هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
رسمت التدابير الجديدة المتخذة
في مخيم المِيّة وميّة جنوبي لبنان، علامات استفهام حول مصير المخيمات الفلسطينية
كافة، في ظل حديث يدور عن تذويب تدريجي لها يبدأ أولا بخطوات سريعة لنزع سلاح الفصائل
كافة، و فتح مخافر شرطية داخلها وصولا إلى تقليص مساحاتها الجغرافية، تحت عنوان "إزالة
التعديات على أراض خاصة".
وشهد مخيم الميّة وميّة تفكيكا
للحواجز التابعة لحركة فتح، ونقل الأسلحة المتوسطة والثقيلة إلى عين الحلوة، وتجميع
السلاح الخفيف من الفصائل كافة داخل مخازن مقفلة، ومنع أي مظاهر عسكرية، وفي حال حدوث خروق، فإن
الجيش اللبناني "سيتدخل لحسم الأمر وإعادة الأمن والاستقرار ونزع السلاح
بشكل نهائي".
وتأتي هذه التدابير استجابة لطلب
من الأجهزة اللبنانية بضرورة نزع السلاح في المخيم، بعد تضرر البلدات المجاورة لا
سيما بلدة المية ومية -ذات الأغلبية المسيحية- من الاشتباكات الأخيرة قبل أشهر، بين
حركة فتح وحركة أنصار الله المدعومة من حزب الله.
ودعا رئيس بلدية المية ومية رفعت
أبو سابا إلى استكمال هذه الخطوة الأمنية بإعادة "أراضي مواطنين كانت قد ضمت إلى
المخيم إبان الحرب الأهلية اللبنانية"، وتشير أوساط حكومية إلى أن التوافق
حصل فعلا بين الأقطاب اللبنانية على تعويض أصحاب 28 عائلة فلسطينية مقابل إخلاء
منازلها المشيّدة على أراض خاصة، و تضيف بأن لا أزمة في مسألة التمويل وهي ميسرة
من خلال الاتحاد الأوروبي، حيث يتوقع أن يتعهد الأخير بدفع المبالغ اللازمة بعد
إجراء مسح وحصر شامل للأراضي والمنازل.
"الخطوة أمنية"
واعتبر القيادي في حركة فتح منير
المقدح، أنّ الاشتباكات الأخيرة في مخيم المية ومية أفقدت ثقة الكثيرين في ضبط
الوضع الأمني ومنع التفلت بين حين وآخر، مشيرا في تصريحات لـ"عربي21" إلى
أنّ "المناطق المجاورة عبرت عن استيائها من تكرّر الاشتباكات وتضرّرها من
النواحي كافة".
ونفى المقدح أن تكون الخطوة التي
اتخذت في المية ومية مقدمة لخطوات مماثلة في مخيمات أخرى، وقال: "تعمل لجنة الحوار
الفلسطيني- اللبناني على بلورة صيغ ومبادرات تهدف إلى ضمان التواصل الإيجابي والسليم
بين اللاجئين الفلسطينيين والجانب اللبناني، وذلك من خلال ضمان الحقوق والواجبات
المتبادلة".
وحول الحديث عن تجاوز الخطة
المتبعة في الميّة وميّة مسألة البعد الأمني، رفض المقدح "ما يشاع عن وجود
أبعاد غير أمنية في مسألة إزالة المظاهر المسلحة، وضبط مسألة السلاح".
وتناول المقدح الدور الفلسطيني
في لبنان، قائلا: "ما يعنينا بالدرجة الأولى، المحافظة على أمن المخيمات
والجوار اللبناني"، مضيفا: "نضع أنفسنا دائما بتصرف القانون، ولا بدّ
للحكومة اللبنانية من إعادة النظر في رؤيتها للوجود الفلسطيني، وذلك على أساس شامل
لا يقتصر فقط على الرؤية الأمنية".
وأمل المقدح في أن تثمر
"الحوارات الفلسطينية- اللبنانية إلى اعتماد صيغة ترضي مختلف الأطراف، وتضمن
للاجئين حقوقهم الإنسانية".
وردا على سؤال بخصوص الأوضاع في
أكبر مخيم للفلسطينيين في لبنان وهو عين الحلوة، بيّن المقدح مدى معاناة آلاف
اللاجئين من الحرمان والبطالة، وأشار إلى أنّ "المعاناة الاقتصادية التي تصيب
لبنان ترخي بظلالها على المخيمات بشكل أفدح، حيث تشير الأرقام الى أنّ نسبة
البطالة بلغت في صفوف الأهالي 70%"، لافتا إلى أن "الوضع الأمني بات ممسوكا
في عين الحلوة، رغم بعض الخروقات التي تؤثر على السياق العام".
ماذا بعد؟
وتحدثت مصادر في اللجنة الشعبية
في مخيم المية ومية لـ"عربي21" عن "ارتياح أهالي المخيم من معالجة
قضية تفلت السلاح، والتوصل لصيغة تضمن عدم تجدد الاشتباكات داخل المخيم مرة جديدة، وتهديد الأهالي وترويعهم وتكبيدهم خسائر مادية وبشرية"، وأضافت أن
"الدافع الأول هو إصرار الأجهزة الأمنية اللبنانية على المضي في تجريد المخيم
من السلاح، بعدما تعهد رئيس الجمهورية ميشال عون بمعالجة الوضع الأمني، في معرض رده
على شكاوى البلدات المجاورة التي تتأثر مع كل جولة اقتتال يشهدها المخيم".
وكشفت المصادر أن "الجانب
اللبناني تراجع عن قراره تجريد المخيم من السلاح، لاعتبارات خاصة بالقضية، وتمّ
الاتفاق على سحب الأسلحة الثقيلة، وعملت حركة فتح على نقلها إلى مخيم عين الحلوة،
كما وضعت الأسلحة الخفيفة في مخازن مع ضمان عدم الوصول إليها، أو حتى استخدام الزي
العسكري".
وأشارت اللجنة الى أن"المخاوف
كبيرة لجهة محاولة تصفية القضية الفلسطينية من خلال ضرب قضية اللاجئين، خصوصا أن المعطيات
تشير إلى نوايا سحب السلاح الفلسطيني في المخيمات كافة، بما ينسجم مع خطة صفقة
القرن".
اقرأ أيضا: عون: لن يبقى للبنان وجود إذا بقي فيه الفلسطينيون والسوريون