هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "إيكونوميست" تقريرا عن تزايد تأثير المسجد المركزي في مدينة بيرمنغهام، الذي قالت إن أثره يمتد من قاعة الدراسة إلى غرفة النوم، مشيرة إلى أن الإسلام يتحول لقوة اجتماعية في ثاني أكبر مدن بريطانيا.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه "بعد ساعات من المذبحة التي تعرض لها المسلمون في نيوزيلندا الشهر الماضي، فإن ممثلين عن خمس ديانات وقفوا أمام مسجد بيرمنغهام المركزي، وأعربوا عن تضامنهم، حيث تدفق المصلون بعد الانتهاء من صلاة الظهر، وقال الحاخام اليهودي الأرثوذكسي يوسي جاكوب: (يا ربنا احمنا واحفظنا في الحياة والأمن)".
وتقول المجلة إنه "بعد هذا الموقف عاد هذا المركز الصاخب للعمل من جديد، ففي أكبر مسجد من 200 أخرى في بيرمنغهام وحولها لا يأتي المسلمون هنا للصلاة فقط، بل لشراء الكتب والحصول على النصيحة والتعليمات في الزواج والطلاق والصلاة على موتاهم أيضا".
ويلفت التقرير إلى أنه كونهم حراسا للدين، الذي يتبعه ربع سكان بيرمنغهام، بينهم أطفل المدينة، فإن قادة المسجد يؤدون دورا متزايدا في الحياة المدنية، ويؤكدون مع بقية القادة المسلمين أن باستطاعتهم جعل المدينة مستقرة ومزدهرة، لكنهم يؤكدون في المقام ذاته أن على الآخرين قبولهم كما هم، أي كونهم نتاجا للثقافة المسلمة المحافظة.
وتعلق المجلة قائلة إن "بيرمنغهام ليست المدينة التي لا يستطيع غير المسلمين دخولها، كما زعم معلق معروف في (فوكس نيوز) في عام 2015، لكن لديها سمعة بأنها حاضنة للجهاديين؛ لأن عددا من الجهاديين قضوا وقتا فيها، وكما يرى قادة المسجد المركزي فإن السلام المجتمعي هش؛ ولأسباب لها علاقة بالتقشف والتوتر الثقافي المجتمعي".
ويورد التقرير نقلا عن نصار محمود، وهو أحد الأمناء في المسجد، قوله: "نخشى أن يؤدي التخفيض في ميزانية الشرطة إلى خروج الجريمة عن السيطرة وتحميلنا نحن المسلمون المسؤولية".
وتعلق المجلة قائلة إن "التوتر ذا البعد الطائفي يعد مشكلة، ففي الاول من آذار/ مارس تعرضت خمسة مساجد لهجمات بمطرقة قوية، ويقول حراس المجتمع المسلم في المدينة إنهم يستطيعون معالجة الجريمة والتطرف، وكما يقول رئيس المسجد محمد أفضل، إنه والمسؤولين معه قادوا الجهود لتثبيط عزيمة الشباب عن السفر إلى سوريا، وقاد المسجد حملة مع بقية الأديان ضد جرائم السكاكين في المدينة".
وينوه التقرير إلى أن المسجد يؤدي دورا مهما وحيويا في ملامح الحياة الأخرى للمدينة، ففي كل عام يأتي المئات إلى مجلس الشريعة في المسجد لحل خلافاتهم العائلية، ومعظمهم نساء راغبات في إنهاء زواجهن.
وتذكر المجلة أن نقاد مجالس الشريعة يرون أنها ازدهرت لأن الكثير من الشباب يميلون لتسجيل نكاحهم في مجلس الشريعة دون أن يسجلوه في المحكمة المدنية، ما يجعل النساء عرضة للتشرد والفقر في حال انتهى الزواج.
وتنقل المجلة عن المرأة البريطانية الوحيدة في مجلس الشريعة في المسجد المركزي في برمنغهام عمرة بوني، ردها قائلة إن المرأة الثرية قد يكون وضعها أفضل في ظل القانون الإسلامي أفضل من القانون البريطاني، وتضيف أن الكثير من الشباب يستخدمون عقد النكاح لتشريع زواج قد لا يستمر، أو ما يسمى "نكاح المواعدة".
ويورد التقرير نقلا عن المحامية المسلمة عينا خان، التي تقود حملة لتسجيل عقود النكاح كلها في المحاكم المدنية، قولها إنها غير مقتنعة بذلك، مشيرة إلى أن "نكاح المواعدة" ممارسة تخدم الذات، "لا يمكن خداع الله".
وتفيد المجلة بأن آخر الميادين التي تشهد معركة ثقافية هي الفصول الدراسية، فقد احتج الآباء على الدروس في المدارس الابتدائية التي تدرس التسامح والزواج المثلي، مستدركة بأنه رغم تأكيد وزير التعليم هذا الأسبوع أن "لا فيتو للعائلة على محتوى المقرر الدراسي"، إلا أن مستقبل تدريسه غير مؤكد.
وينقل التقرير عن التربوي طاهر علام، الذي منع عام 2015 من النظام التعليمي في بيرمنغهام بعد التحقيق في مدارس إسلامية، قوله: "يجب أن يتم التعليم مع المجتمع لا إلى المجتمع"، وأضاف أن الإسلام لا يوافق على العلاقة بين المثليين، ودافع علام عن جهوده لتدريس الإسلام في المدارس الحكومية، وقال إنها أدت إلى تحسين المعايير التعليمية.
وتبين المجلة أن تعليم الزواج المثلي كشف عن حروب الثقافة في بيرمنغهام، فأعضاء المجلس المحلي العماليون، الذين يسيطرون على السياسة، يتراوحون ما بين الأعضاء المتعاطفين مع العائلات المحتجة، وتلك العلمانية ذات الميول اليسارية التي تدعم المدارس، أما المعارضة المحافظة فهي تبدو وكأنها تقدمية، فيما يخشى المحافظون المحليون من أن يؤدي التطوير التجاري إلى تدمير "قرية المثليين" في مركز المدينة.
وبحسب التقرير، فإن "بيرمنغهام هي خليط غير منظم من أحياء ممتدة، وفي بعص الأحياء عززت الخلافات الإثنية والثقافية الانفصام بين السكان، وكما يعترف قادة المسلمين في المسجد فإن الحلقة المفرغة التي تجعل المسلمين في مناطق الاتحاد معا في المناطق التي يعدون فيها غالبية؛ لأنهم يخشون هجوما من مكان آخر، وعندما تتحول هذه المناطق بغالبية مسلمة يتركها الآخرون".
وتذكر المجلة أن منسق حوار الأديان أندرو سميث، يرى أن المستقبل واعد، حيث تجرى محاولات لجمع المجتمعات معا.
وتختم "إيكونوميست" تقريرها بالإشارة إلى أن المسجد المركزي يعد نقطة مهمة في هذا مع الكنيسة الأنغليكانية والكاثوليكية، لافتة إلى أن هذا لا يعني أن قرى المدينة وأحياءها لا تبتعد عن بعضها من الناحية الجغرافية والثقافية.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)