هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "بلومبيرغ" مقالا للكاتب بوبي غوش، يحذر فيه من مخاطر تكرار الثورة الجزائرية أخطاء الربيع العربي.
ويرى غوش في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، أن الاحتجاجات المتصاعدة اليوم في الجزائر تحتاج إلى قيادة واضحة، "فالثورة الجزائرية دخلت الآن أخطر مرحلة" من مراحلها، فبعد أسبوعين من إجبار المحتجين الرئيس عبد العزيز بوتفليقة التخلي عن خططه الترشح لعهدة خامسة، زادت حجم التظاهرات، ومعها كبر الطموح.
ويشير الكاتب إلى أن "المحتجين يطالبون الآن بتحول جذري وكامل لنظام الحكم، وهو أمر مألوف في الثورات كلها ويجب أن يكون هكذا".
ويقول غوش إن "المحللين تجنبوا في الأسابيع الأولى للانتفاضة الجزائرية مقارنتها باحتجاجات الربيع العربي عام 2011، والفرق الوحيد كما أشرت في نهاية شباط/ فبراير، كان في الشعارات التي رفعت في شوارع العاصمة الجزائر وبقية المدن، ففي الوقت الذي صرخ فيه المحتجون أثناء الربيع العربي (الشعب يريد إسقاط النظام)، فإن الجزائريين كانوا أكثر تركيزا، فقالوا: (لا للعهدة الخامسة لك، بوتفليقة)".
ويلفت الكاتب إلى أن "الاحتجاج بدا ضد الرئيس البالغ من العمر 82 عاما، الذي عانى من جلطة دماغية عام 2013، وليس ضد الحكومة ذاتها، وربما أرضى الرئيس الشعب بالمساعدات والمعونات التي منعت تكرار انتفاضات الربيع العربي عام 2011، لكن التظاهرات التي خرجت منذ تنازله الأخير حمل فيها الكثير من الناس الشعارات التي تذكر بميدان التحرير في القاهرة (الشعب يريد إسقاط النظام)".
اقرأ أيضا: أنباء عن تخلي بوتفليقة عن الحكم الشهر القادم
ويعلق غوش قائلا: "لو بدت هذه الاحتجاجات مثل الربيع العربي، وحملت رائحة الربيع العربي فهي تعاني أيضا من القصور القاتل للربيع العربي: غياب القيادة، فالمتظاهرون الشباب هم حركة دون قيادة رسمية، وليس هناك ممثلون معترف بهم، ولا أحد هناك لحمل مطالبهم إلى النظام، والتفاوض على عملية انتقال للنظام الديمقراطي، وإدارة توقعات الجماهير من التغير المطلوب، وليست لدى الجماهير وسائل إلا الاستمرار في الاحتجاج وزيادة مطالبهم".
وينقل الموقع عن المحلل جيف بورتر، من "نورث أفريقيا ريسك كونسالينغ"، قوله: "إن تطور المطالب هو مظهر للثورة التي لا قيادة لها.. في حال غياب الشخص الذي يخبرك ما هو ممكن فإنك ستؤمن أن كل شيء ممكن".
ويجد الكاتب أن "دخول التظاهرات مرحلة خطيرة يتم عبر مسارين لا يرضي أي منهما مطالب المتظاهرين؛ المسار الأول هو العنف، وحتى هذا الوقت احتفظ الجيش الجزائري بهراوته في أغمدتها، بل عبر قائد الجيش الجزائري أحمد قايد صالح عن إعجابه بالمتظاهرين الذين يطالبون بالتغيير، إلا أن صبره قد ينفد مع استمرار التظاهرات في غياب التفاوض".
ويقول غوش إنه "من الصعب في الوقت الحالي تخيل دخول الجزائر في دوامة عنف على طريقة ما يحدث في ليبيا وسوريا واليمن، أو كما حدث في الحرب الأهلية الطويلة في نهاية القرن الماضي، وعندما يطلق الرصاص فإنه يصعب التكهن بالنتائج".
