هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثارت المكالمة التي أجراها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب مع اللواء الليبي المتقاعد، خليفة حفتر، جدلا واسعا وردود فعل غاضبة واتهامات للسياسة الأمريكية بالكيل بمكيالين والتناقض، وسط تكهنات بتأثير هذا التواصل على المشهد السياسي والعسكري في البلاد.
ورغم أن "البيت الأبيض" أكد أن المكالمة تناولت الحديث عن "استقرار وانتقال ليبيا إلى نظام سياسي وديمقراطي، إلا أن مجرد التواصل اعتبره البعض دعما ولو معنويا لحفتر الذي تشن قواته عدوانا على العاصمة "طرابلس" الآن.
وذكر المكتب الصحفي للبيت الأبيض في بيان مقتضب أن "ترامب" اعترف بدور "حفتر" المهم في مكافحة "الإرهاب" وضمان أمن موارد ليبيا النفطية"، حسب زعمه.
"تناقض"
من جهته، أكدت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، الجمعة، أن "الحل العسكري ليس هو ما تحتاجه ليبيا، وأن "الدعم المقدم لـ"حفتر" هو المتعلق بدوره في مكافحة "الإرهاب" وفقط، مثلما صرح نائب وزير الدفاع الأمريكي، باتريك شاناهان".
في حين، أكد وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، ونظيره البريطاني جيريمي هنت، التزامهما بمواصلة الجهود الدبلوماسية لوقف القتال على الأرض والعودة إلى العملية السياسية في ليبيا.
"دور تركي"
في المقابل، يقوم رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي، خالد المشري بجولات خارجية في محاولة منه لحشد مواقف دولية ترفض عدوان "حفتر" على العاصمة "طرابلس"، استكمالا لجهود تقوم بها حكومة الوفاق دبلوماسيا مع عدة دول.
اقرأ أيضا: تجدد اشتباكات طرابلس وسيطرة لـ"الوفاق" على مناطق جديدة
والتقى "المشري" خلال زيارة لتركيا بالرئيس، رجب طيب أردوغان الجمعة في إسطنبول، لبحث تطورات العدوان على المنطقة الغربية، وبحث الجهود المبذولة لتنسيق الموقف الدولي تجاه هذا الاعتداء، وسط تساؤلات عن طبيعة الدور التركي في إحداث زخم دولي للقضية.
والسؤال: هل ستثر مكالمة "ترامب" لحفتر على سير الأحداث في ليبيا؟ وماذا عن الدور التركي في مجابهة عدوان "حفتر"؟
"دعم أمريكي للجيش"
وأشار عضو البرلمان الليبي، صالح فحيمة إلى أن إعلان "واشنطن" عن المكالمة رسميا يعطي رسائل أكبر وأعمق من "المكالمة" نفسها، كونه يؤكد أن الإدارة الأمريكية قد حزمت أمرها بالوقوف في صف "الجيش" (قوات حفتر) في المعركة التي تخوضها على تخوم "طرابلس" .
وأوضح لـ"عربي21" أنه "بهذا الموقف لا يناقض "ترامب" نفسه أو سياسة بلاده كما قد يعتقد البعض، لكن يبدو أنه من خلال اطلاعه على المشهدين السياسي والعسكري في ليبيا عرف جيدا بأنه لا يمكن استصدار قرار أممي ضد عملية "الجيش" الحالية كون ميزان القوة في صالح هذا الجيش الآن"، وفق قوله.
وتابع: "الجيش سوف يدخل طرابلس إن عاجلا أو آجلا، لذلك أراد "ترامب" أن تكون له يد في استقرار ليبيا وألا يترك المجال لروسيا وفرنسا وحدهما، أما جولات "المشري" الخارجية فإن استطاع كسب تأييد بعض الدول التي يزورها فلن يساهم هذا التأييد في أكثر من إطالة عمر المعركة وليس حسمها لصالحهم".
"النفط" هو كلمة السر
وبدوره، أكد المحلل السياسي والصحفي الليبي، السنوسي إسماعيل أن "المشهد العسكري لم يتغير أو يتأثر رغم الكشف عن هذه المكالمة منذ يومين أو اكثر، ولازالت قوات حكومة الوفاق في تقدم وقوات حفتر في تراجع، كما أن سلاح الجو التابع للوفاق يوجه ضربات مستمرة لخطوط إمداد قوات حفتر وتمركزاتها".
اقرأ أيضا: المشري يلتقي أردوغان.. وترامب يهاتف حفتر
وبخصوص تغير موقف "ترامب"، قال لـ"عربي21": "أتوقع أن هناك ربما ضغوطات على "ترامب" من دوائر داعمة لـ"حفتر" كي يغير سياسة بلاده الداعمة لـ"الوفاق"، وأن الهدف قد يكون الحفاظ على مستويات إنتاج النفط لضبط توازنات السوق العالمي الذي يتعرض لضغوط بسبب عقوبات أمريكا على نفط إيران"، كما قال.
هزيمة "حفتر" وشيكة
لكن المدون والناشط الليبي، أنور الشريف قال من جانبه؛ إن "هزيمة "حفتر" وشيكة لذا لن تؤثر هذه الخطوة في الأمر عسكريا، لكن الموقف الأمريكي السياسي قد يدخل مرحلة "صمت" حتى يتم الحسم لصالح أحد الطرفين".
وأضاف في تصريحات لـ"عربي21" أن "جلب "ترامب" الملف الليبي لقاعات البيت الابيض متجاوزاً مجلس الأمن والخارجية الأمريكية هدفه منع إصدار خارطة طريق جديدة قد تحدث توازنا "جيوسياسيا" وربما تنتج أطرافا لاعبة وداعمة ومستفيدة أخرى"، وفق رأيه.
وبخصوص جولات "المشري" ودورها، قال الشريف: "رئيس مجلس الدولة يحاول جاهداً سد عجز وضعف الدبلوماسية الليبية وتجديد التحالفات القديمة القائمة على الدعم السياسي ورفع الملف الليبي لدوائر صنع القرار السياسي عالميا وتجاوز كل القوى الإقليمية اللاعبة بقوة في الحالة الليبية"، كما صرح.