه مع بروكسل.
وقالت أمام البرلمان:
"في حال لم يتم تمرير هذا الاتفاق في تصويت الليلة، فقد تخسر بريطانيا فرصة
بريكست".
وقال النائب المحافظ
بيل كاش نيابة عن المجموعة "في ضوء تحليلنا القانوني (...) لا نوصي بقبول طرح
الحكومة اليوم". وتضم المجموعة كذلك نايجل دودز، القيادي في الحزب الوحدوي
الديمقراطي المنضوي في ائتلاف ماي.
وحض رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، النواب البريطانيين على تأييد اتفاق بريكست الذي تم إدخال ضمانات قانونية عليه، عشية تصويت جديد لمجلس العموم البريطاني على الاتفاق الذي توصلت إليه ماي مع بروكسل.
وقال يونكر للصحفيين في مؤتمر صحفي مع ماي، إن "الخيار واضح: إما هذا الاتفاق، أو عدم الخروج، فلنضع نهاية منظمة لانسحاب المملكة المتحدة"، مضيفا أنه "لن يكون هناك خيار ثالث".
وتأتي زيارة ماي لستراسبورغ، بعد مساع بذلها في نهاية الأسبوع مسؤولون بريطانيون لضمان الحصول على تنازلات من الاتحاد الأوروبي على أمل إقناع النواب البريطانيين بتأييد الاتفاق.
وتهدف حزمة تعديلات من ثلاثة أجزاء إلى حل نقطة خلاف رئيسية بالنسبة للنواب البريطانيين بشأن "شبكة الأمان"، الإجراء الوارد في اتفاق بريكست بهدف تفادي عودة الحدود فعليا بين جمهورية إيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي ومقاطعة إيرلندا الشمالية البريطانية.
وقالت ماي بعد لقائها يونكر وكبير مفاوضي الاتحاد الاتحاد الأوروبي في ملف بريكست، ميشال بارنييه: "اليوم ضمنا تعديلات قانونية".
وتابعت: "حان وقت العمل سويا، لدعم اتفاق بريكست المحسن".
اقرأ أيضا: بريطانيا تضغط على الأوروبيين قبل التصويت حول بريكست
وكان مجلس العموم البريطاني، رفض في كانون الثاني/ يناير بغالبية كبيرة الاتفاق الذي يتوقّع أن يواجه الثلاثاء المصير ذاته، ما لم يتم إدخال تعديلات كبيرة عليه.
ويرفض الاتحاد الاوروبي إعادة التفاوض بشأن "شبكة الأمان"، الإجراء الوارد في اتفاق بريكست بهدف تفادي عودة الحدود فعليا بين جمهورية إيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي ومقاطعة إيرلندا الشمالية البريطانية، لكن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، قالت إن التكتل قدم عرضا في نهاية الأسبوع.
"عدم كفاءة أم ازدراء؟"
وقد تؤدي هزيمة جديدة لاتفاق بريكست في البرلمان، إلى قطع بريطانيا علاقاتها مع أقوى شريك تجاري لها في 29 آذار/ مارس دون أي ترتيبات جديدة، ما سيتسبب في اضطرابات كبيرة لدى الطرفين.
سيثير ذلك أيضا، احتمال تأجيل بريكست، خصوصا بعد أن وعدت ماي بالسماح للنواب بالتصويت في وقت لاحق من هذا الأسبوع بشأن قبول سيناريو "لا اتفاق" أو طلب تأجيل قصير لبريكست من الاتحاد الأوروبي.
وقال يونكر إنه أوصى مجلس الاتحاد الأوروبي، الذي يمثل الدول الأعضاء، بقبول الاتفاق، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء الإيرلندي، ليو فارادكار، وافق على الضمانات التي أدخلت على الاتفاق.
وتفاعل أعضاء البرلمان البريطاني الذين يدعمون خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي، بحذر مع أنباء الاتفاق، لكنهم قالوا إنهم يريدون التدقيق في التفاصيل.
وقال نايغل دودز، من الحزب الديمقراطي الوحدوي في إيرلندا الشمالية، وهو جزء من الحكومة الائتلافية لماي: "بالتأكيد سوف نحلل ذلك بعناية شديدة".
