صحافة دولية

لوموند: لماذا فيسبوك سريع بحجب التعري على عكس الإرهاب؟

فيسبوك تأخر بحظر فيديو هجوم نيوزيلندا- جيتي
فيسبوك تأخر بحظر فيديو هجوم نيوزيلندا- جيتي

نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن الانتقادات الواسعة التي طالت "فيسبوك"، بسبب السماح بنشر فيديو مجزرة إرهابي كرايست شيرش الذي بثه على المباشر، دون إيقاف البث أو حجب الفيديو.
 
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن أحد رواد الإنترنت كتب على صفحة قناة "تيليه مونتي-كارلو" الفرنسية على "فيسبوك"، أنه "من الغريب أن يسرّع فيسبوك في عملية حجب صورة لصدر امرأة عارية ويتأخر في حجب فيديو لعملية إرهابية يبث على المباشر".
 
وأكدت الصحيفة أن منفذ عملية كرايست شيرش الإرهابية نشر فيديو اعتدائه على مسجدين وقتله لخمسين شخصا على حسابه الخاص على "فيسبوك"، ونتيجة لذلك، تعرض "فيسبوك" لوابل من الاتهامات، لاسيما في الوقت الذي يلقى خطاب الكراهية الذي ينادي به اليمين المتطرف صدى على شبكات التواصل الاجتماعي، ناهيك عن غياب الحزم السياسي على الصعيد العالمي لوضع حد لهذه المشكلة.
 
وبحسب الصحيفة، فإن للسائل أن يسأل، لماذا تعذر على "فيسبوك" اكتشاف فيديو الإرهابي في الوقت المحدد، ولماذا لم يحذفه مباشرة، في الوقت الذي يلغي فيه يوميا صورا لصدور نساء عاريات؟

 

أما السؤال الثاني، لماذا فشل "فيسبوك" في حذف مئات الآلاف من التعليقات التي نشرها رواد الإنترنت في جميع أنحاء العالم خلال الساعات والأيام التي أعقبت هجوم كرايست شيرش؟

 

اقرأ أيضا: "فيسبوك" تكشف سر انتشار فيديو مذبحة المسجدين بنيوزيلندا

 ونوّهت الصحيفة إلى أن موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" يشغل أفضل المواهب في مجال التنمية والذكاء الاصطناعي في العالم، ما يساعده تقريبا على حذف جل المحتويات التي كان ينشرها تنظيم الدولة حتى قبل أن تنشر.

 

وللإجابة عن هذه الأسئلة، يجب أن نعود إلى حدود الذكاء الاصطناعي والطريقة التي يدير بها "فيسبوك" "المحتوى الإرهابي".

 

"المحتوى الإرهابي"
 
وذكرت الصحيفة أن "فيسبوك" يواجه نوعين من المحتوى الإرهابي، المحتوى الذي يطلع عليه "فيسبوك" مسبقا على غرار الفيديو الخاص بمجزرة كرايست شيرش بعد تنفيذ الهجوم، والفيديوهات الدعائية التي ينشرها تنظيم الدولة.

 

ويتشارك "فيسبوك" مع بعض شبكات التواصل الاجتماعي الأخرى، على غرار "تويتر"، قاعدة بيانات لمقاطع فيديو من هذا النوع. وهذا يعني أنه مع نشر الفيديو من المستخدم، يجري "فيسبوك" مباشرة عملية مقارنة مع ما يخزنه من فيديوهات إرهابية في قاعدة البيانات ليحلل كل "بكسل" على حدة.
 
وأوضحت الصحيفة أن "فيسبوك" لا يحدد ظاهرة الإرهاب كما يفعل البشر، وإنما يراقب فقط ما إذا كان بكسل فيديو جديد يتماشى مع بكسل فيديو سبق للموقع أن اطلع عليه.

 

ويحظر فيسبوك الفيديو إذا كان يحتوي على نسخ من محتوى الفيديوهات الإرهابية المسجلة لديه على قاعدة البيانات.

