هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد مختصون وخبراء مصريون أن استمرار خروج مصر من التصنيفات الدولية المعنية بجودة التعليم، سواء الجامعي أو قبل الجامعي، يعكس حالة الفشل التي يواجهها التعليم على يد نظام الانقلاب العسكري، الذي لم يضع التعليم على جدول اهتماماته، سواء في الموازنات الحكومية أو الخطط التنموية.
وكانت مصر خرجت بشكل نهائي من المؤشرات الأولية لجودة التعليم في تقرير التنافسية العالمية لعام 2019، بعد أن احتلت المركز 139 من بين 140 دولة في تقرير عام 2018، وهو ما يتزامن مع تصريحات أدلى بها وزير التعليم المصري طارق شوقي، قبل أيام، عن حاجة وزارته إلى 11 مليار جنيه (643 مليون دولار)، كموازنة إضافية لاستكمال مشروع تطوير التعليم، وإلا فإن الوزارة سوف تغلق أبوابها.
وربط الخبراء الذين تحدثوا لـ "عربي21" بين تصريحات الوزير المصري، وتزايد الأنباء التي تحدثت عن تعديل وزاري وشيك على الحكومة الحالية، سوف يكون في مقدمته تغيير وزير التعليم، بعد التصريحات التي أثارت البلبلة من جانب، وبعد فشل مشروع تطوير التعليم الذي أعلنه رئيس نظام الانقلاب عبد الفتاح السيسي، في مؤتمر الشباب الذي عقده في تموز/ يوليو 2018.
وأكد الخبراء أن هناك العديد من الشواهد التي تؤكد انهيار منظومة التعليم المصري، سواء على المستوى الفني والتعليمي، أو الأخلاقي والتربوي، ما أثر بالسلب على اعتماد الشهادات المصرية في الخارج، وتراجع الطلب على خريجي الجامعات المصرية.
من جانبه، يؤكد عضو البرلمان المصري السابق عزب مصطفي لـ "عربي21" أن تراجع التعليم المصري لا يختلف عن باقي القطاعات الأخرى التي تشهد تراجعا ربما يصل في بعضها لحد الانهيار، مثل قطاعات الزراعة والصحة والصناعة، وهو نتيجة طبيعية لحالة الانهيار السياسي الذي تعيشه مصر منذ الانقلاب العسكري الذي قام به السيسي عام 2013.
ويوضح مصطفى أن الانقلاب اتخذ عدة إجراءات أدت لتدمير التعليم من المنبع، من بينها التحفظ على مئات المدارس الخاصة المتميزة، ووضعها تحت إشراف الحكومة، انتقاما من المعارضين للانقلاب العسكري، بالإضافة لاعتقال وتشريد وطرد آلاف المعلمين المتميزين للسبب السابق ذاته.
ويشير مصطفى إلى أنه تعرض شخصيا لهذه الإجراءات، حيث تم التحفظ على المدرسة التي يمتلكها، وبعد أن كانت في مقدمة المدارس على مستوى محافظة الجيزة، لاعتمادها على نظم الجودة العالمية، وتراجع مستواها في ظل الإدارة الحكومية، وهو ما ينطبق على غيرها من المدارس الخاصة، وتحول الجميع لمدارس حكومية فاشلة، وهو ما أثر بالسلب على مستوى الطلاب الذي انتقلوا من التعليم الأساسي للتعليم الجامعي.
ويضيف البرلماني السابق أن النظام العسكري لن يعمل على نهضة التعليم المصري؛ لأنه يعلم جيدا أن الشعب المتعلم يهدد وجود الأنظمة المستبدة والفاسدة؛ ولذلك فهو يقوم بتخريب التعليم في مختلف مراحله، وعلى كل مستوياته، بدءا من المدارس ثم المناهج والمدرسين، وحتى على مستوى الطلاب أنفسهم.
حكم بالإعدام
ويستعرض الخبير في شؤون التعليم محمد عطية في حديثه لـ "عربي21"، عدة أحداث شهدها قطاع التعليم مؤخرا، تؤكد أنه يجب أن يكون خارج كل التصنيفات الدولية والإقليمية، من بينها فضيحة رئيس جامعة القاهرة خلال الاستفتاء على التعديلات الدستورية التي جرت في نيسان/ أبريل الماضي.
ويضيف عطية قائلا: "جامعة القاهرة التي تعد الأكبر والأقدم في المنطقة العربية، قام رئيسها بتقديم رشاوى علنية للطلاب من أجل مشاركتهم بالاستفتاء، منها زيادة درجات الرأفة للطلاب الراسبين، ثم الفضيحة الأخرى في كلية طب بنها، حيث منحت الكلية درع التفوق والتميز للمطرب الشعبي شعبان عبد الرحيم، الذي أضر الذوق العام بأغانيه المبتذلة".
ويشير الخبير التعليمي إلى أن هذه الحوادث مجرد نماذج لحالة التعليم المصري، الذي حكم عليه نظام الانقلاب العسكري بالإعدام، عندما وضعه تحت إشراف الأجهزة الأمنية، والمخابرات الحربية، وبدلا من أن تهتم الإدارات التعليمية بالأبحاث العلمية، اهتمت بملاحقة الأساتذة والطلاب المعارضين للانقلاب، وتحولت الجامعات من محاريب للعلم إلى ساحات للتجسس وتصفية الحسابات.
سوق العمل
ويؤكد أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، أيمن النجار، لـ "عربي21"، أن السيسي توسع في إقامة المدن السكنية والمشروعات العقارية، من بينها ما أطلق عليه مدن الجيل الرابع، ورغم كل هذه المشروعات باهظة التكلفة، إلا أنها لا تضم جامعة جديدة، أو حتى مباني لجامعات قديمة. وفي الوقت ذاته، فإن موازنات التعليم تشهد تراجعا واضحا، مقابل زيادة الإنفاق في مجالات أخرى ليست بالأهمية ذاتها.
ويشير النجار إلى أن كثرة أزمات المنظومة التعليمية أدت لخروج التعليم بشقيه من معدلات الجودة والتنافسية، وهو ما سيكون له تأثير كبير على اعتماد الشهادات المصرية، بالدول الأخرى التي تطبق معايير الجودة العالمية، كما أن ذلك أدى بالفعل لتراجع الطلب في سوق العمل على خريجي الجامعات المصرية، والذين بات عليهم معادلة شهاداتهم بالبرامج الأخرى المعتمدة عالميا حتى يكون لهم وجود في سوق العمل الخارجي.