ويعد دعم الحزب الديمقراطي الوحدوي أمرا حاسما لتمرير الاتفاق في مجلس العموم.
اقرأ أيضا: كوربين بصدد الدعوة لإجراء استفتاء جديد على "بريكست"
وقد أثارت الزيارة المتأخرة لماي إلى ستراسبورغ، مخاوف لدى النواب البريطانيين الذين اشتكوا من عدم توفر الوقت الكافي للتدقيق في أي اتفاق يمكن أن توافق عليه ماي قبل التصويت الثلاثاء.
وتساءلت النائبة عن حزب العمال المعارض إيفات كوبر: "هل هذا عدم كفاءة أم ازدراء للبرلمان؟".
"من الأصعب مغادرة شبكة الأمان"
وتوصلت ماي إلى اتفاق مع بروكسل بعد مفاوضات شاقة استمرت لأكثر من عام، ويشمل التسوية المالية وحقوق المغتربين والحدود الإيرلندية والتحضير لمرحلة انتقالية.
لكنّ النواب البريطانيين رفضوا الاتفاق في كانون الثاني/ يناير، وقد صوت ضده 423 نائبا مقابل 202، وقد صوّت ضد الاتفاق عدد من نواب حزب المحافظين الذي تنتمي إليه رئيسة الوزراء.
وقد فوضها مجلس العموم بإعادة التفاوض بشان إجراء "شبكة الأمان" الهادف إلى إبقاء الحدود مفتوحة بين إيرلندا الشمالية، المقاطعة البريطانية، وجمهورية إيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي.
ويبقي إجراء شبكة الأمان الذي اتفق على اللجوء إليه كحل أخير في حال عدم التوصل إلى بديل آخر، المملكة المتحدة ضمن الاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي على أن تطبق إيرلندا الشمالية بشكل أكثر تشددا معايير الاتحاد الأوروبي.
وقال يونكر، إنّه وماي اتفقا على "آلية قانونية" لتخفيف مخاوف البريطانيين بشان "شبكة الأمان".
وقال النائب المؤيد لبريكست جاكوب ريس-موغ: "مغادرة شبكة الأمان أصعب من مغادرة الاتحاد الأوروبي".
ويرى كثير من النواب البريطانيين في هذا الإجراء "فخا" يبقي المملكة ضمن الاتحاد رغم بريكست. ويطلبون وضع مهلة زمنية أو ضمان إمكان التخلي عن الإجراء بشكل أحادي.
اقرأ أيضا: توسك: قوى معادية تحاول التأثير على خياراتنا الديموقراطية
وتعهّدت ماي بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 29 آذار/ مارس، لكن العديد من النواب يخشون تبعات اقتصادية كارثية للخروج من دون اتّفاق.
وقد يؤدي رفض الاتفاق إلى حالة من الفوضى في 29 آذار/ مارس، بعد 46 عاما من العلاقة العاصفة التي تخللتها صعوبات في كثير من الأحيان، كما أنه يمكن أن يؤدي إلى تأجيل الموعد المقرر للخروج.
وإذا تم رفض النص مرة أخرى الثلاثاء، فقد قررت ماي إجراء تصويت الأربعاء على إمكان الخروج من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق.
وفي حال رفض النواب هذا الخيار، فسيصوتون الخميس على اقتراح بتأجيل "محدود" للخروج من الاتحاد الأوروبي بعد 29 آذار/ مارس.
ويتعين الحصول على موافقة دول الاتحاد الأوروبي الـ27 في قمتهم المقررة في بروكسل في 21-22 آذار/ مارس قبل أسبوع واحد من حلول موعد بريكست، فقد حذّر القادة الأوروبيون من أن أي تأجيل يجب أن يكون مبررا حتى يوافقوا عليه.
وقال نايغل فاراج، الذي قاد الحملة التي أسفرت عن بريكست في العام 2016، على تويتر: "الأمر كله كلمات ومعان ملتوية. لم يتغير شيء. رفض. رفض. رفض".
من جانبه، هاجم حزب العمال المعارض الاتفاق الجديد.
وقال زعيمه جيرمي كوربن إنّ "اتفاق هذا المساء مع المفوضية الأوروبية ليس فيه أي شيء يقارب التغييرات التي وعدت بها تيريزا ماي البرلمان".