هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ما تزال تداعيات توزيع "كراتين" سلع غذائية على الناخبين في الاستفتاء على تعديلات الدستور بمصر، تلقي بظلالها على حزب "مستقبل وطن" الذراع السياسي لنظام عبدالفتاح السيسي، الذي تورط في توزيع "ملايين" الكراتين إلى جوار لجان الاستفتاء.
وطغت مشاهد توزيع "الكراتين" بشكل فج على مشاهد الاستفتاء، الذي استمر ثلاثة أيام من 20 إلى 22 أبريل/ نيسان الجاري، وسط انتقادات جمعيات حقوقية، ومنظمات مجتمع مدني، والمعارضة بالداخل والخارج، واعتبروها عملا يخل بعملية الاستفتاء، وبشرعية نتائجها.
وأعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر موافقة 88.83% من الناخبين لصالح التعديلات الدستورية، بينما رفضها 11.17%، في حين بلغت نسبة الأصوات الباطلة 3.6%، فيما بلغت نسبة المشاركة في التصويت على الاستفتاء 44% من الناخبين الذين يحق لهم التصويت.
وتنصل حزب "مستقبل وطن" من اتهامه بتوزيع "الكراتين"، وقالت قيادات الحزب عبر مداخلات تلفزيونية، وتصريحات صحفية إن "ما يثار حول توزيع الحزب "لكراتين" للحشد، مصدره "الجماعات الإرهابية"، في إشارة لجماعة الإخوان المسلمين.
ورطة "مستقبل وطن"
إلا أن مصدر إعلامي داخل الحزب كشف لـ"عربي21" أنه "بعد تزايد الانتقادات من قبل أجهزة المخابرات للحزب (الأمني)، لجأت قيادات الحزب إلى اتهام حزب يساري تحالف مع جماعة الإخوان في انتخابات 2011، بالقيام بشراء وتوزيع الكراتين، ونشر الخبر عبر الصحف والمواقع".
وأضاف المصدر: "لكن الحزب عدل بيانه، واتهم حزبا آخر لم يسمه، في بيان، تم توزيعه على معظم المواقع الإلكترونية والصحف، بعنوان "حزب معارض ديمقراطي موالٍ للإخوان اشترى كراتين لتوزيعها باللجان ونسبها بالزور للدولة".
اقرأ أيضا: خبراء: السيسي تلاعب بنتيجة الاستفتاء على طريقة "مبارك"
وزعم البيان، الذي نشر في اليوم الأخير للاستفتاء، أن أجهزة الدولة تمكنت من التعرف على اسم هذا الحزب، (لم يسمه) وسيتم تتبعه خلال الساعات القادمة، كما تعتزم لجنة شئون الأحزاب فحص أوراقه تمهيدا لحله بعد ما ثبت عمله على تشويه صورة الدولة المصرية بالخارج وترديد شائعات ليست صحيحة عما حدث بعملية الاستفتاء".
واقعة الحزب المزيف
وأكد المصدر أنه "بعد مرور عدة أيام على صدور البيان، لم يتم الكشف عن الحزب المزعوم الموالي لجماعة الإخوان، وكان المقصود هو حزب الدستور (ليبرالي)، ولم تجتمع لجنة شؤون الأحزاب لفحص أوراق أي حزب خلال الفترة الماضية، كما زعم البيان، ما أدى تفاقم الأزمة داخل حزب مستقبل وطن، وتحميل رئيسه أشرف رشاد المسؤولية".
وكشف مصدر صحفي مطلع لـ"عربي21" أن هناك تعليمات صدرت للقنوات التي تهيمن عليها أجهزة المخابرات التابعة لمجموعة (إعلام المصريين) بعدم استضافة قيادات حزب مستقبل وطن، لحين انتهاء الأزمة التي تسبب فيها الحزب للدولة المصرية في الداخل والخارج".
ولم يجد رئيس الحزب بدا من الدفاع عن نفسه عبر كتابة منشور على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" قبل يومين، اتهم فيه البعض بربط المساعدات الإنسانية بالتعديلات الدستورية، قائلا: "لعلهم هذه المرة حبكوا صياغة الاتهام فى ربطه بالتعديلات الدستورية واتهامات العبث بحاجات الشعب وكأننا لأول مرة نشارك في عمل مجتمعى أي خدمة لشعبنا الذي يستحق او إنه اول اتهام لنا".
إلغاء الاستفتاء
وعلق رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام " تكامل مصر"، مصطفى خضري، بالقول: "إن فضائح تزوير الانتخابات كانت فجة بكل المقاييس، وثقها المواطن الصحفي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام العالمية بتوزيع الكراتين، وإجبار الناخبين على المشاركة، والعديد من الممارسات الفاضحة الكفيلة بإلغاء الاستفتاء وتنحي النظام".
وأضاف لـ"عربي21": "لكن نظام السيسي -كدأب كل الأنظمة الديكتاتورية القمعية- يحاول الإلتفاف على الأمر عن طريق التضحية بحزب مستقبل وطن ككبش فداء وتحميله وقياداته كل الجرائم التي حدثت بصفته الحلقة الأضعف في سلسلة النظام".
اقرأ أيضا: صناديق الزيت والسكر تفضح استفتاء تعديل الدستور بمصر (صور)
وأوضح أن "مع فشل السيسي في صناعة حزب سياسي محترف؛ ليكون ظهيرا شعبيا لسياساته تحول حزبه الأثير - مستقبل وطن (لسويتش) اتصال يتلقى أوامر من جهات أمنية وسياسية متعددة، وكل جهة لها أهدافها وتوجهاتها المختلفة، فتحولت سياسات الحزب إلى مسرح عرائس، وهو ما أدى لهذا المشهد العبثي الذي رأيناه في الاستفتاء.
تداعيات مخزية
ووصف المتحدث باسم الجمعية المصرية الأمريكية للديمقراطية وحقوق الإنسان، سعيد عباسي، تداعيات واقعة توزيع الكراتين "بالمخزية"، قائلا: "حال كل موقف مخز للعسكر وأذنابهم من حزب مستقبل وطن، الذي يتحرك بتعليمات المخابرات، وبعد زيادة النقد العالمي للرشوة الانتخابية حاول العسكر إلصاق التهمة بالاخوان".
وأضاف لـ"عربي21": إلا أن الصور والفيديوهات التي وثقتها المعارضة ووسائل الإعلام المحلية والعالمية أظهرت مشاركة عربات الجيش في توزيع "الكراتين"، وفضحت الكذب الفج للنظام، ولم يستطيعوا نفيه، فتم توجيه الأمر لرئيس الحزب بالاعتراف، وأن الكراتين هي ضمن أنشطة الحزب الخيرية قبيل الشهر الفضيل رمضان".