هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
استطاع التيار الإسلامي، المرتبط تنظيميا بجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، تحقيق انتصارات متتالية في أقل من شهر، عقب حصده أغلبية مقاعد مجالس كل من نقابتي المعلمين والأطباء، واتحاد الجامعة الأردنية، والجمعية الطلابية لكلية الهندسة التكنولوجية "البوليتكنك".
انتصارات غاب بعضها لسنوات عدة، بعد تدخلات رسمية تمثلت بدعم مرشحين منافسين لمرشحي التيار الإسلامي، الذي خسر في السنوات الأخيرة أكبر معاقله في النقابات "نقابة المهندسين".
ففي سابقة تاريخية هي الأولى من نوعها منذ عام 1992، خسرت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن عام 2018 انتخابات نقابة المهندسين، أبرز معاقلها في النقابات المهنية الأردنية، عندما حصدت قائمة نمو (يساريون، قوميون، دولة مدنية) مقعد النقيب ونائبه.
اقرأ أيضا: كيف سُحبت نقابة المهندسين من عرين إخوان الأردن؟
وأثارت الانتصارات تساؤلات حول ما إذا أعاد الإسلاميون تنظيم صفوفهم، أو ما إذا أرخت السلطات الأردنية قبضتها عنهم، وسط تغير خارطة التحالفات في الإقليم..
من جهته، رأى أمين حزب جبهة العمل الإسلامي (الذراع السياسية لجماعة الإخوان) مراد العضايلة، أن "محاولات تغييب الحركة الإسلامية عن المشهد الأردني لم تفلح"، قائلا إن "التضييق لم ينتهِ على التيار الإسلامي، بدليل أن الأجهزة الأمنية ما زالت تدعم الأطراف المنافسة في أي انتخابات تجرى".
وقال العضايلة لـ"عربي21" إن "السلطات روجت لخطاب على مدار سنوات يكرس فكرة تراجع حركات الإسلام السياسي، لكن ما حدث مؤخرا من انتصارات كان ردا على ذلك الطرح، وإشارة إلى أن حركات الإسلام السياسي حاضرة، ومعبرة عن شعوب المنطقة ومنها الشعب الأردني، وسط غياب بدلاء مقنعين عن الحركات الاسلامية"، وفق قوله.
انتصارات متتالية
التيار الإسلامي ممثلا في كتلة "أهل الهمة"، تصدر الخميس الماضي، انتخابات اتحاد الجامعة الأردنية، أكبر الجامعات في المملكة، بعد عامين من فقدان الاتحاد لصالح كتلة "النشامى"، التي يتهمها الإسلاميون بأنها محسوبة على جهات رسمية.
بينما سيطرت قائمة "تجمع الوطنية"، التي تمثل تحالف التيار الإسلامي والمستقلين، على أغلبية مقاعد هيئات الفروع لنقابة المعلمين، وسيطر التيار كذلك على مقاعد مجلس نقابة الأطباء، إلى جانب سيطرة الاتجاه الإسلامي على خمسة مقاعد من أصل سبعة في الجمعية الطلابية لكلية الهندسة التكنولوجية "البوليتكنك".
وتأتي هذه الانتصارات للتيار الإسلامي، وسط تحسن "نسبي" للعلاقة مع النظام في الأردن، ومحاولة التقارب بعد لقاء كتلة الإصلاح المحسوبة على الحركة الإسلامية مع الملك عبد الله الثاني الأسبوع الماضي، وطرحت فيها الكتلة ما تتعرض له الحركة من تضييق.. وهو لقاء جاء بعد جفاء كبير بين الطرفين على خلفية ملفات داخلية وخارجية..
اقرأ أيضا: هل طوى لقاء ملك الأردن بنواب الحركة الإسلامية صفحة الخلافات؟
لقاء يرى البعض أنه بداية انفراجة في العلاقة مع الحركة الإسلامية، بينما يرى طرف آخر أنه لقاء روتيني، لن يشكل فرقا في حال لم يترجم إلى خطوات عملية، تتضمن إعادة افتتاح مقرات جماعة الإخوان التي أغلقتها السلطات الأردنية، تحت حجة عدم الترخيص في عام 2016، وإعادة إدارة الذراع المالية "جمعية المركز الإسلامي" للجماعة.
ورأى نائب أمين عام حزب "الشراكة والإنقاذ" المراقب العام الأسبق لجماعة الإخوان المسلمين، سالم الفلاحات، أن لقاء الملك مع كتلة الإصلاح لا يحمل رسائل سياسية، على عكس ما لو أن ذلك اللقاء كان مع قيادات في جماعة الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي.
وقال لـ"عربي21": "أخشى أن العقلية الأمنية ما زالت سائدة باستبعاد القوى الوطنية، فما الذي تحقق على أرض الواقع؟ هل أعيد افتتاح مقرات الجماعة التي أغلقت؟".
ودعا النظام السياسي في الأردن إلى "إثبات أنه قام باستدارة سياسية كاملة من خلال لقاء قوى وطنية وعلى رأسها الحراك الأردني، في وقت نحن بحاجة فيه إلى المراهنة على الجبهة الداخلية، بعد فشل المراهنة على الدول العربية ذات النفوذ والمال".
ولجأ الإسلاميون في الأردن إلى استراتيجية التحالفات في الانتخابات، البلدية والنيابية والنقابية، ليحصدوا 15 مقعدا في البرلمان تحت تحالف أطلقوا عليه "التحالف الوطني للإصلاح" في عام 2016، ضم 10 إسلاميين وشخصيات مستقلة من أطياف مختلفة، الأمر الذي انسحب على النقابات واتحادات الجامعات.
قوة التيار الإسلامي
من جهته، رأى مدير مركز دراسات الشرق الأوسط جواد الحمد، في حديث لـ"عربي21" أن "عودة التيار الإسلامي وانتصاراته ليست بالأمر الجديد، وهو تحصيل لواقع يعبر عن امتداد التيار في الشارع، إذ إنه أثبت حضوره في الانتخابات البلدية والنيابية".
وقال: "هو التيار الوحيد الذي يشكل قوام الحركة الوطنية، ليس له منافس، سواء كان التيار القومي أم الليبرالي واليساري، أم الوطني.. أما سر عودة التيار في النقابات فهو محصلة لارتفاع التصويت في النقابات ووجود تحولات داخل العمل النقابي نفسه، وليس لأبعاد وتقاربات إقليمية".
ورغم التغيرات الداخلية في العمل النقابي، واللجوء إلى استراتيجيات جديدة في التحالفات من التيار الإسلامي، فإن الملفات الخارجية وقرب الأردن وبعده عن دول تصنف جماعة الإخوان على أنها "جماعة إرهابية" ينعكس على علاقة النظام مع الحركة الإسلامية.
ويشعر الإسلاميون بأن العلاقة مع النظام أقل حدية بعد تنويع عمّان خياراتها ومحاولة الخروج من وطأة التحالف التقليدي مع دول إقليمية، عقب مواقف عربية خليجية داعمة للرؤية الأمريكية، ومحاولات سحب الوصاية الهاشمية عن المقدسات.
وكان لافتا، تقرب عمّان من دول مثل قطر وتركيا التي أرسلت وفودا رفيعة المستوى إلى عمّان مؤخرا، كان آخرها وفد قطري رفيع المستوى برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون الدفاع خالد بن محمد العطية، في مؤشر على تطور متسارع في العلاقات بين الدولتين.