هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
رغم ما قدمه رئيس سلطة الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي، من حوافز للمصريين بزيادة الرواتب والمعاشات الحكومية قبل أيام، إلا أن صندوق النقد الدولي نشر رسالة صادمة للمصريين اعتبرها البعض ضربة لجهود السيسي في استمالتهم قبل الاستفتاء المقرر على تعديل الدستور بعد أسبوعين، والذي يزيد من سلطاته.
ونشر صندوق النقد الدولي السبت، رسالة موجهة له من الحكومة المصرية في كانون الثاني/ يناير 2019، والتي تؤكد إلغاءها الدعم على معظم منتجات الطاقة بحلول 15حزيران/ يونيو 2019، ضمن مراجعة برنامج قروض الصندوق لمصر بـ12 مليار دولار، في ثلاث سنوات شهدت البلاد خلالها سياسات اقتصادية صارمة، منذ 2016.
وحسب الرسالة فإن المصريين على موعد مع زيادة سعر البنزين والسولار والكيروسين وزيت الوقود الذي يتراوح حاليا ما بين 85 و90 في المئة من سعره العالمي، في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من التضخم، وعجز الشعب عن تلبية الاحتياجات الأساسية، وتفاقم أسعار السلع، وعجز الحكومة عن تقديم الحلول، ومطالبة السيسي الشعب بعدم شراء السلع غالية الثمن.
والزيادة القادمة، هي الرابعة للوقود بعهد السيسي، وسيتم تنفيذها بعد شهرين من الاستفتاء على التعديلات الدستورية.
والسؤال: كيف كشفت هذه الرسالة عن خداع السيسي للمصريين بزيادة الرواتب الحكومية قبل الاستفتاء ورفع أسعار الوقود بعده مباشرة؟
"يبني دولة احتلال"
وفي إجابته قال مدير المعهد الدولي للعلوم السياسية والاستراتيجية باسطنبول، الدكتور ممدوح المنير: "الرسالة لم تكشف جديدا عن اتجاه الحكومة لرفع الدعم عن معظم المشتقات البترولية فهو أمر معروف، والشعب المصري لم يعد يخدع بتصريحات الرخاء وتحسن الوضع الاقتصادي التي يطلقها النظام والقرارات الوردية التي صدرت مؤخرا".
اقرأ أيضا: إلغاء بطاقات التموين.. بمصر هل بات مسألة وقت؟
الأكاديمي المصري، أكد لـ"عربي21"، أن "السيسي فقد المصداقية لدى الشعب وبين مؤيديه، ولا أبالغ فالمواطن أصبح يربط بين تصريحات الرخاء واقتراب كارثة وهو ما تكرر بالفعل".
وبين المنير، أن "غالبية الدول المتعاملة والصندوق بدعوى الإصلاح الاقتصادي أصابها الإفلاس والانهيار الاقتصادي، ولو أضفنا لذلك الإدارة الفاشلة نتيجة الحكم العسكري والفساد المطلق؛ لوجدنا أن المصريين مقبلون على فترة حالكة من الأزمات".
ويرى الباحث السياسي، أن "بعض التعديلات الدستورية الهدف الأساسي منها حماية السيسي نفسه من غضب الشعب بعد رفع الدعم وتوقع حدوث فوضى واضطرابات نتيجة الارتفاع الجنوني بالأسعار".
وقال إن "السيسي، يبني دولة احتلال مهمتها الجباية، وتدمير المجتمع لصالح فئة محدودة سيتم حمايتها خلف أسوار العاصمة الإدارية، والتي لن تتأثر بقرارات الصندوق ورفع الدعم، بل ستكون أول المستفيدين".
وشدد المنير، على أن "واجب المعارضة الآن؛ نبذ خلافاتها وتوحيد صفها وتكون بمستوى التحدي وتطلعات شعب فقد الثقة فيها".
"مغازلة المعارضة"
وحول دوافع صندوق النقد من كشف مضمون الرسالة، قال الباحث والسياسي المصري، حاتم أبوزيد: "لا نمتلك سوى التخمين لأنه ليس لدينا معلومات كافية؛ لكن ربما يكون فعل الصندوق ذلك للضغط على السيسي، كي لا يسمح له بالتراجع".
المتحدث باسم حزب الأصالة، أضاف لـ"عربي21": "وربما تكون القوى الدولية متخوفة من انفلات الأوضاع بمصر نتيجة موجة الغلاء؛ فتفعل ذلك حتى تبدو للمعارضة أنها كشفت السيسي، لهم وللشعب وأنها لم تكن حريصة عليه".
ويعتقد أبوزيد، أن الصندوق قدم تلك الرسالة "كعربون صداقة حسب ظنه للقوى الجديدة حال لم يتمكن السيسي، من السيطرة على حالة الانفلات إذا وقعت"، مضيفا "ولكن لا أظن أنها تأتي بهدف التضحية به، وكشفه أمام الشعب وإحراجه؛ فهم حريصون عليه".
اقرأ أيضا: هكذا يخدع السيسي المصريين بزيادة الحد الأدنى للأجور
ويرى أن الرسالة كشفت خبث مقصده وقد تقوض جهوده بالاستفتاء، معتبرا أنه أمر غير مقصود من الصندوق، الذي لم تضف فعلته جديدا للمصريين؛ ولكنها أتت لتأكيد المؤكد من عدم الثقة به والتشكك بنواياه، وهو ما ظهر برد فعل مبكر للمصريين على هذه الإجراءات".
وختم بالقول: إن "من يعاني من المصريين لا ولن يثق فيه، سواء كشف الصندوق أو لم يكشف، أما القلة المنتفعة التي لا تعاني فتؤيده حتى لو كشف الصندوق كل يوم أسوأ من هذا".
"رسالة للسيسي"
وقال السياسي المصري عمرو عبدالهادي: "رسالة الصندوق لم تكن كاشفة لأن السيسي، رفع الدعم بميزانية 2019، ولم يلتفت إليها المصريون، وتصريحات رفع الدعم تعددت، وصرح بها أكثر من مرة وزيرا الكهرباء والبترول عام 2018".
المحامي الحقوقي، أضاف لـ"عربي21": "لكن لظروف تعديل الدستور قام السيسي، بمخالفة شروط صندوق النقد، وزاد الحد الأدنى للأجور، وهي خطوة لا تفيد الصندوق".
وأكد أن نشر الصندوق للرسالة الآن يؤكد أنه أراد تذكير السيسي، بأن قراراته الأخيرة لا ترضيهم وأنهم أصحاب القرار بمصر، ولهذا فلن ينتظر أكثر من حزيران/ يونيو، لتعويض قيمة ما سيدفعه في رفع الأجور الذي بالأساس لم يجاري الحد الأدنى بعهد المخلوع مبارك".
واستبعد عبدالهادي، احتمال أن يقوض الكشف عن إجراءات التقشف ورفع الدعم المحتملة خطة السيسي للتوريث (تمرير الاستفتاء) أو حكم مصر حتى وفاته، مؤكدا أن "من سيعترض مصيره السجن أيا من كان".