هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يرى مراقبون أن الحكومة اليمنية المعترف بها، أبدت ردة فعل ضعيفة من إعلان الحوثيين إعادة الانتشار في ميناءي الصليف ورأس عيسى، وميناء رئيسي يحمل الاسم ذاته لمدينة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، بشكل أحادي منذ يومين.
وتلخص موقف الحكومة الشرعية بتغريدات مسؤولين فيها على منصات التواصل الاجتماعي، وصفوا انسحاب الحوثي بالأحادي الذي لا يعدو كونه مسرحية هزلية، تناقض التفاهمات الخاصة بالحديدة التي تنص على أن تشرف لجنة ثلاثية "حكومية وحوثية وأممية"، وهو مالم يحدث.
وطرحت التطورات الأخيرة في الحديدة تساؤلات مهمة حول الثابت والمتغير في خطوة الجماعة الحوثية التي حظيت بمباركة من قبل البعثة الأممية في اليمن.
لا قيمة لها
من جانبه، جدد رئيس فريق إعادة الانتشار التابع للحكومة، اللواء صغير بن عزيز، موقفهم الرافض لما جرى في اليومين الماضيين.
وقال اللواء بن عزيز عبر موقع تويتر، الاثنين، إن "أي خطوة أحادية ليست ذات قيمة ما لم تتم الإجراءات وفقا لما تم الاتفاق عليه في مفهوم عمليات إعادة الانتشار من حيث "المسافات ،والرقابة المشتركة، والتحقق، وخرائط الألغام، وإزالة كافة المظاهر المسلحة والمشرفين ( قيادات حوثية تسير الوضع في الموانئ)".
وأضاف في تغريدة ثانية: "قوات خفر السواحل الأساسيين هم "من التحقوا بالخدمة وفق القانون"، بالإضافة إلى استبعاد المليشيات من كل مرافق الدولة وفقا للقرارات الدولية، وعودة الطواقم الإدارية لعملها، والنازحين، وفتح الطرقات، وتشغيل المنشآت الاقتصادية.
ولوح بموقف حكومي رافض لأي تلاعب بما وصفه "مفهوم اتفاق ستوكهولم".
نفوذ الحوثي باقيا
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي، إن الثابت في الحديدة هو "بقاء نفوذ الحوثيين ورسوخه في المدينة متسلحا هذه المرة بتغطية كاملة من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، في ظل صمت غير مفهوم من جانب التحالف العسكري السعودي الإماراتي وموقف عديم الأثر للحكومة الشرعية".
وأضاف في حديث خاص لـ"عربي21": "يبدو أن حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي تلقت تعليمات بعدم التصعيد حتى على المستوى السياسي ضد التداعيات الخطيرة للانسحاب الصوري للحوثيين، والذي لا يتطابق مع روح اتفاق الحديدة وتفاهمات استكهولم وقرار مجلس الأمن رقم 2451.
واعتبر التميمي أن الخطوة الحوثية الجديدة لا تختلف كثيرا عن الانسحاب الذي قامت بتنفيذه في شباط/ فبراير الماضي، من ميناء الحديدة.
وأشار الكاتب اليمني إلى أن القوات الأمنية والطاقم الإداري يعملون في الموانئ الثلاثة تحت إشراف الحوثيين.
وأكد أنه بات بوسع الحوثيين أن يضمنوا حصانة مستدامة لهذه الموانئ من أي عمليات عسكرية، في ظل الإشراف المرتقب للأمم المتحدة على الموانئ، ووعود جدية بإعادة تأهيلها، وذلك يعني زيادة في الحركة التجارية، وعوائد مالية ضخمة ستذهب إلى ميزانية الحرب الحوثية.
وذكر السياسي التميمي أن الأمم المتحدة أظهرت انحيازا غير منطقي إلى جانب الحوثيين، وربما أرادت بذلك تحقيق إنجاز على ارض الواقع. لافتا إلى أن هذا الإنجاز ما كان ليتحقق لولا هذه الخطوة من جانب الحوثيين، الذين أظهروا منذ البداية عدم نية صريحة بالانسحاب من الحديدة.
وحسب المتحدث ذاته، فإن جماعة الحوثيين اختارت الطريقة الملائمة لتنفيذ انسحابهم الصوري الذي لن تترتب عليه نتائج قد تؤثر على وجودهم في المدينة، وأعني بذلك انتقال إدارة المدينة والموانئ للسلطة الشرعية.
