هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تتجه الجزائر لتمديد فترة الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح التي ستنتهي في 9 يوليو تموز المقبل، وذلك بعد تعذر تنظيم الانتخابات الرئاسية في وقتها بسبب غياب مرشحين يجمعون الشروط المطلوبة.
وورد في فتوى أصدرها المجلس الدستوري اليوم، لإثبات استحالة إجراء الانتخابات الرئاسية، أن رئيس الدولة يعود له من جديد استدعاء الهيئة الناخبة واستكمال المسار الانتخابي حتى انتخاب رئيس الجمهورية وأدائه اليمين الدستورية.
وذكرت الفتوى أن "الدستور أقر أن المهمة الأساسية لمن يتولى وظيفة رئيس الدولة هي تنظيم انتخاب رئيس الجمهورية، لذلك فإنه يتعين تهيئة الظروف الملائمة لتنظيمها وإحاطتها بالشفافية والحياد، لأجل الحفاظ على المؤسسات الدستورية التي تُمكن من تحقيق تطلعات الشعب السيد".
ويعني استدعاء بن صالح للهيئة الناخبة من جديد، منحه مهلة إضافية في المنصب تقترب من الشهرين، كونه سيقوم بالإشراف على تنظيم الانتخابات التي تتطلب قانونا فترة 3 أشهر بداء من يوم استدعاء الهيئة الناخبة.
وفور صدور رأي المجلس الدستوري، احتدم جدل قانوني وسياسي، حول الأسس التي تم الاستناد عليها في التمديد لابن صالح، في ظل حالة الرفض التي يواجهها بقاءه شعبيا.
اجتهاد ضعيف
وتقول الخبيرة الدستورية، فتيحة بن عبو إنها تؤيد ما جاء في بيان المجلس الدستوري بخصوص إثبات حالة استحالة تنظيم الانتخابات الرئاسية وهو ما يوافق اختصاصه كونه لا يستطيع أن يلغي أو يؤجل الانتخابات، بل يقر فقط بعدم وجود مرشحين لها ما يعني عدم إمكانية تنظيمها.
لكن بن عبو في تصريحها لـ"عربي21" تشير إلى أنها لا توافق ما ورد بخصوص التمديد لبن صالح، كون المادة 102 من الدستور واضحة في أن المهلة الممنوحة لرئيس الدولة المؤقت لا يمكن أن تتجاوز 3 أشهر.
اقرأ أيضا: "الدستوري" الجزائري يقرر تمديد مهام ابن صالح رئيسا مؤقتا
وتوضح أستاذة القانون الدستوري بجامعة الجزائر، بأن ما ذهب إليه المجلس الدستوري هو اجتهاد خاص به، يقوم على فكرة عدم تواصل المنصب ما يجعل ذهاب رئيس الدولة المؤقت مقرونا بانتخاب رئيس الجمهورية الذي سيخلفه.
وفي اعتقاد بن عبو، فإن استمرار بن صالح في منصبه، لا ينبغي أن يكون على قاعدة المادة 102 من الدستور التي من الصعب تأويلها، بل وفق أساس سياسي يستند على المادة 7 التي تعطي السيادة للشعب وتجعله مصدر كل السلطات.
وتبني الخبيرة على ذلك لتقول أن بقاء بن صالح من رحيله ينبغي أن يعالج في إطار ندوة سياسية جامعة يحضرها ممثلو السلطة والحراك الشعبي للتوافق على إدارة المرحلة المقبلة.
ويعاكس القانوني عبد الغني بادي الطرح الأول، ففي تصوره لا يمكن لبن صالح الاستمرار يوما واحدا فوق المهلة التي منحها له الدستور لتنظيم الانتخابات.
ويرى بادي في تصريحه لـ"عربي21" أن المجلس الدستوري مارس السياسة وتجاوز مهامه وصلاحياته بإباحته التمديد لابن صالح الذي لا يسنده أي مادة من الدستور الحالي.
ويُدلل القانوني والحقوقي على كلامه، بالقول أن المجلس الدستوري لم يجد ما يدعم به فتواه، فرجع إلى ديباجة الدستور للبحث عن قراءة قانونية ظاهريا للتمديد، في حين أنه لا يوجد في الدستور أي نص يسمح بالتمديد ماعدا المادة 103 التي تتحدث عن حالة خاصة جدا (وفاة أحد المرشحين في الدور الثاني من الانتخابات) أو المادة التي تتحدث عن حالة الحرب.
وبغض النظر عن الشق الدستوري التقني، يبقى الإشكال في الجانب السياسي لمسألة تمديد فترة بن صالح المرفوض بقوة في الشارع، كونه يؤسس مرة أخرى لعدم الاعتراف الانتخابات التي سيشرف عليها من جديد.
اقرأ أيضا: هكذا تفاعلت الطبقة السياسية بالجزائر مع تأجيل الانتخابات
ولم تتأخر ردود الفعل كثيرا، فقد استنكرت جبهة القوى الاشتراكية، ما قالت إنها "محاولات النظام كسب المزيد من الوقت من خلال التخطيط لإطالة في وظيفة رئيس دولة غير شرعي وغير شعبي".
وذكر الحزب المعارض أن التمديد لبن صالح سوف يعزز التزام الشعب في الحفاظ على ثورته من أجل فرض المخرج الحقيقي لهذه الأزمة السياسية، والذي يمر حتماً عبر مرحلة انتقالية ديموقراطية".
استمرارية الدولة
وبرأي نوفل الميلي أستاذ العلوم السياسية بباريس، فإن قرار المجلس الدستوري قد يكون ضروريا لضمان استمرارية الدولة، لكن الإشكال في أن الحراك الشعبي يعتقد بأن بقاء الباءين (نسبة للحرف الأول من لقبي رئيس الدولة والوزير الأول) يعد استمرارا للنظام.
ويلفت الميلي في تصريحه لـ"عربي21"، إلى أن عملا بيداغوجيا ينبغي القيام به من السياسيين الذين يملكون ثقة لدى الشعب، للتحسيس بأن الهدف النهائي ليس رحيل بن صالح بل الوصول في ظرف أشهر لانتخاب رئيس دون تزوير.
ويعتقد الميلي بأن دخول الأحزاب الموالية للرئيس السابق، على خط مساندة كل ما يأتي من المؤسسة العسكرية، يُضعف كل جهد في إقناع الحراك بعدم التركيز على بن صالح، ما يزيد في أزمة الثقة الموجودة حاليا بين الجانبين.