 

ويستخدم "فيسبوك" هذه الطريقة مع الفيديوهات التي تدعو إلى التطرف والفيديوهات التي تعرض محتويات متعلقة بالتحرش الجنسي بالأطفال.
 
وأكدت الصحيفة أن "فيسبوك" اعترف بأن قرابة 300 ألف نسخة من الفيديوهات المباشرة ذات المحتوى الإرهابي يمكن نشرها على شبكته.

 

ولكن لماذا لم تستخدم هذه الطريقة مع الفيديو الذي نشره إرهابي كرايست شيرش خلال الساعات والأيام التي تلت العملية؟ خصوصا وأن هذه الحادثة أثارت كثيرا من الأسئلة، التي يجب على فيسبوك أن يجيب عنها.

 

اقرأ أيضا: "فيسبوك" توضح كم استغرقت للإبلاغ عن فيديو مجرم نيوزيلندا

 في الواقع، يعترض فيسبوك أحيانا مقاطع فيديو ذات محتوى إرهابي تظهر على صفحاته لأول مرة، على غرار الصور الحية لعملية كرايست شيرش الإرهابية، التي بثت على المباشر. وذلك يعني أن الآلية التي ذكرناها آنفا لا تتماشى مع محتوى فيديو إرهابي كرايست شيرش، لأن الفيديو تضمن محتوى جديدا.

 

وكثيرا ما يعتمد "فيسبوك" على تشكيات مستخدميه. ووفقا لـ"فيسبوك"، لم يبلغ أي من المستخدمين الذين شاهدوا الفيديو عن محتواه الإرهابي أثناء بثه على المباشر.
 
وتساءلت الصحيفة عما إذا كان يمكن لـ"فيسبوك" أن يدرب خوارزميات الذكاء الاصطناعي على عدم نشر فيديو إرهابي على المباشر، تماما كما يتعامل مع النساء اللواتي ينشرن مقاطع مباشرة وهن بصدور عاريات.

 

وفي الحقيقة، يستطيع "فيسبوك" منع نشر مثل هذه الفيديوهات على المباشر، ولكن في بعض الأحيان لا يمكنه ذلك، إذا كان محتوى الفيديو ذا طابع فني أو توعوي.
 
وأفادت الصحيفة بأن المشكلة تكمن أساسا في الذكاء الاصطناعي في حد ذاته، الذي لا زال ينقصه الذكاء، خصوصا وأن خوارزميات كشف المحتوى تعمل بشكل أفضل خلال تعاملها مع الصدور العارية مقارنة بالمحتوى الإرهابي.

 

ويعزى ذلك إلى أنه في حياتنا اليومية، يستطيع المولود الجديد التعرف على الثدي، ولكنه لا يعي شيئا من خطاب أبي بكر البغدادي.
 
ومن الممكن تقنيا اكتشاف الثدي عبر استخدام الآلية التي تحدثنا عنها مسبقا، تحديدا عبر وحدات البكسل ولونها. ولكن كيف يمكن سن آلية للتعرف على الإرهاب بما أن هذه الظاهرة تقبع في عقل ناشر أو مؤلف الفيديو، علاوة عن السياق الذي ينشر فيه مقطعه؟
 
وبينت الصحيفة أنه خلافا للمحتوى الإرهابي، يمكن آليا التعرف على فيديو يسجل جريمة قتل عبر محتوى الفيديو في حد ذاته، على غرار الأسلحة والطلقات النارية، ولكن هذه العلامات لا تكفي لوحدها من أجل اعتبار أن الفيديو يروج لمحتوى إرهابي.
 
وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أن برمجيات الاعتدال التلقائي غير قادرة بعد على تحديد تطلعات ناشر الفيديو أو منع بث الصور بشكل استباقي باستثناء حظر جميع أنواع الصور أو المحتويات التي تتماشى مع التطلعات الإرهابية أو الرامية لشن عمل إرهابي، ولكن بصفة عشوائية.

التعليقات (1)
حضريزهراء
الأحد، 24-03-2019 03:15 م
أن يكون هناك فرق كبير بين الناس