هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "لوبوان" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن سعي الصين إلى تشكيل تحالفات مع مختلف دول العالم وخاصة الإفريقية منها، في إطار تطوير مبادرة الحزام والطريق.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه من أجل إنجاح "مبادرة الحزام والطريق" خلصت الصين إلى ضرورة تفسير مدى فاعليتها لشركائها. وخلال الفترة الممتدة بين 25 و27 نيسان/ أبريل، بذلت الصين كل ما بوسعها لإقناع دول أفريقيا وطمأنتها بشأن الآثار التي قد تترتب عن مبادرتها "طريق الحرير الجديد".
وخلال المنتدى الثاني الدولي لمبادرة الحزام والطريق، دعت الصين ما لا يقل عن خمسة آلاف مشارك يمثلون أكثر من 150 دولة و90 منظمة دولية. كما جمع هذا الحدث بين حوالي 40 رئيس دولة وحكومة في بكين.
ونقلت المجلة عن باراج خانا، المفكر الهندي الأمريكي وكاتب مقال "المستقبل في آسيا: النظام العالمي في القرن الحادي والعشرين"، قوله إن "مبادرة الحزام والطريق هي أكبر برنامج لتنسيق الاستثمارات في البنية التحتية عرفه تاريخ البشرية". وبالنسبة له، تعتبر هذه المبادرة أساسية من أجل تنمية البلدان الإفريقية.
وقد توقع خانا أن "أفريقيا لن تكون أبدا "المصنع" الجديد للعالم، لأنه مع ظهور الروبوتات، لن تكون هناك حاجة إلى يد عاملة وفيرة. وما تحتاجه إفريقيا هو بنية تحتية تخدم الاقتصاد لتمكين الناس من التنقل بحرية في القارة من أجل العمل. ولن يكونوا قادرين على القيام بذلك دون طرق".
اقرأ أيضا: لماذا خرجت مصر خاسرة من مشروعات طريق الحرير الجديد؟
وأضافت المجلة أن رئيس موزمبيق، فيليب نيوسي، الذي حضر المنتدى في بكين، اقترح أن يجعل من بلده رأس جسر رئيسي لتطوير مبادرة الحزام والطريق في البلدان دون الإقليمية، خاصة وأن البلدان الإفريقية تعد مولعة بالاستثمارات الصينية.
ويؤكد المختص في الاقتصاد والأستاذ بجامعة أوكسفورد إيان جولدين أنه "إلى حدود نهاية الحرب الباردة، كان الخيار الوحيد لهذه الدول هو قبول الاستثمارات أو المساعدة من أوروبا والولايات المتحدة أو الاتحاد السوفيتي. ولكن مع مبادرة الحزام والطريق، نحن الآن في بيئة تتمتع فيها الدول بمزيد من الخيارات في التمويل. يمكن للدول أيضًا أن تقرر بنفسها ما الذي تفعله. هذا أمر جيد".
وأشارت المجلة إلى أن ارتفاع مديونية البلدان الإفريقية الذي تغذيه القروض العديدة التي منحها الصينيون قد لا يمثل مشكلة. وأفاد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأن "الديْن مشكلة عالمية. ولكن يجب ألا يتم الخلط بين مشكلة الديون العالمية والقضايا التي قد تكون مرتبطة ببعض مشاريع مبادرة الحزام والطريق".
وأضاف غوتيريش "نحن نعتبر أن هذه المبادرة هي المشروع الأكثر أهمية في العالم اليوم في سياق التعاون بين الجنوب والجنوب، الذي من شأنه أن يسهم في إرساء عولمة أكثر عدالة، وهي تعد أفضل وسيلة لتحقيق مستقبل الرخاء المشترك بين مختلف دول العالم".
وذكرت المجلة أن هذا المنتدى كان دعوة إلى التعاون أطلقها الرئيس الصيني لدول العالم بأسره في ظل توتر تام بين واشنطن وبكين. وحين تم التوقع بأن المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين قد تؤدي إلى اتفاق بين القوتين، هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في إعلان مفاجئ في الخامس من أيار/ مايو 2019 بترفيع نسبة التعريفات الجمركية الأمريكية من 10 إلى 25 بالمئة على المنتجات الصينية التي تبلغ قيمتها 200 مليار دولار.
اقرأ أيضا: تعرف على طريق الحرير الصيني الجديد (تفاعلي)
في مواجهة التعنت الأمريكي، ضاعفت بكين الاتصالات لتشكيل تحالفات. وقد افتتحت مبادرة الحزام والطريق، التي اقترحها شي جين بينغ في سنة 2013، مساحة اقتصادية عالمية جديدة. وقد وقّعت أكثر من 150 دولة ومنظمة دولية وثائق تعاون حول مبادرة الحزام والطريق مع الصين. ومن سنة 2013 إلى سنة 2018، تجاوز حجم التجارة بين الصين وشركائها ستة مليارات دولار وفاقت قيمة الاستثمارات الصينية في هذه البلدان 90 مليار دولار، حسب بكين.
وأوردت المجلة أنه خلال هذه الفترة، تم إطلاق أشغال ما يصل إلى 1800 طرق قنوات وخطوط سكك حديدية وموانئ ومناطق صناعية. وقد وفرت هذه المبادرة أيضًا 300 ألف فرصة عمل على مسار طريق الحرير الجديد. ووفقًا لتوقعات البنك الدولي، فإن مشاريع البنية التحتية والنقل البري الممولة في إطار مبادرة الحزام والطريق ستزيد من نمو الناتج المحلي الإجمالي في الدول المشاركة بنسبة 3.35 بالمئة.
لكن أثارت هذه الإنجازات غيرة الأمريكيين. واعترف ديفيد روبنشتاين، أحد المؤسسين المشاركين لصندوق الاستثمار الأمريكي العملاق "كارلايل" أنه "من الواضح أننا نحن، الولايات المتحدة، لا نملك شيئا مماثلا. علينا الاعتراف بأنه يتعين علينا بذل المزيد من الجهد لنصبح القوة الأكثر ظهورا في العالم وذات التأثير الأكبر".
ونوهت المجلة بأن هذا الخطاب يتناقض مع خطاب دونالد ترامب. فضلا عن ذلك، يتم التشكيك في مشاريع مبادرة الحزام والطريق وتدعو دول إلى مشاركة أكثر إنصافا لفوائد هذه المشروعات. وقد أدانت سبع "دول زبائن" للصين مشاريعها أو أعادت التفاوض بشأنها.
وأشارت المجلة إلى أنه لا يجب تجاهل خيبة أمل سريلانكا بسبب ميناء مطار هامبانتوتا. فنظرا لأنها عجزت عن سداد الفواتير، حرمت كولمبو لمدة 99 سنة من هذا المشروع الذي تبلغ قيمته 1.3 مليار دولار، من قبل بكين. وإلى جانب الضغوط الصينية الودية، من المؤكد أن البلدان الإفريقية تراقب هذه الحقيقة باهتمام.