"عنف سياسي" في تونس بعد استهداف قيادي بالنهضة (شاهد)

خلّفت حادثة الاعتداء الجسدي على القيادي بحركة النهضة عبد الحميد الجلاصي داخل الحرم الجامعي بكلية الآداب بتونس، حالة من السخط والاستياء بين الأوساط السياسية والنخب الفكرية، فيما دعت حركة النهضة لفتح تحقيق.

وكان الجلاصي قد شارك رفقة زميله علي العريض، في ندوة فكرية عقدتها الكلية لمناقشة موضوع "الإسلام السياسي بين المرجعية الإخوانية والخصوصية التونسية"، ليفاجؤوا باقتحام القاعة من طلبة ينتمون لليسار.

وأعلنت عدة وجوه سياسية وفكرية عن مخاوفها من عودة تصاعد موجة العنف السياسي بالتزامن مع اقتراب موعد الانتخابات، وما تشكله من تهديد للمسار الديمقراطي.

وبحسب الفيديوهات التي تداولها نشطاء من داخل الكلية، فقد رفع الطلبة ينتمون للاتحاد العام لطلبة تونس، شعارات مسيئة للقياديين وصلت حد الاعتداء بالعنف اللفظي والمادي على عبد الحميد الجلاصي في مشهد وصفه كثيرون بـ"الصادم".

وتوعد أحد الطلبة المحسوبين على التيار الشيوعي، قيادات النهضة بالعودة لدائرة  العنف السياسي قائلا: "سنعيد عنف السبعينيات" في إشارة إلى الصراع القديم بين الحركات الإسلامية وتيارات اليسار.

وسارعت حركة النهضة لنشر بيان رسمي، أدانت خلاله ما وصفته بـ "السلوك اللامسؤول الذي كشف همجية بعض الأطراف الحزبية ومعاداتهم للديمقراطية وللحق في الاختلاف، وللقيم النضالية والعلمية".

وأكدت تضامنها مع قياداتها علي العريض وعبد الحميد الجلاصي، داعية جميع الأحزاب والكتل البرلمانية للتنديد بهده الممارسات.

الجلاصي يعلق 
وتعليقا على الاعتداء الذي استهدفه شخصيا، اعتبر القيادي بالنهضة عبد الحميد الجلاصي في تصريح لـ"عربي21" أن "هناك أطرافا لم تهضم بعد ثقافة الديمقراطية والتسامح والتعايش السياسي السلمي".

واتهم الجلاصي إدارة كلية الآداب بالتواطؤ وعدم الحياد في التعامل مع مجريات الندوة الفكرية التي عقدت في رحاب الكلية وما شابها من أحداث عنف. 
  
ولفت إلى أن الوسط الأكاديمي والثقافي في تونس أضحى متعفنا ومتشبعا بثقافة الفكر الإقصائي والحقد الإيديولوجي، مؤكدا أن الطلبة الذين اعتدوا عليه هم ضحايا "دمغجة" و"غسيل أدمغة".

اقرأ أيضا: خبير تونسي يقدم وصفة للإطاحة بالنهضة.. ويثير جدلا

وتابع: "صراحة كنت أشعر بالشفقة على هؤلاء الشباب الذي يفترض أنهم جيل مثقف وواع أثناء قيامهم بالاعتداء علي، وأحمل جزءا من النخبة التي تدّعي الحداثة والتنوير بأنها ستكون عبئا على انتقالنا الديمقراطي بإجرامها في حق شبابنا".

وأكد الجلاصي على وجوب "حرق الكتب الصفراء التي تحمل أفكارا شيوعية دمرت حياة شعوب وأمم وأراقت دماء" حسب وصفه.

وختم قائلا: "لن أستأذن من أي أحد لحضور فضاء أكاديمي أو ثقافي أو رياضي عمومي، ولن تسمح لي مبادئي التي ناضلت ودفعت ثمنا باهضا لأجلها أن أضع حريتي في عهد الديمقراطية تحت أقدام فاشيين سكتوا في عهد الاستبداد حين تكلمنا نحن".   

تضامن 
وعبرت قيادات في حركة النهضة عن رفضها للاعتداءات التي طالت قياداتها في الحرم الجامعي، حيث كتب رفيق عبد السلام في تدوينة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "الأهم من كل ذلك أن هذا الحدث المريع ينبهنا مجددا إلى خطر تلك المجموعات اليسروية والفوضوية التي تشبعت بثقافة العنف والاقصاء والإرهاب..".

ودعا في ذات التدوينة إلى "عزل هذه المجموعات وفضحها وإدانة كل من يوفر لها الدعم والحماية، لما تمثله من خطر على السلم المدني وأسس العيش المشترك" .

وتفاعلت نخب فكرية وسياسية مع الحادثة حيث وصف النائب عن حزب "تحيا تونس" الصحبي فرج، الحادث بـ"المؤلم والمقزز والهمجي"، معلنا تعاطفه مع القيادي عبد الحميد الجلاصي. 

وأضاف: "ملعونة السياسة التي تشحن شباب جامعي مثقف إلى هذه الدرجة، وملعونة السياسة التي تفرق بين التونسي والتونسي لمجرد الاختلاف في الانتماء، وملعونة السياسة التي قد تضع أي شخص منا في يوم من الأيام في مثل هذا الموقف".



وعلق الباحث عادل بن سالم: "مشكلتنا أنّ فينا من يواجه الإسلام السياسي بما يستبطن من عداء، لا بسعي إلى التمحيص والتدقيق.. لابدّ أن نقضي عليهم جميعا، إن لم يكن بالسجن والقتل فبما أمكن: شيطنتهم ووصمهم...يا إخوانجي..".



ووصف الإعلامي زياد الهاني الحادثة بـ"الصدمة"، مؤكدا في تدوينة له على ضرورة محاسبة المسؤولين عن الاعتداء وطردهم من رحاب الجامعة بعد تدنيسها.

وتابع: "الخزي والعار لكل الذين حاولوا تبرير الاعتداء المشين أو سكتوا عن إدانته، وللهمج المعتدين الذين تتوجب مقاومتهم هم ومن يحركهم بالقانون، قبل أن يستفحل خطرهم ويُدخلوا البلاد في دوامة من العنف والدم..".

اقرأ أيضا: السبسي لا يتمنى أن يرى رئيسا "نهضويا" لتونس