هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
رغم أنه في مصر نحو مائة حزب سياسي، يرى مراقبون ومتابعون أنها خارج نطاق الخدمة، ولا يعرف معظم المصريين حتى أسماءها ولا أسماء رؤسائها، بما فيها الأحزاب العريقة مثل (الوفد) صاحب التاريخ السياسي والنيابي.
ويرى المتابعون أن حزب "مستقبل وطن"، يعد الاستثناء الوحيد، وأنه ورث دور "الحزب الوطني" بعهد حسني مبارك؛ حيث يقوم أعضاؤه بحراك ظاهره خدمة المواطنين ولكن هدفهم خدمة السلطة وتنفيذ توجيهات الجهات الأمنية ودعم رأس النظام عبدالفتاح السيسي.
وقبل نحو شهر من موعد الاستفتاء على التعديلات الدستورية التي تمنح السيسي حكم مصر حتى 2034؛ تعقد أمانات الحزب ندوات تعريفية بالتعديلات لموظفي الحكومة ولقاءات جماهيرية وقوافل طبية ومعارض للسلع، مستهدفة الشباب بشكل خاص.
ويقوم أعضاء "مستقبل وطن"، بجمع صور بطاقات الموظفين بالمؤسسات الحكومية والمدارس والمستشفيات ودور الحضانة والمجالس المحلية والشعبية وإدارات المدن ومصالح الكهرباء والمياه والتموين ومن المحال التجارية والورش والمصانع؛ بدعم الأمن الوطني، والحشد للتصويت مع وعود بدفع أموال لأصحاب البطاقات.
وأكدت مديرة مدرسة بإحدى المدن الجديدة، لـ"عربي21"، أنها تلقت مكالمة هاتفية من أمينة الحزب بالمدينة والموظفة بوزارة الصحة والقريبة من عناصر "الأمن الوطني" بالمدينة، تطلب صور بطاقات العاملين والمدرسين وكشفا بأسماء من يرفضون، موضحة أنها ستعطي كل صاحب بطاقة 150 جنيها عقب التصويت بالاستفتاء بـ"نعم".
اقرأ أيضا: "إتاوات" وابتزاز للمصريين.. هكذا يستعد الأمن لتعديل الدستور
الحزب ورموزه.. وكيف بدأ؟
و"مستقبل وطن" تأسس قبل انتخابات البرلمان 2015، والتي نال فيها كأول تجربة برلمانية له 57 مقعدا ليأتي ثانيا بعد "المصريين الأحرار" (65 مقعدا)، وأصبح للحزب مقار فاخرة بجميع المحافظات وفيلات بالمدن الجديدة يربو ثمن الواحدة على 10 ملايين جنيه، حسب مراقبين.
وبدأت فكرة الحزب وتسميته من حملة دعم السيسي بانتخابات 2014، "نرى فيك مستقبل وطن" التي قادها رئيس اتحاد طلاب مصر محمد بدران، عام 2013، الذي وصف بـ"الفتى المدلل" بعدما رافق السيسي، على يخت "المحروسة" أثناء افتتاح تفريعة قناة السويس عام 2015.
وحسب تصريح سابق لبدران، فقد تم تدشين الحزب بدعم رجال أعمال، مثل رئيس لجنة الصناعة بمجلس النواب الآن، فرج عامر، -أحد فلول عهد مبارك وعضو مجلس الشورى السابق عن الحزب الوطني-، وكذلك رئيس اتحاد الكرة المصري الحالي هاني أبو ريدة، -أحد المقربين لجمال مبارك والذي ارتبط اسمه بالحزب الوطني وانتخب عضوا بمجلس الشعب عام 2010-، وأيضا أحمد أبو هشيمة، أحد أهم أذرع السيسي بمجال الإعلام (صحف وفضائيات وإنتاج سينمائي ودرامي) بجانب صناعة الحديد.
ويترأس الحزب البرلماني أشرف رشاد (34 عاما)، فيما يتولى رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان اللواء السابق علاء عابد، منصب نائب رئيس الحزب، بعد استقالته من رئاسة الهيئة البرلمانية لـ"المصريين الأحرار"، أما منصب الأمين العام للحزب فيقوده نائب رئيس حزب الوفد السابق المهندس حسام الخولي.
