هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "إندبندنت" مقالا للكاتب روبرت فيسك، يتحدث فيه عن خطط ترمب بيع أسلحة بقيمة ثمانية مليارات دولار للسعودية والإمارات والأردن.
ويقول فيسك في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن "زعماءنا يعرفون كيف يدقون طبول الحرب وبشكل عام نذهب معهم، وتهدد أمريكا إيران بالحرب، فهل تغلق إيران مضيق هرمز وتهاجم السفن الحربية الأمريكية في الخليج؟ وتقوم إسرائيل بتوجيه ضربات لأهداف ايرانية في سوريا بعد سقوط الصواريخ في الجولان، فهل يلوح صراع عربي إسرائيلي جديد في الأفق أكثر من أي وقت مضى منذ 1973؟ وسيكشف جاريد كوشنر عن خطة ترامب (صفقة القرن) للسلام في الشرق الأوسط، فهل ستولد ميتة؟".
ويستدرك الكاتب قائلا إنه "في الوقت ذاته فإنه يتم دفع القصص الحقيقية إلى أسفل الصفحة، أو (إلى آخر الكتاب)، كما اعتدنا نحن الصحافيون أن نقول".
ويقول فيسك: "في الوقت الذي رغب فيه ترامب في إمداد السعودية والإمارات بأسلحة بمليارات الدولارات ليستطيعوا تكثيف حربهم في اليمن ضد الحوثيين، الذين يأتي دعمهم من إيران، اكتشف ضباط مخابرات فرنسيون أن ذلك لم يكن طلبا روتينيا من الرياض، لكنه مناشدة يائسة من الرياض لواشنطن؛ وذلك لأن السعوديين كانوا غير منضبطين في استخدامهم الأسلحة ضد الحوثيين (والمدنيين والمستشفيات ومراكز المساعدات والمدارس والأعراس)، حتى أن القنابل لديهم قاربت على النفاد، القنابل الموجهة وغير الموجهة وقطع غيار للطائرات المسيرة وغيرها من الأسلحة الدقيقة؛ وذلك لاستخدامها ضد بلد من أفقر البلدان في العالم".
ويبين الكاتب أن "ترامب عندما وجد نفسه في مواجهة الكونغرس، الذي أراد إيقاف الإمدادات -لأسباب ليس أقلها لأن أعضاء الكونغرس لا يزالون غاضبين بسبب مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي- فإنه تم توسيع عناوين الإرسال حتى شملت حليف أمريكا الصغير المقدام، الملك عبد الله الثاني، ملك الأردن، نعم كلنا فاتنا ذلك، أليس كذلك؟ وقمنا بإضافة الكلمات و(الأردن) للعنوان، لكن لم نسأل لماذا، ولن تأتي الذخيرة من المبيعات المباشرة للخليج، حيث يوجد حد وضعه الكونغرس قيمته 25 مليون دولار، لكن من مخزون الجيش الأمريكي ويذهب معظم تلك الأسلحة للأردن، بحسب الفرنسيين".
ويعلق فيسك قائلا إنه "أمر غريب؛ لأن الأردن ليس في حالة حرب مع أحد حاليا، وهو بالتأكيد ليس جزءا من (تحالف) السعودية الذي يقصف اليمن".
ويقول الكاتب: "إذن، فكم من الصواريخ والقنابل البالغ ثمنها 8.1 مليارات دولار سترسل إلى عمان؟ وكم منها سيتم تفريغه من الطائرات العسكرية الأمريكية في الأردن وتحميله على طائرات عسكرية سعودية؟ ولم تنشر عن ذلك سوى صحيفة أسبوعية صغيرة فرنسية اسمها (لي كانارد إنتشين)، التي دائما ما ثبتت صحة مصادرها في واشنطن، واختصرت الصحيفة عملية إرسال الأسلحة بأنها (ذكية وإن لم تكن أخلاقية، مجرد تفاهات قليلة لارتكاب مذابح جديدة)".
ويضيف فيسك: "الآن، دعونا ننظر إلى تحقيق (نيويورك تايمز) في تدمير عائلة مبارز في هجوم جوي أمريكي في أفغانستان في تاريخ 23 أيلول/ سبتمبر العام الماضي، وكانت قيادة العمليات الأمريكية في افغانستان قد أنكرت ابتداء الهجوم، ثم حصرت إحداثيات الهجوم ليشير إلى بيت عائلة مبارز في إقليم وردك، حيث كانت زوجة مسيح مبارز وأطفاله السبعة يقضون صباحهم وقت القصف، وكان زوجها في إيران، لكن الأمريكيين يدعون الآن أن جنودهم تعرضوا (لنيران قناصة) من البناية، وأنه بعد القصف (كان تقديرنا أن مقاتلين فقط هم من قتلوا).