وينوه الكاتب إلى أن "المسار الثاني هو اختطاف الثورة من جماعات تملك ما لا يملكه المحتجون، أي التنظيم والقيادة، وهذا ما حدث في تونس ومصر، حيث استثمرت الأحزاب الإسلامية الفضاء السياسي الذي فتح بعد الربيع العربي لتخيب آمال المحتجين، ففي مصر دخل الكثير من دعاة الديمقراطية في حلف مع الجيش وثورته المضادة عام 2013، أما في تونس فقد شعر الكثيرون بالخيبة من السياسة".
ويتساءل غوش عما إذا كان المحتجون الجزائريون مهتمين في الوقت الحالي بتنظيم أكبر التظاهرات التي استمرت بسبب تمسك بوتفليقة في السلطة.
ويستدرك الكاتب بأنه "رغم وعوده بدستور وحكومة انتقالية وانتخابات، إلا أن الكثيرين يتوقعون حيلة لتمديد عهدته الرابعة، فيما يرى متظاهرون آخرون أن بوتفليقة مجرد وجه للسلطة الحاكمة، وهي الزمرة التي تضم الجيش ورجال الأعمال ومسؤولي جبهة التحرير الوطني".
ويورد الموقع نقلا عن البروفيسور في معهد الدوحة للدراسات العليا، عبد الوهاب الأفندي، قوله إن هناك إشارات إلى محاولات الزمرة التمسك بالسلطة، "فهناك في النظام من لا يريد التغيير".
ويفيد غوش بأن الحكومة الانتقالية تحاول بناء دعم دولي لها، لكن ليس بالطريقة التي تشير إلى الديمقراطية، مشيرا إلى أن نائب رئيس الوزراء رمضان عمامرة قام بزيارة سريعة إلى موسكو؛ من أجل الحصول على تشجيع من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي حذر القوى الأخرى من التدخل في الشؤون الجزائرية.
ويذكر الكاتب أن الولايات المتحدة دعمت الحراك الشعبي، فيما دعا الرئيس الفرنسي "لنقل السلطة في مدة معقولة".
ويقول غوش إن "التظاهرات تزداد في الوقت ذاته قوة واتساعا دون حوادث عنف، وربما اضطر النظام لتقديم تنازلات أكثر".
وينقل الموقع عن المتخصص في شؤون شمال أفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أندرو ليبفوتش، قوله: "أعتقد أننا وصلنا إلى نقطة بأن هناك حاجة لتغيير ذي معنى، فخطة الحكومة الانتقالية أمر صغير ومتأخر".
ويورد الكاتب نقلا عن الخبير في الديمقراطية في الكلية الجامعية في لندن بريان كلاس، قوله: "في بعض الأحيان أنت بحاجة إلى محاورة مع الحكومة حول ما هو مقبول أو غير مقبول"، مشيرا إلى أن إسقاط النظام هو شعار مثير، لكنه ليس عمليا في التفاوض، وأضاف أن "تجربة حركات الربيع تعني أنها بحاجة لإظهار أنها تستطيع تقديم تنازلات".
وتابع كلاس قائلا: "التخلص من بنية النظام في ليلة وضحاها ليس فكرة جيدة، ويجب أن يتحدثوا عمن سيذهب أو من سيبقى.. لكن من هم؟".
ويقول غوش إن "النقابات العمالية القوية رفضت في الوقت الحالي المشاركة في الحكومة، فيما نشرت جماعة اسمها المنبر الوطني لتنسيق الحراك بيانا، دعا فيه الجيش إلى عدم التدخل، لكنه لم يقدم قائمة مطالب، أما الإسلاميون الجزائريون، الذي ضربوا في الحرب الأهلية، فلم يظهروا القدرة ذاتها التي أظهرها إسلاميو تونس ومصر للسيطرة على الساحة".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "المتظاهرين الجزائريين الذين يندفعون إلى الشوارع يجب أن يكونوا على طاولة المفاوضات وفي الشارع في الوقت ذاته، ولو لم يفعلوا فإن دروس الربيع العربي ليس فيها ما يدعو للتفاؤل عما سيحدث لاحقا".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)