هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "ذا هيل" المتخصص في شؤون الكونغرس، مقالا للباحث المتخصص في الشؤون الدفاعية دانيال ديبيترس، يقول فيه إنه بعد ثماني سنوات من الاقتتال الطاحن في الحرب الأهلية والحرب بالوكالة الدائرة في سوريا بدأت بالتباطؤ في حدتها، لكن، للأسف، هذا لم يمنع واشنطن من تقديم مقترحات ستجر أمريكا أكثر إلى الحرب، في وقت يجب عليها فيه المغادرة.
ويشير الباحث في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه "في 1 أيار/ مايو، قامت مجموعة دراسة نظمها الكونغرس بإرسال تقريرها المبدئي لقائد الأكثرية في مجلس الشيوخ متتش ماكونيل (جمهوري عن كينتاكي)، حددت فيه الخطوط العريضة للاستنتاجات التي توصلت إليها والخيارات السياسية، وفي الوقت الذي يناورون فيه بتعليق انسحاب القوات الأمريكية من شمال شرق سوريا، إلى زيادة الضغط الاقتصادي والسياسي على نظام الأسد، فكان التقرير بشكل عام دعوة لزيادة التدخل الأمريكي في الحرب".
ويلفت ديبيترس إلى أن "المشاركين في المجموعة يطالبون أمريكا بأن تضاعف جهودها، و"تحويل الانتصار ضد تنظيم الدولة إلى فشل"، فهم يريدون إبقاء القوات الأمريكية مرتبطة في سوريا إلى أجل غير محدد، وتحويل مهمتها إلى بناء الدولة، والحفاظ على السلام بين القوات التركية والأكراد، وهذا كله مع بناء حكومة سورية بديلة من الصفر تحت رعاية أمريكية".
ويفيد الكاتب بأن "مؤلفي التقرير يسعون إلى شغل أمريكا في حرب طويلة ومكلفة أخرى، ومهمة بناء دولة في الشرق الأوسط".
وينوه ديبيترس إلى أن "هناك حوالي 400 عضو كونغرس في المجلسين يتعاطفون مع طرح التقرير، وفي 20 أيار/ مايو تم إرسال رسالة للرئيس ترامب، مستخدمة تعابير طنانة خاصة بواشنطن، مثل (القيادة) و(الحزم)؛ لتشجيع ما يمكن تفسيره على أنه تورط طويل الأمد لأمريكا في سوريا وتحويل لمهمتها".
ويرى الباحث أن "هذه الرسالة تمثل الكلام الفارغ الذي يتداوله دعاة التدخل منذ بداية الحرب الأهلية في سوريا عام 2011، وباختصار: الروس والإيرانيون فاعلون سيئون، والإرهابيون مستمرون في هجماتهم، وأمريكا تحتاج إلى مضاعفة الجهود والرد على الجبهات جميعها، لئلا يتشجع خصومها".
ويقول ديبيترس: "الأمل هو أن يقوم الرئيس بإلقاء هذه الرسائل في سلة القمامة، حيث مكانها الصحيح، والحقيقة القاسية هي أنه مهما كانت الحرب بشعة للشعب السوري -وكانت فعلا كارثة كبيرة- إلا أن سوريا لم تكن يوما مهمة استراتيجيا لأمريكا كما يدعي دعاة التدخل".
ويشير الكاتب إلى أن "نظام الأسد كان خصما لأمريكا قبل الحرب والقصف، وغالبا ما سيبقى خصما لها بعد نهاية الحرب، ولدى أمريكا ثلاث مصالح أمن قومي في الشرق الأوسط: العمل على تجنب أي إعاقة لعمل منتجي النفط لضمان إمداد السوق بما يكفي من النفط، ما سيبقي أسعار النفط مستقرة، ومنع الهيمنة على المنطقة ومصادرها، وحماية الشعب الأمريكي من الإرهاب العابر للدول".
