هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قالت صحيفة "واشنطن بوست" إن أقارب المعتقلين السعوديين بدأوا بالتعبير عن مخاوفهم من مصير المعتقلين، بعدما ضربت السلطات ستارا من الصمت حولهم.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن أريج السدحان، اتخذت القرار الصعب، وهو الحديث علنا عن مصير شقيقها، بعد اختفائه لعدة أشهر، وبعد الصمت الرسمي المربك حول مصيره، والشائعات حول تعرضه لانتهاكات؛ أملا في أن يؤدي حديثها إلى تركيز الضوء على قصته.
وتلفت الصحيفة إلى أن السدحان قررت أن تتحدث للمؤسسات الإخبارية، وأن تضع منشورات على الإنترنت؛ أملا في أن تدفع هذه النشاطات الحكومة السعودية للكشف عن مصير شقيقها عبد الرحمن السدحان (35 عاما)، العامل في مجال الإغاثة والمعتقل منذ عام، رغم أن الحكومة السعودية تحاول ثني العائلات، وبقوة، عن الحديث علانية عن المعتقلين.
وينوه التقرير إلى أن أريج السدحان تخشى من انتقام السلطات ضد شقيقها، حيث لا يستبعد أن يؤدي قرارها إلى فيضان من الإهانات التي يضعها المدافعون عن المملكة على الإنترنت.
وتنقل الصحيفة عن أريج، قولها في مقابلة أجرتها الصحيفة معها في كاليفورنيا حيث تعيش: "حاولنا كل شيء ممكن.. شعرت أن الأبواب كلها مغلقة في وجهي".
ويشير التقرير إلى أنها ليست وحيدة في قلقها، ومحاولاتها معرفة مصير الأعزاء الذين اختفوا في سجون النظام، فعلى مدى العام الماضي قام عدد من السعوديين، الذين شعروا بالاستياء من طول مدة اعتقال أقاربهم، وغياب التهم الموجهة إليهم، بتجاهل المفهوم القديم المعروف في السعودية، وهو أن العائلة المالكة ترد على المطالب الخاصة أكثر من الحديث علانية والضغط عليها.
وتورد الصحيفة نقلا عن عدد من الأقارب، قولهم إنهم قرروا التحدث للإعلام، وعبر الوسائل المتاحة لهم، بعدما فشلوا في الوصول إلى مسؤولي الحكومة عبر الأبواب المغلقة.
ويجد التقرير أن حالة الإحباط التي يعانون منها هي نتاج الصدمات التي تركتها سياسات الأمير محمد بن سلمان، الذي تحولت البلاد في عهده إلى ديكتاتورية أكثر مما عهد السعوديون، حتى مع تخفيفه القيود الاجتماعية.
وتقول الصحيفة إن السير الذاتية للمعتقلين وعائلاتهم تكشف عن سعة حملات القمع التي قام بها محمد بن سلمان، التي بدأت في أيلول/ سبتمبر 2017، وقادت إلى اعتقال عدد من الأشخاص لمعارضتهم الأمير، أو لمواقعهم الاجتماعية، أو لأسباب لا تعرف، وتعد لغزا لعائلاتهم وللرأي العام.
وبحسب التقرير، فإن عائلات المعتقلين ترى أن طريقة اتخاذ القرار في السعودية لم تعد واضحة، ومخاطر الصمت على ما يجري هائلة، مشيرا إلى أن أقارب للمعتقلين قالوا إن مقتل الصحافي جمال خاشقجي في تشرين الأول/ أكتوبر 2018، بطريقة وحشية، لم يتخيل أحد وقوعها، سرع من قرارهم للتحدث علانية، فيما بررت الحكومة السعودية هذا الفعل الشنيع بأن العملاء الذين أرسلوا للقبض على الصحافي خالفوا الأوامر.
وتنقل الصحيفة عن بعض الأقارب، قولهم إنهم ابتعدوا عن السياسة، وحاولوا عدم لفت انتباه الأمن إليهم، فيما قرر آخرون التحدث نيابة عن أفراد العائلة الذين كانوا ناشطين معروفين.
ويورد التقرير نقلا عن محللين، قولهم إن الاعتقالات هي وسيلة من ولي العهد لإرسال رسالة لمن تسول لهم أنفسهم بمعارضته، أو طريقة لترضية المؤسسة الدينية، التي شعرت بالقلق من التغيرات الاجتماعية، التي دعا إليها محمد بن سلمان.
