هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في الثامن والعشرين من شباط (فبراير) الماضي، نشر المستشار القضائي للحكومة «الإسرائيلية»، أفيحاي مندلبليت، «لائحة الاتهام» التي بعث بها لرئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو بعد عامين من التحقيقات المتعلقة بشبهات فساد أحاطت به، والتي اشتملت على اتهامات ب«تلقي الرشوة، والاحتيال، وخيانة الأمانة». وكان قد قرر أن يخضع نتنياهو لجلسة استماع في نهاية تموز (يوليو) المقبل، إلا أن محاميه طلبوا تأجيلها لنهاية أيلول ( سبتمبر)، لكن مندلبليت رفض الطلب.
لائحة الاتهام هذه، كشفت بصورة جلية بعض الأكاذيب التي روج لها الصهاينة وأعوانهم حول طبيعة «النظام السياسي» في الكيان وحول «الديمقراطية الأكذوبة» فيه، وهما ما ينظر إليهما بعض العرب وبعض الفلسطينيين على أنهما «نموذج» للحياة السياسية يحتذى به!، فقد كشفت هذه «اللائحة» عن جانب من أداء الحكومات «الإسرائيلية»، والعلاقة بين رؤوس الأموال ورؤساء الحكومات.
يذكر هنا أن أربعة من رؤساء الحكومات «الإسرائيلية» واجهوا شبهات فساد، هم: إيهود باراك، أرئيل شارون، إيهود أولمرت، وبنيامين نتنياهو. وقد نجا منهم اثنان، باراك وشارون، بينما أدين أولمرت وسجن، وينتظر نتنياهو المحاكمة.
وقد اعتبر نتنياهو، وكذلك حزبه (الليكود)، أن تقديم «اللائحة» قبل أربعين يوماً من موعد إجراء انتخابات الكنيست بمثابة «ملاحقة سياسية» له مقصود بها إسقاطه في الانتخابات. كان ذلك جوهر الحملة الدعائية التي ركز عليها نتنياهو وحزبه، لكن المحلل السياسي في صحيفة (معاريف)، بن كسبيت، سخر من هذا الادعاء في مقال له قائلاً لنتنياهو: «إن جميع الضالعين في التحقيقات هم رجالك».
وأضاف: «حان الوقت كي تستوعب أن من يلاحق بنيامين نتنياهو هو بيبي أو العكس! لقد انفلت من لجامك، ووقعت ضحية نهمك الخنازيري وبخلك المريض وطمعك اللانهائي بمزيد من القوة وسيطرة على ديمقراطية تدوس عليها»!
وفي مقال له في صحيفة (هآرتس- 2019/3/1)، فضح كبير المحللين في الصحيفة، ألوف بن، حقيقة الوضع الذي تعيشه الحكومة في ظل نتنياهو، وكذلك حقيقة نتنياهو نفسه.
وكتب: «لائحة الاتهام التي أرسلها مندلبليت، تظهر نتنياهو كما يتصرف خلف أبواب صندوق الزجاج في مكتبه وفي مقره الرسمي في شارع بلفور: بخيل، طماع، تحركه شهوة السلطة الجامحة». وأضاف يقول: «قراءة الوثيقة تلزم بإعادة كتابة كتب المدنيات والاجتماعيات، حيث يتضح أن في «إسرائيل» سلطة مزدوجة، فوق المنصة تلعب أمامنا مؤسسات مثل الكنيست والحكومة والأحزاب ووسائل الإعلام، لكن السلطات الحقيقية موجودة خلف الكواليس»! ويتابع بن ألوف: «هناك تعمل القوى الحقيقية: أصحاب رؤوس الأموال الذين يدخلون على رئيس الحكومة متى يريدون، يوجهون التغطية الإعلامية طبقاً لمصالح (الشخص الكبير)، موظفون يعتبرون موظفي دولة ويعملون كخدم للزعيم، سماسرة يربطون بين المال والقوة، وكل ذلك مغلف بتصريحات كاذبة ومناورات مضللة»!! وينهي مقاله بالقول: «مثل الحكم المزدوج، العلني والسري، أيضا نتنياهو يعرض عرضين: من جهة، الإيديولوجي الذي اختير من أجل حكومة يمين قوية لا تتنازل عن (المناطق)، الصديق المقرب لزعماء الدول العظمى الذي يضمن ل «إسرائيل» الأمن والازدهار. ومن جهة أخرى، الأزعر السياسي الذي يرى في كل ما يعرض سلطته للخطر مبعوث (اليسار الخطير) الذي يتآمر من أجل تحويل «إسرائيل» المزدهرة إلى مقبرة عسكرية»!!
تلك هي «إسرائيل واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط»، وأولئك هم حكامها، وهذا هو نتنياهو «آخر ملوك إسرائيل»! أكاذيب وزعران فاسدون ومستبدون! وعودة إلى بن كسبيت، الذي يرى أن ليس نتنياهو هو الذي سيحاول من الآن فصاعدا، أن يتهرب من القانون ليفلت من العقاب، بل «جهاز القانون هو الذي سيحاول التهرب من قبضة نتنياهو»!!.
وفي مقاله الذي نشره على موقع «المونيتور»، يرى أن نتنياهو خلال سنوات حكمه الطويلة «يعكف على تنفيذ انقلاب تاريخي وفي مركزه تحطيم وسائل الإعلام، وإضعاف جهاز القضاء وإخضاعه للسلطة، وهرس حراس العتبة والمواطنين المسؤولين الآخرين»! ويضيف: «ويبدو الآن أنه لا يوجد أحد بإمكانه إيقافه، وحتى إنه لا يوجد أحد سيحاول القيام بذلك»!!.
عن جريدة الخليج الإماراتية