كتبت النائبة في مجلس النواب الأمريكي
إلهان عمر مقالا في صحيفة "واشنطن بوست"، تحت عنوان "علينا استخدام قيمنا العامة للشعوب كلها، وعندها سنحقق السلام".
وتقول النائبة الديمقراطية عن ولاية مينسوتا وعضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس في مقالها، الذي ترجمته "
عربي21": "حاولت منذ بداية فترتي الأولى في الكونغرس التحدث بصراحة وبصدق عن حجم القضايا التي يواجهها بلدنا، سواء وقف أعباء المديونية على الطلاب، أو مواجهة التهديد الوجودي القادم من التغيرات المناخية، والتأكد من عدم وفاة أي شخص في واحدة من أغنى دول العالم من قلة العناية الصحية، وبصفتي ناجية من الحرب، وكوني لاجئة، فإني حاولت إجراء حوار صادق عن السياسة الخارجية الأمريكية والعسكرة ودورنا في العالم".
وتعلق عمر قائلة إن الطريقة التي تنخرط فيها الولايات المتحدة في الحروب الخارجية هي "أمر شخصي بالنسبة لي"، مشيرة إلى رحلتها وعائلتها من الصومال التي تعاني من حرب أهلية، وكان عمرها في ذلك الوقت 8 أعوام، وهي الحرب التي تدخلت فيها الولايات المتحدة لاحقا، وتقول: "قضيت الأربع سنوات التالية في مخيم للاجئين في كينيا، حيث جربت وشاهدت معاناة لا يمكن وصفها للذين فقدوا مثلي كل شيء".
وتقول الكاتبة: "لقد شاهدت بعيني الحصيلة المدمرة للحرب، وحلمت يوما بالسفر إلى الولايات المتحدة، البلد الذي وعد بالسلام والفرصة بغض النظر عن العرق والدين، لكنني شاهدت كيف تتقوض صورة الولايات المتحدة في العالم عندما لا نلتزم بهذه القيم، وشاهدت الكيفية التي تعمل فيها تدخلاتنا في النزاعات الأجنبية، حتى تلك التي تتم بنية حسنة، على تدمير سمعتنا في الخارج".
وتؤكد عمر أنها تؤمن بسياسة خارجية شاملة واحدة تركز على حقوق الإنسان والعدل والسلام، وهي سياسة تجلب القوات الأمريكية من الخارج، وتتعامل مع الحل العسكري بصفته الخيار الأخير، لافتة إلى أن ما تقدمه قائم على تجارب الناس الذين جربوا الحروب مباشرة، وهي سياسة تأخذ في عين الاعتبار الآثار طويلة الأمد لتورط أمريكا في الحروب، وترتبط بالقيم الأمريكية مهما كانت النتائج السياسية قصيرة الأمد.
وتشير النائبة إلى أن "هذا يعني إعادة تشكيل السياسة الخارجية، والتركيز على الدبلوماسية والمشاركة الاقتصادية والثقافية، وفي الوقت الذي تنفق فيه الولايات المتحدة على الدفاع أكثر من سبع دول مجتمعة، فإن الوجود العسكري هو ما يراه الناس في المجتمعات المتطورة، ويتفق خبراء الأمن القومي وعلى مدى الطيف السياسي أننا لا نحتاج إلى 800 قاعدة عسكرية لحماية بلدنا".
وتجد عمر أن "احترام حقوق الإنسان يعني تطبيق معاييرها على الأصدقاء والأعداء، ولن تكون لدينا مصداقية لدعم الكفاح من أجل حقوق الإنسان في فنزويلا وكوبا ونيكارغوا لو لم ندعم حقوق الإنسان في غواتيمالا وهندوراس والبرازيل، بالإضافة إلى أن نقد الولايات المتحدة للدور المخرب الذي تؤديه إيران في المنطقة لن يكون شرعيا لو لم نوجه النقد لمصر والإمارات العربية المتحدة والبحرين".