وتستدرك الصحيفة بأن سعة الاعتقالات خلقت صداعا للقيادة السعودية، خاصة أن مجموعة متزايدة من الأقارب بدأت في تسليط الضوء على الاعتقالات بطريقة كانت تفضل الحكومة بقاءها بعيدة عن الأضواء، لافتة إلى أن أقارب المعتقلين كلهم قالوا إنهم يريدون الحفاظ على علاقاتهم مع بلدهم، رغم قرارهم التحدث علانية عن أوضاع أقاربهم المعتقلين.
ويفيد التقرير بأن عائلات لم تذكر استهدافا من سلطات الأمن لمن يعيشون في الداخل، مع أن البعض، مثل أريج السدحان، لا يعرفون أثر حديثهم على المعتقلين أنفسهم، مشيرا إلى أن إخوة الناشطة لجين الهذلول اتهموا بتشويه سمعة المملكة في الخارج بعدما بدأوا في توعية الرأي العام حول ما حصل لها، ومزاعم تعرضها للتعذيب.
وتلفت الصحيفة إلى أن عالية الهذلول، شقيقة لجين، ردت على سعودي اتهمها بنشر الأكاذيب، قائلة في تغريدة على "تويتر": "تحدثنا للسلطات المتخصصة كلها، ولم نحصل على رد"، وأضافت أن التقليل من شأن مزاعم التعذيب "ليس في مصلحة الأمة"، وكانت حريصة على عدم انتقاد الحكومة، قائلة إن البعض داخل مؤسسة الأمن ربما خرق القانون.
ويذكر التقرير أن المسؤولين السعوديين نفوا تعذيب المعتقلين، مستدركا بأن التحدث عن مصير الأقارب جعل المدافعين في عين الإعلام، وتحولوا إلى منافحين عن قضية بشكل زاد من أعبائهم.
وتنوه الصحيفة إلى أن عالية هي أم لولدين، تعيش في بروكسل، وتعمل في شركة للطاقة، أما أريج السدحان فتعمل في شركة تكنولوجيا، وقالت: "لم أكن ناشطة أبدا"، وكانت تدعم حق المرأة في قيادة السيارة قبل مغادرتها المملكة منذ عقد، لكنها لم تتوقف عن متابعة السياسة في بلدها، و"ركزت على دراسة الماجستير وحياتي، وعلي الآن متابعة التغيرات وما يحدث هناك".
ويفيد التقرير بأن أحمد الفتيحي (26 عاما) في مدينة جدة كان يفكر بمستقبله عندما اعتقلت السلطات والده الطبيب البارز وليد الفتيحي في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، وكان من ضمن عدد من رجال الأعمال والأمراء الذين اعتقلوا في فندق الريتز، وقال أحمد: "حاولنا مناشدة الحكومة، وحاولنا بالوسائل كلها".
وتقول الصحيفة إنه مثل والده، يحمل الجنسية الأمريكية إلى جانب جنسيته السعودية، وقال: "وقمنا بعمل كل شيء بشكل خاص؛ تجنبا للفت النظر"، وأضاف أن المحامين منعوا من زيارة والده الذي لم توجه له تهم، وبعد وصول تقارير عن تعرض والده للتعذيب، أجبر على الخروج والحديث عما يجري له، واتصل مع وسائل الإعلام، وقدم شهادة في الكونغرس بعد اتصاله بأعضائه.
ويجد التقرير أن هذا كله رغم أن أصدقاءه وأقاربه في السعودية طلبوا منه عدم التحرك، فقال: "كانوا خائفين.. لم أحصل على إذن، ولست سعيدا في عمل هذا، وكل ما أريده هو الإفراج عن والدي وجمع شمل العائلة".
وتستدرك الصحيفة بأنه رغم عدم وجود ضمانات لكون الحديث استراتيجية فاعلة، إلا أن أساليبهم تركت أثرا، خاصة في قضية الفتيحي، التي قالت الحكومة الأمريكية إنها طرحت موضوعه مع المسؤولين السعوديين.
ويشير التقرير إلى الناشطة ملك الشهري التي اعتقلت في الماضي لالتقاطها صورة في شارع في الرياض دون العباءة التقليدية، لكن زوجها أيمن الدريس، المتخصص في اللغة، الذي التقته بعد خروجها من السجن، لم يكن ناشطا، والذي كان يضع أفلاما على "يوتيوب" وغير ذلك، ولم يكن راغبا في التورط في أي مشكلات، واعتقل هذا الشهر مع عدد آخر من الأشخاص دون إبداء أي سبب.
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أن ملك الشهري سارعت في نشر أخبار عن حالة زوجها، وتم تحذيرها، مثل غيرها، من عمل هذا الأمر حتى لا تتأثر حالته، لكنها تقول إن الصمت لم يحقق شيء، و"لا نعرف ما نفعل، ونريد المساعدة ونحن مرتبكون.. لكنني أعرف أن أيمن شخص لا يريد أن ينسى".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)