ويجد ديبيترس أن "أيا من هذه الأهداف لا يعتمد على الشخص الذي يحكم في دمشق، أو عدد الجنود المنتشرين في صحراء منعزلة مثل معسكر التنف، سوريا ليست جائزة لأي قوة خارجية، وإدارة حربها الأهلية، وإعادة البناء ستتطلبان مئات مليارات الدولارات على مدى جيل، ما سيشكل عبئا كبيرا، بالضبط مثلما استنزفت العراق وأفغانستان قوة أمريكا كلها".
ويبين الباحث أن "من يعارضون انسحاب القوات الأمريكية سيحاولون استخدام ألعاب الخطابة كلها، مدعين أن مثل تلك المغادرة اعتقاد (خاطئ) بتحقيق الأهداف، لكن دقة هذا الكلام كدقة القول بأن واشنطن مدينة للأكراد السوريين بالحماية، في الوقت الذي يجب فيه على الأكراد في الواقع شكر أمريكا لاستخدام الطيران للمساعدة في استعادة الأراضي من تنظيم الدولة، الذي كان يشكل تهديدا لمجتمعهم".
ويقول ديبيترس: "يجب علينا ألا نخدع أنفسنا بالنسبة لسوريا، فهي دولة سيئة، وسبقى الجهاديون المحليون، الذين لديهم مظالمهم الخاصة، في الأراضي السورية لزمن طويل، وسنسمع أخبارا عن تفجيرات انتحارية، وإطلاق نار، وكمائن ضد المدنيين والقوات الكردية مع الجيش السوري لسنوات، بالإضافة إلى أن الحكومة السورية ستبقى معتمدة على روسيا وإيران، كما فعلت لعقود".
ويستدرك الكاتب قائلا: "لكن، إن فشل صناع القرار الأمريكي في إدراك معنى النصر في هزيمة تنظيم الدولة -وحرمانه من فرص استقطاب جهاديين من أنحاء العالم- سيكون النصر صعب المنال لأمريكا، ولن يغادر جيشها أبدا، ولدى أمريكا أولويات أمن قومي أكثر أهمية في عالم يتحرك فيه مركز ثقل التنافس الجيوسياسي نحو آسيا والهادي، وعلى واشنطن ألا تستثمر في المزيد من الأرواح والمال والاهتمام في بلد أطلق عليها الرئيس ترامب أرض (الرمال والموت)".
ويعتقد ديبيترس أن "احتمال أن تتحقق جهود أمريكا في مكافحة الإرهاب أكبر من خلال سياسات أكثر فعالية، والطريقة لحماية الشعب الأمريكي ليست بالدخول في انتشار عسكري لا نهاية له واحتمالات نجاحه ضئيلة، وبإمكان أمريكا مراقبة الإرهابيين واستهدافهم في أنحاء العالم كله، دون وجود قوات أرضية دائمة، كما تستطيع أمريكا رعاية علاقات تبادل الاستخبارات بين أمريكا وشركاء في المنطقة، التي أبطلت في السابق العديد من المخططات".
ويذهب الباحث إلى أنه "مع أن واشنطن لا تعترف بذلك، إلا أن بشار الأسد كسب الحرب الأهلية، وإيران وروسيا هما صاحبتا المشكلة السورية، فلماذا على أمريكا أن تتحمل العبء بدلا منهما؟".
ويقول ديبيترس: "يجب على ترامب أن يتبع حدسه الأصلي ويخرج من سوريا، وبدلا من منع الأكراد السوريين من التوصل إلى حلول خاصة بهم، فإنه يجب على أمريكا أن تفسح المجال للأكراد ليتفاوضوا مباشرة مع نظام الأسد، والتوصل إلى اتفاق معه، بالإضافة إلى أنه يمكن لواشنطن أن تستخدم بطاقات الضغط الدبلوماسي التي تملكها في سوريا؛ لتشجيع حماية الآخرين الذين يواجهون الصعوبات في سوريا ما بعد الحرب".
ويختم الكاتب مقاله بالقول: "لكن، لا ينبغي لأي من هذه الأهداف إعاقة الانسحاب الأمريكي من سوريا، لقد تم القضاء على (الدولة الإسلامية)، وعلى البلدان ذات الشأن الآن أن تقوم بعملية تنظيف البقايا".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)