هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "جورنال دي ديمونش" الفرنسية حوارا مع الأديب المصري علاء الأسواني، تطرّق من خلاله إلى مدى شرعية النظام المصري وإلى تداعيات التعديل الدستوري الجديد على البلاد.
وقالت الصحيفة، في حوارها الذي ترجمته "عربي21"، إن الروائي المصري يعتبر من بين أشهر الكتاب المصريين بعد نجاح روايته "عمارة يعقوبيان".
وفي الوقت الحالي، يُمنع الروائي المصري من نشر أعماله في مصر لاسيما بعد فوز السيسي يوم الثلاثاء الماضي في استفتاء من شأنه أن يسمح له بالبقاء في السلطة حتى سنة 2030. ومع ذلك، يظل الكاتب المنفي في الولايات المتحدة متفائلا.
وفي إجابته عن سؤال الصحيفة بشأن أهداف السيسي من التعديل الدستوري الأخير الذي يخوّل له البقاء في السلطة إلى حدود سنة 2030، أفاد الروائي بأن "هذا القرار لا يعتبر تغييرا بقدر ما هو تدمير للدستور.
فقد اشترى النظام أصوات الفقراء مقابل قسائم شراء المواد الغذائية. كما أننا نملك مقاطع فيديو تبيّن إيقاف الشرطة لحافلة تحمل على متنها طلبة، حيث قامت بافتكاك بطاقات هويتهم لتجبرهم على التصويت. وقد شهد الموظفون والعاملون بالشركات السيناريو ذاته.
وفي تعليقه على سؤال الصحيفة عما إذا كان السيسي يعتبر ديكتاتورا أم لا، أكّد الأسواني أنه لطالما كان كذلك، خاصة بعد أن صرّح بأنه لن يصبح رئيسا على الاطلاق وبأنه لن يبقى في السلطة لأكثر من ثماني سنوات.
وفي سؤال الصحيفة عما إذا كانت الأوضاع الحالية تعد أسوأ من تلك التي شهدتها البلاد من قبل في عهد حسني مبارك أو محمد مرسي، أجاب الأسواني بأنها كانت "أقل سوءًا" في فترة حكم مبارك.
اقرا أيضا : هكذا علق الأسواني على حوار السيسي مع CBS
ولا يعتبر مرسي أفضل حالا، لأنه في ظل وجود نظام فاشي عسكري رهيب يمتلك الأفراد الذين يخدمونه مصالح في علاقة بالسلطة، في حين تتسم الفاشية الدينية بتعقيد أكبر.
وأضاف الأسواني أن "السيسي يعتبر الأسوأ على الإطلاق، فقد التقيته مرتين فقط في حياتي. كانت الأولى في نيسان/ أبريل 2011، حين شغل منصب رئيس الاستخبارات العسكرية حيث أخبرني أشياء جميلة عن الثورة وقصصت عليه في المقابل رواية "لافونتان" حين ثارت الحيوانات في الغابة وأطاحت بالفيل السابق، مبارك، بمساعدة أحد الأسود.
وأثناء الليل، لمح أحد القرود الأسد وهو يتحدث مع الفيل للتفاوض بشأن منصبه... وتعكس هذه القصة الطريقة التي يستمر من خلالها النظام.
أما فيما يتعلق بسؤال الصحيفة عن رأيه بشأن إصرار نظام السيسي على أنه بصدد تطوير البلاد وتكريس الديمقراطية، أورد الروائي المصري أنه "عندما قام جمال عبد الناصر بانقلاب سنة 1952، استخدم الحجة ذاتها، فقال إن الأمر سيستغرق فقط ستة أشهر، بيد أن الجيش لا زال في السلطة إلى اليوم".
وفي حديثه عن السبب وراء مقاضاته في محكمة عسكرية بتهمة إهانة الرئيس والقوات المسلحة والمؤسسات القضائية المصرية، قال الأسواني إن "ذلك كان بسبب روايتي ومقالاتي التي وضّحت من خلالها سبب معارضتي للدكتاتوريات العسكرية.
وتعتبر العقلية العسكرية التي تطبّق على حكومة مدنية، على غرار عهد الناصر والسادات ومبارك والسيسي، أمرا كارثيا! لقد وقع نشر كتابي في تونس ولبنان والمغرب فقط.
وحين تطرّقت الصحيفة إلى هوية الأطراف التي تعد قادرة على تجسيد المعارضة والصمود في وجه نظام السيسي، أكد الأسواني أن "المعارضة تعتبر غائبة في مصر إما بسبب الخوف وهو ما يعتبره الأسواني سمة إنسانية، أو لأنه زج بالمعارضين في السجن.
فعلى سبيل المثال، تعرّض الشاب محمود محمد إلى السجن لمدة سنتين دون محاكمة على خلفية ارتدائه قميصا كتب عليه "مصر دون تعذيب".
لقد أعاد السيسي بناء جدار الخوف الذي كان قائماً قبل سنة 2011، وهو الآن يشكّل خطرا كبيرا لأنه مصاب بجنون العظمة ويحتاج إلى مهاجمة جميع العالم".
وتساءلت الصحيفة عما إذا كانت ثورات الربيع العربي الجديدة التي تظهر اليوم في السودان والجزائر تثير قلق الرئيس، فأجاب الروائي المصري بأن هذا الأمر لا يثير قلق السيسي فقط، بل يؤرق داعميه بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
وتحاول المملكتان إعاقة جميع الثورات المضادة في العالم العربي، لأنهم لا يفهمون أن هناك جيلًا جديدًا يدعو إلى التغيير، علما بأن نسبة 60 بالمئة من سكان العالم العربي تقل أعمارهم عن 40 سنة".
وفي سياق متصل، قال الأسواني: "أنا متفائل للغاية، فكلما ظهرت محاولات لإحباط ثورة ما، تبدأ ثورة أخرى في بلد آخر بقيادة جيل آخر.
ومن المحتمل أن تشهد مصر موجة ثورية جديدة في الأيام القادمة. ومن الواضح أن شعبي السودان والجزائر قد اعتبروا من أخطاء الثورة المصرية إذ أننا لم ندرك جيدا أن الثورة المضادّة تتجسّد في الجيش".