هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يطرح تقدم النظام السوري مدعوما بغطاء جوي روسي في مناطق مشمولة باتفاق "خفض التصعيد" في شمال غربي سوريا، تساؤلات عن مصير التفاهمات السياسية التركية- الروسية في الملف السوري.
وتبدو تركيا المعنية الأولى بنتائج التصعيد، حيث بدأت حدودها مع إدلب تشهد زيادة في تدفق أعداد النازحين، الأمر الذي يدفعها إلى المبادرة بتحركات لوقف الهجوم، أو منع توسيعه ليشمل مناطق كثيفة بالسكان.
ويبدو أن ما يجري من تقارب تركي- أمريكي على ملف المنطقة الآمنة شرق نهر الفرات، قد زاد من حدة التباين في علاقاتها مع روسيا.
وفي الإطار العام، لا تزال تركيا تعلق آمالا على اتفاقاتها السياسية مع روسيا، غير أن مصادر تركية كشفت عن خطوات عسكرية تقوم بها أنقرة على الأرض، من بينها دعم الفصائل العسكرية بالسلاح الضروري لوقف الهجمات.
وفي هذا السياق، أكد المحلل السياسي التركي، المقرّب من "حزب العدالة والتنمية"، الدكتور يوسف كاتب أوغلو، في تصريح إعلامي له، مساء أمس الخميس، أن تركيا بدأت فعلا بتقديم دعم حقيقي لفصائل المعارضة، مشددا على أن "تركيا لن تسمح باجتياح إدلب".
اقرأ أيضا: الأسد يُشرك مجندين جددا وعناصر المصالحات بمعارك إدلب
وتابع قوله، أن "أمن تركيا اليوم بات مهددا، وتركيا تصمت لكنها لن تسكت".
وقال إن "الموقف التركي واضح من وراء دخولها في تفاهمات مع روسيا، أي تركيا كانت تريد الوصول إلى الحد الأدنى من وقف إطلاق النار، لكن الآن لم يتبق من تلك الاتفاقيات غير الحبر على الورق".
وأضاف كاتب أوغلو، أن "روسيا تغامر بخسارة تركيا، الشريك القوي، في حال واصلت التصعيد على إدلب، وهناك 3 ملايين شخص اليوم معرض للإبادة المطلقة في إدلب".
ومتفقا مع كاتب أوغلو، ذهب الكاتب الصحفي التركي عبدالله سليمان أوغلو في حديثه لـ"عربي21" إلى اعتبار أن مسار أستانا عمليا قد انتهى فعليا على الأرض.
وأضاف أن "النظام يقصف ويحرق الحجر والبشر، ويتقدم ويسيطر، ولا يردعه لا اتفاق ولا رادع".
وبالمقابل أكد أوغلو، أن على تركيا كطرف ضامن المعارضة، التزاما قانونيا وأخلاقيا، لجهة الحد من القصف المتوحش، ووقف الهجوم البري، معتبرا أن على أنقرة أن تعلن عن انتهاء مسار أستانا، وأن تكون في حل من كل التزام وتعهد تجاه الضامنين الآخرين، في حال عدم توقف العمليات العسكرية.
والخميس، طالب رئيس"هيئة التفاوض العليا"، نصر الحريري، تركيا بالتحرك لوقف مجازر إدلب، بوصفها دولة ضامنة في "أستانا" ولها دوريات على الأرض.
اقرأ أيضا: واشنطن بوست: التصعيد في إدلب ينذر ببداية المعركة الأخيرة
وقال "الحريري" في مؤتمر صحفي في مدينة عينتاب التركية: إن "تركيا تقوم بجهود كبيرة من أجل وقف هجوم قوات الأسد على المنطقة، وتفعيل الالتزام باتفاق سوتشي الموقع مع روسيا في أيلول الماضي".
عضو الهيئة السياسية في "الائتلاف الوطني السوري" المعارض، ياسر الفرحان، أكد بدوره أن حماية المدنيين هي مسؤولية المجتمع الدولي، معتبرا أنه "لو قامت الأمم المتحدة بواجباتها الصحيحة، لما لجأت الأطراف إلى أستانا".
وقال لـ"عربي21"، إن "الأفضل اليوم أن يعود ملف إدلب إلى الأمم المتحدة، لكن لتفعل شيئا، لا لتترك هذا الملف ينام".
الفرحان الذي أكد أنه لم يشارك في الجولة الأخيرة من المحادثات التي عقدت في العاصمة الكازاخية نهاية الشهر الماضي ولم يعد ضمن وفد المعارضة، أضاف أن "السوريين تعرضوا للمجازر قبل بدء مسار أستانا، ولم تتدخل لا الأمم المتحدة ولا مجلس الأمن - المعطل من قبل روسيا - بالشكل الكافي لإنقاذهم".
وقال، لم تنتج أستانا تفاهما كاملا مع روسيا، كما كانت تطمح الأطراف، والمعارضة اختارت الذهاب إلى هناك لأنه الخيار الأقل سوءا من بقية الخيارات السيئة أيضا.
وفي السياق ذاته، حذر الفرحان من عواقب كارثية لاستمرار الهجوم البري على إدلب، وقال إن "ما يجري خطر على السلم والأمن الدولي، لأن تدفق أعداد كبيرة من النازحين سيخرج الأزمة من نطاق الجغرافيا السورية".
وعن الخيارات المتاحة لدى المعارضة، أشار إلى ضرورة التركيز على تكثيف الضغط السياسي في مجلس الأمن الدولي بالضغط على روسيا من قبل المجتمع الدولي، ومن خلال تقديم مشاريع القرارات باعتبارها طرفا في النزاع، الأمر الذي يمنعها من استخدام "الفيتو" حسب ميثاق الأمم المتحدة.
عسكريا، رأى الفرحان، أن على الفصائل أن تعيد رص صفوفها تحت قيادة واحدة، منهيا بالقول إن "خسارة معركة لا تعني هزيمة الثورة، خصوصا أن النظام اليوم بوضع منهار ويرزح تحت أزمات اقتصادية وأمنية، وهو بالهجوم على إدلب يحاول تصدير أزماته إلى مناطق وصفوف المعارضة".
يذكر أن قوات النظام، أحرزت تقدما في ريف حماة الشمالي، حيث تمكنت من السيطرة على بلدات عدة، بفعل سياسة الأرض المحروقة التي أجبرت الفصائل على الانحسار، والأهالي على النزوح.