هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لم تمر خطوة الجيش الجزائري دون أن تثير الجيران المغاربة، الذين اعتبر عدد من المهتمين بالشأن الجزائري، أن هذه الخطوة مناورة من قبل المؤسسة العسكرية على الحراك الشعبي الذي تجاوز الشهر الأول وأطاح بالرئيس بوتفليقة في طريقه.
وخرج رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق قايد صالح، الثلاثاء، مطالبا بتطبيق المادة 102 من الدستور التي تحدد حالة عجز الرئيس عن ممارسة مهامه، في تطور جديد في البلاد التي تشهد احتجاجات منذ أسابيع.
تكرار سيناريو مصر
واعتبر رئيس المركز الأطلسي للدراسات الإستراتيجية والتحليل الأمني، عبد الرحيم المنار اسليمي، أن السيناريو المصري يتم استنساخه بالجزائر، محذرا من حزام عسكري على نمط الحكم المصري يمتد من مصر إلى ليبيا والجزائر وموريتانيا.
وقال عبد الرحيم المنار اسليمي، في تصريح لـ"عربي21": "من الواضح أن السيناريو المصري يعاد استنساخه بالجزائر، فقايد صالح في بيانه الخامس ينقلب على رئيس غير موجود أصلا، ويقوم بتكملة العرض الذي قدمه بوتفليقة المجهول المصير".
وتابع: "فالأمر يتعلق بإزالة حاجز بوتفليقة غير الموجود وانتقال قايد صالح أحد ركائز محيط بوتفليقة إلى ممارسة السلطة مباشرة، لذلك يكون قائد الجيش بدعوته إلى تطبيق المادة 102 قد قام بخلق الاعتقاد أن الأمر يتعلق بانقلاب على بوتفليقة".
وسجل: "لكن هذا الاعتقاد ليس صحيحا لأن قايد صالح هو الحاكم الفعلي للجزائر منذ 2014، ويقوم اليوم بممارسة لعبة وتنفيذ الأجندة المنسوبة لبوتفليقة تحت غطاء دستوري يحافظ فيه على استمرارية محيط بوتفليقة وقيادة فترة انتقالية قد تصل إلى ستة أشهر".
واعتبر أن "المخرج الذي يقترحه قايد صالح يبدو أنه تطبيق للسيناريو المصري بأسلوب ناعم لحد الآن وقد يتحول إلى عنفي في أي لحظة، والخطير أن الجزائر، في حالة ذهابها في هذا المخرج 102 ستكون بدون حكومة، لأنه لا يمكن لرئيس مجلس الأمة الذي سيكون رئيسا بالنيابة وبعدها رئيسا للدولة ليس له الحق في إقالة أو تعيين حكومة، فما يقوم به بدوي سيتوقف الآن وتصبح الجزائر محكومة من طرف قايد صالح من وراء رئيس مجلس الأمة".
وحذر: "يبدو من خلال ما قام به قايد صالح أن النموذج المصري بات مغريا، وقد نكون أمام حزام عسكري على نمط الحكم المصري يمتد من مصر إلى ليبيا والجزائر وموريتانيا".
اقرا أيضا: قائد الجيش الجزائري يطلب إعلان عجز بوتفليقة عن أداء مهامه
التفاف على الحراك
وسجل أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية، محمد الزهراوي، أن "خروج رئيس أركان الجيش الجزائري القايد صالح إلى الإعلام وإعلانه تطبيق 102 يمكن قراءته وفق ثلاثة مستويات".
وشرح محمد الزهراوي في تصريح لـ"عربي21" هذه المستويات في: "أولا: هذا الخروج لقائد مؤسسة الجيش يعتبر تدخلا مباشرا في الحياة السياسية، ويؤكد أن من يسير البلاد حقيقة من خلف الستار هو الجيش".
وزاد: "ثانيا: تدخل قائد الأركان هو بمثابة "انقلاب ناعم" على الدستور وباقي المؤسسات الدستورية. إذ لا يحق له وفق المادة 102 من الدستور الجزائري التدخل في مثل هذه الحالات. لأن هذه المادة واضحة وصريحة".
هذا وتنص المادة 102 على: "إذا استحال على رئيس الجمهورية أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع المجلس الدستوري وجوبا، وبعد أن يتثبّت من حقيقة هذا المانع بكل الوسائل الملائمة، يقترح بالإجماع على البرلمان التّصريح بثبوت المانع".
وتابع: "ثالثا: الإحالة على المادة 102 من طرف رئيس الأركان مجرد مناورة والتفاف على الحراك، لأن تطبيق المادة يفترض أو هو إقرار بالعجز الصحي للرئيس بوتفليقة في حين أن الإشكال الحقيقي، أن هناك حراكا جماهيريا شبابيا يطالب بإحداث تغيير جذري في النظام السياسي والقيام بإصلاحات جوهرية".
فرض خطة الجيش
من جهته اعتبر الباحث في العلاقات الدولية، خالد يايموت، أن "تطبيق المادة 102 تأتي من بوابة المجلس الدستوري، إذا وافق المجلس على تطبيق المادة يحال الأمر على مجلسي البرلمان للتقرير بثلثي الأعضاء شغور المنصب، وهذا ما يخول لرئيس مجلس الأمة (الغرفة الثانية) الإحلال محل الرئيس لمدة 45 يوما".
وزاد في تصريح لـ"عربي21": "وإذا استمر نفس المانع، يعود المجلس الدستوري ليقر دستوريا شغور منصب الرئاسة، ويتولى دائما رئيس مجلس الأمة المنصب مؤقتا، والإعلان عن انتخابات في 90 يوما الموالية".
وخلص: "من هنا يتضح أن ما قام به رئيس الأركان القائد صلاح اليوم هو فرض الجيش لخططه على المجلس الدستوري، ولا يعتبر هذا التحرك بالضرورة التزاما بالدستور أو محاوالة لاستعادة الحكم تحت راية الشرعية الدستورية".
ومنذ 22 شباط/ فبراير الماضي، والجزائر تعيش على وقع احتجاجات أسبوعية ضخمة لمختلف فئات المجتمع، يطالبون خلالها برحيل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ورموز النظام.
وفي 11 آذار/ مارس الجاري أعلن بوتفليقة سحب ترشحه، وتأجيل الانتخابات مع تقديم خارطة طريق، تبدأ بتنظيم مؤتمر للحوار وتعديل الدستور وتنظيم انتخابات جديدة لن يترشح فيها، لكن المعارضة والحراك رفضاها وعدّاها "محاولة التفاف على مطالب الشارع"، معلنين استمرارهم في الحراك حتى تحقيق مطالبهم كافة، وعلى رأسها تخلي بوتفليقة عن السلطة.