أعلنت عدة قوى دولية
فاعلة في الملف الليبي إدانتها وتنصلها من هجوم اللواء الليبي، خليفة
حفتر على
العاصمة "
طرابلس" وما أثاره من جدل وفوضى في المنطقة، ما طرح تساؤلات
حول دلالة هذا التنصل، وما إذا كان ضغطا على الجنرال الليبي أم ممارسة سياسة
"منتصف العصا" حتى تنتهي المعارك.
وأعلنت كل من
"الولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا والاتحاد
الأوروبي والأمم المتحدة ومجلس الأمن" تنصلهم التام من عمليات
"حفتر" أو حتى معرفتهم بها قبيل اتخاذ هذه الخطوة.
وطالب رئيس الحكومة
الإيطالية، جوزيبي كونتي، قوات "حفتر" بالعودة فورا إلى مواقعها السابقة
التي انطلقت منها، في حين دعا رئيس مجلس النواب الإيطالي، روبيرتو فيكو، إلى موقف
أوروبي موحد رافضا الحلول العسكرية للأزمة الليبية.
"إجماع دولي"
وأشار وزير الخارجية
البريطاني، جيريمي هنت، إلى أن "وزراء الخارجية الأوروبيين، أجمعوا في
اجتماعهم بلوكسمبورج أمس الاثنين، على أنه لا يوجد حل عسكري في
ليبيا ودعمهم فقط
لجهود الأمم المتحدة، والتي أدان أمينها العام المعارك وطالب بالوقف الفوري لأي
تحركات عسكرية".
وطالبت السفارة
الأمريكية لدى ليبيا، جميع الأطراف بوقف التوتر على الفور، وأنه "لا يوجد حل
عسكري للصراع في ليبيا"، في حين أدان السفير الألماني لدى ليبيا، أوليفر
أوفتشا، الهجوم الجوي الذي شنته طائرة تابعة لـ"حفتر" على مطار معيتيقة
المدني".
وطالبت الممثلة العليا
للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، فيديركا موغيريني، القيادتين
السياسية والعسكرية في ليبيا إلى تحمل المسؤولية الكاملة في هذه المرحلة الصعبة
التي تمر بها البلاد.
وطرح هذا التنصل مزيدا من الاستفسارات حول: طبيعة الموقف الدولي من معارك "طرابلس"، ولماذا لم
يتخذ تصرفا حقيقيا على أرض الواقع بعيدا عن التصريحات "العنترية"؟ وهل
تنصله هذا يعني تخليه عن "حفتر" أم مسك العصا من المنتصف؟
"تنصل إعلامي فقط"
وأوضح وزير التخطيط
الليبي السابق، عيسى التويجر أن "المجتمع الدولي إما أنه يجهل حقيقة الأوضاع
في ليبيا وهو ضحية الخداع والتشويش المعلوماتي أو أن أجندته تتطلب مثل هذه المناورات
الخبيثة، فـ"حفتر" استغل قضية "المليشيات" والفساد وتوقع
استقباله من الغرب الليبي لإقناع المجتمع الدولي بالاستيلاء على
"طرابلس" لكنه فشل"، حسب كلامه.
وأضاف في تصريحات
لـ"
عربي21": "الآن وقد فشل فإن داعميه سيتنصلون منه إعلاميا فقط،
لكن في الواقع لازالت بعض الدول تدعمه ميدانيا، وهناك أنباء عن وجود غرفة دعم
"فرنسية" في مدينة غريان لهذا الهدف، خاصة أن مواقف الدول تعتمد على وضع
الحالة على الأرض"، كما قال.
"تحرك بإذن دولي"
لكن وزير الدفاع
الليبي السابق والمقيم في مدينة "بنغازي"، محمد البرغثي أكد أن
"هذه الدول التي تتنصل الآن هي التي أعطت الضوء الأخضر لقوات الجيش (قوات
حفتر) للقيام بمهمة إنهاء "الميليشيات" التي تحكم حكومة الوفاق في
العاصمة "طرابلس"، وفق معلوماته العسكرية.
وأوضح في تصريح
لـ"
عربي21" أن "هذه الدول كانت تعتمد وتعتقد انضمام الشارع في
الغرب الليبي مع قوات "الجيش" كما حدث في مدينة "بنغازي"، وهي
لا تريد للجيش أن يتجاوز المدة المحددة إتمام العملية وكذلك بدون خسائر، لكن
المؤكد أن العملية لم تتم بعد كما يريدون"، حسب رأيه.
كذب "حفتر"
وأوضح الكاتب الليبي،
عبدالرزاق العرادي أن "حفتر كذب على داعميه بأنه سيدخل "طرابلس"
بدون حرب وإذا به يعلن الحرب على طرابلس ويقصف مطارها المدني الوحيد بالطيران
ويحيطها بـ"أرتال" مدججة بكل الأسلحة وبأفراد معظمها غير مدرب عسكريا
بما يكفي، لكنه بهذا التصرف قدم خدمة للمعتدى عليه".
وتابع: "هذه
التحركات من قبل "حفتر" ساهمت في توحيد الأطراف في غرب البلاد والتي كانت
على خلاف مع بعضها البعض، وهو الآن أمام قوة ضاربة أكثر تمرسا في القتال وميزان
القوة الآن لصالح القوى المدافعة، وحفتر ضرب الملتقى الوطني في مقتل وكذلك
الترتيبات الأمنية".
وأكد في تصريحات
لـ"
عربي21" أن "كل هذه الأمور جعلت الدول تغير من مصطلحاتها وتدعو
إلى وقف إطلاق النار وبعضها إلى الرجوع إلى المواقع التي سبقت الهجوم، وكلما تأخر
حسم "حفتر" المستحيل كلما زاد الضغط عليه"، بحسب تعبيراته.
"مهلة للحسم أو الهزيمة"
وبدوره، رأى الإعلامي
من الشرق الليبي، أيمن خنفر أن "الشجب والإدانات من قبل المجتمع الدولي لا
تعني شيئا ما لم يكن هناك موقف قوي وواضح على الأرض، خاصة أن الكل يعلم أن
"حفتر" لم يقم بإطلاق عمليته العسكرية تجاه "طرابلس" إلا بعد
زيارته للسعودية ومباركة من قبل الإمارات".
وقال
لـ"
عربي21": "إن أقرب التفسيرات للعملية تتجه إلى أن كلا من
"فرنسا وأمريكا وإيطاليا" منحوا "حفتر" مدة من الوقت لإنهاء
عمليته قبل الملتقى الوطني، وهذه المدة لن تتجاوز مطلع الشهر المقبل إما الحسم أو
سيعود الأخير إلى "ثكناته""، حسب رأيه.