واستجابة لدعوة السيسي الأحزاب بالاندماج؛ ضم الحزب أعضاء "جمعية من أجل مصر"، بالبرلمان واستقطب من "المصريين الأحرار" وحده 50 نائبا، ليصبح حزب الأغلبية بنحو 350 نائبا، ما دعم فكرة بعض المحللين بأن "مستقبل وطن" صناعة الدولة رغم نفي الحزب، وأنه بديل "الحزب الوطني" من حيث سطوته بالبرلمان والشارع السياسي والسير بركب النظام.
اقرأ أيضا: تحالف معارض يدعو للتصويت بـ"لا" على تعديل دستور مصر
"وطني" أكثر تبجحا
وفي إجابته عن التساؤل: هل ورث "مستقبل وطن" دور "الحزب الوطني"؟، أكد الناشط والكاتب المعارض أشرف الريس، أنه "بالفعل نحن أمام حزب (واطي) جديد وليد، ولكن أكثر تبجُحا من القديم مليون مرة".
الريس، أكد لـ"عربي21"، أن ارتباط الحزب وأعضائه بالنظام لا شك فيه ويؤكده تنفيذهم تعليمات النظام وتوجيهات السلطات الأمنية، مشيرا إلى أنها "تماما مثل ارتباط أعضاء الحزب القديم بالنظام السابق وكلاهما ينفذان تعليمات النظامين عن طريق الأمن، بل يتفانون جدا في تنفيذها بالحرف الواحد".
وحذر من صناعة وجوه جديدة تستغل العمل السياسي بالحزب والظهور بقربها للنظام لتحقيق مكاسب خاصة، قائلا: "بالتأكيد ودون أدنى ذرة شك، نحن أمام مجموعة جديدة من المنتفعين سياسيا وأصحاب المصالح الجدد داخل مستقبل وطن على غرار فلول الوطني".
ورجح أن تكون مقار الحزب المنتشرة في سنوات قليلة بجميع أنحاء مصر وبعضها عبارة عن فيلات بمعظم المدن الجديدة، دعما من رجال أعمال ومنتفعين يريدون الوصول للسلطة، نافيا أن تكون تلك المقرات من النظام، مضيفا "وستتضح الرؤية أكثر فيما بعد بتولي رجالات الأعمال بالحزب مناصب قيادية به من عدمه".
وفي تفسيره لظهور الحزب وغياب أحزاب عريقة وتاريخية وقلة تأثيرها بالشارع السياسي، أكد أن "ظهور مستقبل وطن جاء ليكون بديلا للوطني"، مرجعا سبب غياب الأحزاب القديمة "لليأس الذي أصابها من عدم استجابة النظام لأدنى مقترحاتها؛ ولو أنه ليس مبررا على الإطلاق بل سببا فقط".
اقرأ أيضا: ما هي فرص المعارضة في مصر لإسقاط التعديلات الدستورية؟
ولاؤهم لأنفسهم
ويرى نائب رئيس حزب "الجبهة" مجدي حمدان موسى، أن "هناك اختلافات كبيرة بين الحزبين؛ فالوطني خرج من رحم الاتحاد الاشتراكي على يد الرئيس أنور السادات، وانتقل لمرحلة مهمة بعصر حسني مبارك، وظل راسخا لوجود شخصيات لها ثقل، وتعامل مع الحياة السياسية بحرفية لن يصلها مستقبل وطن".
السياسي المصري أضاف لـ"عربي21"، أن "من يلتحق بـ(مستقبل وطن) يعتقد أنه صورة من (الوطني) ويمكنه تصدر المشهد؛ لكنه بدون أرضية حقيقة؛ لكنهم يطلقون الدعاية لاستقطاب الأشخاص ولانتشار الحزب".
وأوضح، أن "هناك أحزابا أخرى تلعب نفس الدور لكن ينقصها الدعم المادي والإعلامي لتحتل مكانة الوطني، لكن الشاهد أن المواطن البسيط اكتسب وعيا من ثورة 25 يناير، يذكره دائما بأن هؤلاء ولاؤهم لأنفسهم ومصالحهم الشخصية".
من جانبه وصف القيادي بحزب "الكرامة"، أمين إسكندر، الأحزاب بأن معظمها؛ تنام على سرير السلطة والقليل يمثل معارضة الضمير ولا يمتلك قوه الفعل وغالبيتها لا تفهم السياسة ولا إدارة الصراع مع السلطة.