هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
شكل قبول الأحزاب التاريخية مثل الوفد، واليسارية مثل التجمع في مصر للتعديلات الدستورية المثيرة للجدل صدمة في الشارع السياسي المصري.
ووسط رفض المعارضة المصرية، وافق الحزبان على تعديلات دستورية أقرها البرلمان الثلاثاء، وتطرح للاستفتاء الشعبي يوم 22 نيسان/أبريل الجاري، وتمنح رئيس سلطة الانقلاب عبدالفتاح السيسي عامين إضافيين على مدة حكمه الحالية وتسمح له بالترشح لمدة رئاسية ثالثة ست سنوات حتى 2030.
وأعلن رئيس حزب التجمع، سيد عبد العال، تراجع الحزب عن موقفه السابق الرافض للتعديلات الدستورية والموافقة عليها وفقا للصياغة الأخيرة.
وأظهرت صورة لأعضاء حزب الوفد مجتمعين حول مائدة طعام بأحد مطاعم القاهرة، أثناء مناقشة التعديلات ثم إعلان موافقتهم عليها، بنسبة 93 بالمئة، ما تسبب بحالة غضب كبيرة من الحزب الأقدم بالبلاد، خاصة وأن موافقتهم تمت قبل الإعلان عن الشكل النهائي للتعديلات.
أسقطت مبادئها
وحول سقوط الوفد والتجمع بفخ التعديلات الدستورية وقبضة السلطة رغم تاريخهما؛ أكد أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر الدكتور، صبري العدل، أن "الأحزاب الحالية أسقطت مبادئها الفكرية منذ فترة، والسيطرة الأمنية عليها وعلى معظم الأشكال المؤسسية هو الدافع الرئيسي لاتخاذ تلك الأحزاب مواقف تدعم السلطة المطلقة".
الأكاديمي المصري، أضاف لـ"عربي21"، أن "اتخاذ تلك الأحزاب مواقف متناغمة مع السلطة الحاكمة بموضوعات جدلية مثل تمرير صفقة التنازل عن جزيرتي (تيران وصنافير) للسعودية؛ يأتي ظنا منها أن الاصطفاف مع السلطة بكل تصرف يبقيها إلى الأبد".
وشدد على أن السبب في تمسك هذه الأحزاب بالدوران في ركب السلطة الحالية هو أن "خروج النظام الحالي ربما يوقعها في مشكلات مستقبلية".
وأكد العدل، أنها "لم تعد تمثل كيانات سياسية حقيقية، وإنما تمثل سلسلة من المصالح معظمها شخصي"، موضحا أنها "تحتاج إعادة مراجعة لقواعدها وأفكارها؛ كونها لم تعد تمثل نبض الشارع وإنما نبض المصالح الشخصية بأحيان كثيرة".
مدجنة لصالح النظام
وفي تعليقها تساءلت الدكتورة مديحة الملواني: "هل حزب الوفد سعد زغلول، كحزب الوفد سيد البدوي، وبهاء أبوشقة؟ وهل حزب التجمع خالد محي الدين، هو حزب التجمع رفعت السعيد، وسيد عبد العال؟"، مجيبة بالنفي.
الناشطة المصرية، أضافت لـ"عربي21": "نؤكد دائما ورفاقي أن أغلب الأحزاب الموجودة بما فيها اليسارية ومنذ النشأة؛ هي أشكال ديكورية لتجميل وجه النظام، ولادعاء التعدد والحريات والديمقراطية".
وأكدت أنها "أحزاب تأخذ شرعيتها ووجودها من لجان يشكلها النظام"، موضحة أنها "أحزاب مدجنة لصالح النظام، ولا تمثل فئات الشعب"، مشيرة إلى أن "مسيرة الـ35 سنة الماضية لها تشهد على ذلك".
الملواني، أعلنت أسفها أن "الأحزاب الممثلة لفئات الشعب بشكل حقيقي ليست موجودة"، مضيفة: "ولن تكون بالمرة أحزابا علنية تمثله على المدى القريب بظل نظم فاشية عسكرية تعتمد تكميم الأفواه وتكدير المعارضة".
وحول إمكانية تدشين تجربة حزبية تمثل الشارع لا السلطة، أوضحت أنه "بهذه الأجواء يدفع الناس دفعا لتشكيل أحزابها السرية؛ وحتى هذه اللحظة هناك من المشاكل الموضوعية والذاتية التي تجعل من هذا الأمر مستحيل".
وتعتقد الناشطة السياسية زوجة الناشط المعتقل جمال عبدالفتاح، أن المصريين بصدد "معركة وعي نجاحنا فيها هو الذي سيطرح أشكال النضال والمقاومة مستقبليا"، مشيرة إلى أنها لم تنتم لتيار أو جماعة أو حزب، والذي تطمح للانضمام له لم يفرزه الواقع بعد وهو الذي ينحاز بالكامل لمن هم تحت من المنهوبين والكادحين أصحاب الحق الأصيل.
كتبا شهادة وفاتهما
وفي رؤيته أكد نائب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية مجدي حمدان موسى، أن "الوفد والتجمع لم يسقطا كما يظن البعض؛ لكنهما كانا يصدران صورة مختلفة"، موضحا أن "الإنجاز الوحيد لحزب الوفد مثلا هو الفترة التي كان يتغنى فيها برئيسيه النحاس باشا، وفؤاد سراج الدين".
السياسي المصري، أضاف لـ"عربي21"، أنه "ومع موت قيادات وفدية مثل ممتاز نصار، وعلوي حافظ، مات حزب الوفد، وبدأ اندثاره مع تعاطي رئيسه السابق (السيد البدوي) مع الأنظمة بمعارضة خادعة".
وعن حزب التجمع يرى موسى، أن "مواقف رؤسائه معروفة، ولم يقدم جديدا، حتى بعد ثورة 25 يناير 2011، تفاخر باستقبال متظاهري التحرير؛ لكن مع محاولته للبقاء تعامل مع المواقف السياسية بموقف الباحث عن المكاسب فقط".
وأكد أنه "وبالتالي فإن تغير موقفه من الرفض للتعديلات الدستورية لقبولها خير دليل على ذلك"، مشددا على أنها "أحزاب ظاهرها بخلاف باطنها، والتصويت الأخير على التعديلات الدستورية أظهر وجهها الحقيقي، وعلم المصريون أنهم لم يكونوا إلا أحزابا من الماضي".
وختم نائب رئيس حزب الجبهة حديثه قائلا: "وأعتقد أن الوفد والتجمع كتبا شهادة وفاتهما الحقيقية بمواقفهم تلك".
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، أغضبت بشدة مواقف الوفد والتجمع من التعديلات النشطاء، ووصفها الكاتب أشرف الريس، بأنها "دعارة"، وقال إن موقف التجمع أكد أن "الحزب الذي كان مُحترما تحول لمسخ"، متهما رئيسه السابق رفعت السعيد، والحالي سيد عبدالعال، بالوصول بالحزب لهذه الحالة.
مصر تحدد موعد الاستفتاء على التعديلات الدستورية.