وتقول الكاتبة: "لا يمكننا الاستمرار في غض الطرف عن القمع في
السعودية، البلد الذي يعد من أسوأ الدول القمعية والمنتهك لحقوق الإنسان، سواء من خلال قتل المعارضين، مثل جمال خاشقجي، أو ارتكاب جرائم الحرب في اليمن، وعلينا أن نتعامل مع حلفائنا بناء على المعايير الدولية بالطريقة ذاتها التي نعامل فيها أعداءنا".
اقرأ أيضا: إلهان عمر وطليب تهاجمان ترامب بسبب دعمه للسعودية
وتضيف النائبة: "هذه النظرة تنطبق على النزاع
الإسرائيلي الفلسطيني، ودعم الولايات المتحدة لإسرائيل لديه تاريخ طويل، فقد قامت دولة إسرائيل قبل 70 عاما على علاقة اليهود مع أرضهم التاريخية، وكذلك الحاجة لإنشاء دولة في أعقاب رعب الهولوكوست وقرون من القمع ضد السامية، وكان مؤسسو إسرائيل أنفسهم من اللاجئين الذي نجوا من رعب لا يمكن وصفه".
وتتابع عمر قائلة: "علينا الاعتراف بأن هذه هي أيضا الأرض التاريخية للفلسطينيين الذين يعيشون في حالة دائمة من اللجوء والتشرد، وهي أزمة لاجئين وهم يستحقون الحرية والكرامة".
وترى الكاتبة أن "هناك حاجة لنهج متوازن للنزاع يعترف بالرغبة المشتركة للأمن والحرية للشعبين، أدعم حل الدولتين بحدود دولية معترف بها، يحصل فيها الإسرائيليون والفلسطينيون على مناطقهم الآمنة وحق تقرير المصير، وكان هذا هو الموقف المعترف به لدى الحزبين، وعلى مدى العقديين الماضيين، ودعمه القادة الفلسطينيون والإسرائيليون، وأجمعت عليه المؤسسة الأمنية الإسرائيلية".
وتنوه عمر إلى ما قاله جيمس ماتيس، الذي كان وزير دفاع للرئيس ترامب في عام 2011: "لا يمكن الحفاظ على الوضع الحالي بين الطرفين"، مشيرة إلى أن "العمل باتجاه السلام في المنطقة يعني محاسبة كل شخص تقوض أفعاله السلام، لأنه دون العدالة لن يتحقق السلام الدائم".
وتقول النائبة: "انتقدت أفعالا معينة للحكومة الإسرائيلية في غزة، أو الاستيطان في الضفة الغربية؛ لاعتقادي أن هذه الممارسات تهدد إمكانية السلام في المنطقة، ولأنها أيضا تهدد المصالح القومية الأمريكية".
وتستدرك عمر قائلة: "عندما أتحدث بصراحة وطوال الوقت كان من أجل تشجيع الطرفين على التقدم بطريقة سلمية نحو حل الدولتين، ونحن بحاجة لتضمين هذه الدعوة مرة أخرى في الخطاب العام وبشكل عاجل، ويجب على الطرفين الجلوس على الطاولة لتحقيق تسوية سلمية، والعنف لن يقربنا لهذا اليوم".
وتختم الكاتبة مقالها بالقول: "السلام واحترام حقوق الإنسان قيمتان إنسانيتان، وهما ما دفعتا الأمريكيين لتنظيم احتجاجات دفاعا عن الحقوق المدنية المتساوية، وهما ما دفعتا حركة اللاعنف في جنوب أفريقيا، وهما القيمتان اللتان دفعتاني للمشاركة في الحياة العامة، وهما من دفعتا أهل مينسوتا لمنح أصواتهم للاجئة صومالية أمريكية وأوصلوها إلى الكونغرس، دعونا نطبق هذه القيم على الجميع وعندها نحقق السلام".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)