ويستدرك الكاتب بأن "(نيويورك تايمز) كشفت بعد العمل لعدة أسابيع مع مكتب الصحافة الاستقصائية، هذا الأسبوع، عن أن قنبلة أمريكية مسيرة باستخدام نظام تحديد المواقع العالمي قتلت زوجة مبارز أمينة وبناتها الأربع انيسة (14 عاما) وصفية (12 عاما) وسمينة (7 أعوام) وفهيمة (5 أعوام)، وأبناءه الثلاثة محمد وقاد (10 أعوام) ومحمد إلياس (8 أعوام) ومحمد فايز (4 أعوام) وأربعة من أبناء عمهم المراهقين".
ويورد فيسك نقلا عن مبارز، الذي هاتف زوجته من هاتفه المحمول من إيران قبل مقتلها بساعة ونصف، قوله إن الأمريكيين "يمكنهم قتل العدو.. لكن ما فعلوه هو أنهم دمروا بيتي"، مشيرا إلى أن "الأمر الآخر هو أن زوجته قالت له في مكالمته الأخيرة إن الجنود الأمريكيين والأفغان كانوا داخل بيتهم، فماذا يعني ذلك؟".
ويعلق الكاتب قائلا إن "مثل هذه القصة كانت في الماضي تستحق النشر على الصفحة الأولى لـ(نيويورك تايمز)، وكانت ستتبعها تقارير متابعة وربما افتتاحية، لكن هذا الأسبوع كان التقرير في قسم (العالم/ آسيا) من الصحيفة، وفي النسخة الدولية كانت القصة في أسفل الصفحة الثالثة، ومثل صحيفة (لي كانارد إنتشين) كانت في الصفحة الثالثة، مع أنها في صحيفة مؤلفة من ثماني صفحات فقط، وبدت القصة وكأنها وقعت في خندق، مثل كثير من الأشياء هذه الأيام".
ويقول فيسك: "خذ مثلا وفاة الناشط والمحامي كامل الدين فخار من البربر، الذي توفي في مستشفى جزائري بعد أن أضرب عن الطعام لفترة طويلة بعد الاعتقال، وكانت الحكومة ذاتها التي تمسكت بعبد العزيز بوتفليقة المغيب، هي التي اعتقلت فخار لأنه يشكل (تهديدا على الأمن.. ويحرض على العنصرية)، وهي الادعاءات الكاذبة ذاتها التي استخدمتها السلطة عندما كانت تقتل الناشطين السياسيين خلال الحرب الأهلية 1990-1998 (حيث وصل عدد الضحايا إلى 250 ألفا)".
ويشير الكاتب إلى أن "القصة، التي ما كانت لتصلنا لولا الصحافي المحامي التونسي نسيم بن غربية، أشار فيها إلى أنه بدلا من سجن فخار في سجن عادي مع المتهمين الذين ينتظرون المحاكمة فإنه كان في (سجن مؤقت)، حيث يتم فيه التحقيق القاسي، وفي السياق الجزائري يجب علينا أن نعرف ماذا يعني هذا، مع أولئك الذين ارتكبوا (أشنع الجرائم)، اعتقال تصفه المادة 59 من الدستور الجزائري على أنه إجراء (استثنائي)، لكن بن غربية يقول في مجلة صغيرة باللغة الفرنسية بأن هذه المادة تطبق هذه الأيام على رجال ونساء قاموا بعمليات تحويل نقود مزيفة، وإحباط الجيش، والتآمر ضد الدولة، وهي الدولة التي أنهت الحرب الأهلية فقط بعد أن سنت قانونا يمنع معاقبة موظفي الحكومة لما نسميه جرائم حرب".
ويلفت فيسك إلى أن "التقارير الروتينية حول وفاة فخار لم تتحدث عن هذا التطور الخطير في سجون البلد، التي يعدها الغرب قلعة عصية على تنظيم الدولة وغيرهم من القتلة، ولم تكن هناك متابعة لتقرير بن غربيةـ ولا يتوقع أن يكون في عالم يعرف الجميع أننا نستمع فيه عدة مرات في الأسبوع لخطابات لأمثال ترامب وبولتون وبومبيو، نعم ومن أشكال خامنئي ونتنياهو ومحمد بن سلمان، وكذلك من أشكال فراج وغوف وجونسون".
ويختم الكاتب مقاله بالقول: "قد يكون الوقت قد حان لإنهاء حق هؤلاء الناس في رسم أجندتنا، لندفع بالأشخاص العاديين إلى أعلى الصفحة، الآن حيث لا يستطيع أمثال أسانج وماننغ القيام بهذه المهمة".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)