وأوضح التميمي أن الجماعة نفذت مهلة الرباعية، وتجنت موقفا سلبيا من جانب مجلس الأمن، وخففت من حجم الضغوط المفروضة على إيران. لكن ذلك، لن يضمن السلام في الحديدة كما في اليمن، مع بقاء الحوثيين ندا للسلطة المعترف بها دوليا. على حسب قوله.
ارتباك ورسائل
وفي الشأن ذاته، أكد رئيس تحرير صحيفة " الوسط" اليمنية (محلية أسبوعية الصدور)، جمال عامر، أن موقف حكومة هادي المرتبك من الانسحاب من موانئ الحديدة الثلاثة، بما فيه التعبير عن رفضه لهذا الأجراء، ما لم تكن مشاركة فيه، هو الثابت في الأمر.
وقلل عامر في حديث خاص لـ"عربي21" من أهمية الموقف الحكومي، والذي قال إنه لا يمثل أي أهمية تذكر، ما لم يكن مسنودا من أبوظبي والرياض، المنشغلتين بما يجري من تصعيد في بحر الخليج.
وأشار الصحفي اليمني إلى أن هناك سوابق كثيرة فيما له علاقة برفضها لكثير من المسارات، إلا أنها سرعان ما ترغم على القبول بها. في إشارة منه إلى الحكومة اليمنية الشرعية.
وبحسب عامر، فإن اجتماع عمان الاقتصادي ليس بعيدا عن قرار الانسحاب، وإنما يجري بالتوازي معه، حيث من المقرر أن تحتضن العاصمة الأردنية اجتماعا بين الأطراف اليمنية؛ لبحث البنود الاقتصادية الخاصة باتفاق الحديدة، بينها إدارة إيرادات الموانئ الثلاثة في المدينة.
وذكر أن قرار ما سلطة صنعاء -حسب وصفه- بعث برسائل مهمة إلى "الشعب اليمني وأبناء مدينة الحديدة بأن التعنت ليس من الداخل، وأن هذه التنازلات هي لمصلحة البلد ورمي التبعات على التحالف الذي تقوده الرياض وحلفاؤه في الداخل.
ووفقا لرئيس تحرير صحيفة الوسط المحلية، فإن ذلك لا يعني إسقاط ورقة تآمريه كان يراد لها أن تمر عبر مجلس الأمن، بل تم إحراقها.
وبين أن التنازل الحوثي جاء بحثا عن إنجاح مشاورات السويد للوصول إلى حل سياسي، عقب تصعيد إيراني أمريكي يهدد بحرب غير مسبوقة في الخليج، بعد أن نشر كل منهما أسلحته الفتاكة.
تزامن ذلك، يقول الصحفي "عامر"، مع اتهامات أمريكية ساقها وزير الخارجية الأمريكي، عن استخدام طهران لما تسميه أذرعتها، وألمح إلى جماعة "أنصار الله" بتهديد أمن الملاحة الدولية، وضرب مصالحها.
وزاد على ذلك بأن الرد الحوثي على تلك الاتهامات، باتجاه التهدئة في أهم منطقة حيوية تعد أحد منطلقات تهديد الملاحة الدولية، وهو ما يثبت سيادة سلطة صنعاء، أي الحوثية، على قرارها واستقلاله عمن يحاول ربطه بإيران.
وحول موقف الأمم المتحدة المتهمة بالانحياز للجماعة الحوثية، أجاب الكاتب والصحفي اليمني بأن المنظمة الدولية عبر مبعوثها تعلم بنود الاتفاق، فهي من قامت بصياغته كنتاج لتوافق الأطراف، وحينما يشرف على تنفيذ الانسحاب الحوثي رئيس بعثتها في الحديدة فهو تأكيد على أنه تم وفق الخطة. موردا أيضا ترحيب الحكومة البريطانية بخطوة الحوث، عبر وزير خارجيتها، معتبرة ذلك بـ"المشجع" .
وأردف بالقول إن أي توجه للأمم المتحدة هو نتاج لتفاهمات الدول الكبرى مع ما تمتلكه من مساحات للعب لابتزاز الطرف القادر على الدفع. وفق تعبيره.