هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
عاشت مدينة سيدي بوزيد على وقع حادثة
مأساوية، إثر وفاة 12 امرأة من عاملات الفلاحة، بعد اصطدام شاحنة كانت تقلهن للعمل
بأخرى، لتخلف الحادثة حالة من السخط بين أهالي المدينة، وسط اتهامات للحكومة
بالتقصير بحق هذه الفئة المهمشة.
وأعلنت المحافظة المنكوبة عن دخولها
في إضراب عام، واحتجاجات لأهالي المنطقة، رفعوا خلالها شعارات تطالب بإسقاط الحكومة، والقصاص للنساء ضحايا الفقر والتهميش والسياسيات الاقتصادية والاجتماعية الفاشلة.
"عبيد الأرض"
وأكد الناشط السياسي وابن سيدي بوزيد
الأمين البوعزيزي، في تصريح لـ"عربي21"، أن المدينة شهدت مسيرات احتجاجية
من تنظيم الأهالي واتحاد الشغل، للتعبير عن غضبهم من غياب مظاهر التنمية في
المنطقة، رغم الوعود الحكومية.
وأوضح أن الحالة الاجتماعية المزرية
للنساء دفعت بهن للخروج إلى العمل في الحقول،
في ظروف أقل من الإنسانية؛ من أجل لقمة العيش، ولفت إلى أن "شاحنات
الموت" لا تزال تواصل حصد أرواحهن في ظل غياب أي رادع قانوني أو حكومي.
وأكد "انتشار ظاهرة العبودية
والمتاجرة بالنساء بأبخس الأثمان في القطاع الفلاحي بهذه المنطقة،
حيث يستغل أصحاب الشاحنات الوضع الاجتماعي الهش لهاته الفئة الفقيرة؛ لإجبارهن على العمل
"كعبيد للأرض" بأسعار زهيدة، ونقلهن في شاحنات معدة لنقل الحيوانات".
وقال إن العزلة التي تعيشها القرى
الداخلية وغياب أبسط مقومات الحياة والبنية التحتية المهترئة يهدد بارتفاع نسب
الفقر والجوع، وسط غياب تام للدولة.
حوادث متكررة
وتتكرر حوادث انقلاب الشاحنات المعدة
لنقل عاملات الفلاحة بشكل شبه يومي، حيث عاشت مناطق داخلية من محافظات القيروان والقصرين
حوادث مماثلة منذ أيام أدت لسقوط جرحى، دون أن تحرك الحكومة ساكنا.
ووجهت جمعيات حقوقية نسوية أصابع الاتهام
لحكومة الشاهد، محملة إياها مسؤولية تكرار مآسي حوادث عاملات الفلاحة.
ونددت جمعية "أصوات نساء"، في بيان تلقت "عربي21" نسخة منه، بتهاون الحكومة، ممثلة في وزيرة
المرأة، وذكّرت الجمعية باتفاقية عقدتها
الوزارة المذكورة مع اتحاد الشغل ومنظمات وطنية أخرى منذ 2016.
وتهدف هذه الاتفاقية إلى وضع جدول زمني
لشروط تنظيم نقل العمال في القطاع الفلاحي، والعمل على إحداث كراس شروط لنقل
العاملات من النساء في هذا القطاع، لكنها لم تدخل حيز التنفيذ.
وأكد مدير المنتدى التونسي للحقوق
الاقتصادية والاجتماعية، عبد الرحمن الهذيلي، أن المنظمة رصدت خلال السنوات الأربع الماضية، وفاة أكثر من 22 عاملة فلاحة، وجرح 450، نتيجة نقلهن في ظروف غير آمنة.
وتابع لـ"عربي21": "القوانين
التي وضعتها الدولة لحماية هذه الفئة المهمشة أثبتت عجزها وقصورها على حماية
النسوة، في ظل غياب إرادة سياسية للتصدي لجميع أشكال الاستغلال المادي والجسدي لهن".
وتفاعل نشطاء تونسيون مع حادثة وفاة
عاملات الفلاحة، حيث ضجت مواقع التواصل بصور وتدوينات تلخص الواقع المرير الذي
تعيشه تلك الفئة من النساء.
وكتب الصحفي عماد شطارة: "شاحنات
الموت في بلد خاضت نخبته معارك لتحقيق المساواة بين المرأة و الرجل، ونسيت أن
تطالب أولا بالمساواة بين النساء".
وتساءلت ابتسام هميلة: "قوارب
الموت... شاحنات الموت... مستشفيات الموت... مصانع الموت ..لماذا كثرت فيك دروب
الموت يا وطني؟".
ودون الناشط محمد الصحبي: "عندما
تموت الحرائر في بلدي قهرا وظلما.. عندما
يموت الفقير باحثا عن لقمة سدّ الرمق وترفل في الحرير تجّار الديّن وتجّار الدّم.. عندما يتحوّل الوطن إلى غابة أرخص ما
فيها روح البشر".