هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "ميديابار" الفرنسي تقريرا تحدث فيه عن الصواريخ الأمريكية، التي كانت قد اشترتها فرنسا، والتي عُثر عليها بالقرب من طرابلس في قاعدة عسكرية تابعة لقوات الجنرال خليفة حفتر.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنه على الرغم من نفي وزيرة الدفاع، فلورنس بارلي، إلا أن جميع الأدلة توحي بأن باريس سلّحت قوات المتمردين، في انتهاك لحظر الأمم المتحدة والاتفاق الموقّع مع الولايات المتحدة.
وأوضح أن الحكومة الفرنسية ما زالت ترزح تحت طائلة الانتقادات التي تلاحقها جراء بيعها الأسلحة للمملكة العربية السعودية التي تُستخدم في حرب اليمن، حتى انخرطت في قضية جديدة ألا وهي توريد الأسلحة إلى ليبيا. في هذا الصدد، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في التاسع من تموز/ يوليو عن العثور على صواريخ موجهة مضادة للدروع تابعة لفرنسا في 26 حزيران/ يونيو في غريان وبالتحديد في قاعدة عسكرية استعادها الجيش الرسمي للبلاد من قوات المتمردين التابعة لحفتر.
وسُرعان ما تم التعرف على هذه الصواريخ، وعددها أربعة، من قبل الولايات المتحدة، وهي من نوع "جافلن" ومن صنع الشركتين الأمريكيتين "رايثيون" "ولوكهيد مارتن" وقد باعتها الولايات المتحدة لفرنسا في سنة 2010. وتجدر الإشارة إلى أن باريس اقتنت 260 صاروخا من هذا النوع والمعدات التابعة لها مقابل عقد بقيمة 69 مليون دولار.
وأورد الموقع أنه بعد أن اكتُشفت أربعة من هذه الصواريخ على نحو غير متوقع في ما كان يعتبر معقل حملة حفتر الذي اضطر إلى التخلي عنه بعد انتصار الجيش الموالي لطرابلس، أصبح التحدي خطيرا بالنسبة للحكومة الفرنسية. وفي الحقيقة، لا تعد مثل هذه الإمدادات من الأسلحة لقوات المتمردين مجرد انتهاك للحظر الدولي، بل انتهاكا أيضا للاتفاق التجاري مع الولايات المتحدة الذي يحظر حظرا صارما إعادة تصدير أو إعادة بيع أو توزيع هذا النوع من الصواريخ.
إقرأ أيضا: فرنسا تعترف بملكيتها صواريخ كانت بحوزة قوات حفتر
وأفاد الموقع بأنه من هذا المنطلق، جاءت التفسيرات المرتبكة لوزيرة الدفاع الفرنسية منذ التاسع من تموز/ يوليو، التي اكتفى مكتبها بذكر ثلاث نقاط، أولها أن "هذه الأسلحة كانت مُوجهة للحماية الذاتية لفرقة فرنسية تم نشرها لأغراض استخباراتية فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب". كما ادعى مكتب الوزيرة أن "هذه الذخائر تالفة وغير صالحة للاستخدام لذلك خُزّنت مؤقتا في أحد المستودعات من أجل تدميرها، ولم تُنقل إلى القوات المحلية"، فضلا عن أن "هذه الأسلحة لم تكن تخضع لقيود الاستيراد إلى ليبيا بالنظر إلى أنها كانت بحوزة قواتنا من أجل سلامتهم".
وسلّط الموقع الضوء على التناقضات الواضحة في تصريحات مكتب الوزيرة. فإذا كانت هناك مفرزة فرنسية في غريان في القاعدة العسكرية التابعة لحفتر والواقعة بالتحديد على خط الجبهة، فسيكون في ذلك اعتراف بالتورط الفرنسي غير المسبوق في الحرب الأهلية الليبية. ومثلما يؤكد ذلك جميع المختصين، تقوم القوات الخاصة بعمليات استخباراتية وتستطيع إجراء عمليات دقيقة ومحدودة. ولكن من المؤكد أن هذه القوات لا تكون مجهزة بصواريخ موجهة مضادة للدروع، وإلا فذلك يعني أنها شاركت مباشرة في ساحة المعركة.
ونقل الموقع تصريحات نواب فرنسيين في هذا الشأن، حيث تساءل أوليفييه فور، عضو الحزب الاشتراكي ولجنة الدفاع: "كيف يمكن للقوات الخاصة التخلي عن هذه الأسلحة؟ ولماذا كانت مجهزة بها؟ ولماذا حصل حفتر عليها إذا لم يتمكن من استخدامها؟". أما النائب عن حزب "فرنسا الأبية"، باستيان لاشو، والعضو في لجنة الدفاع أيضا، فطرح الأسئلة ذاتها، حيث قال: "ما الذي تفعله فرنسا في ليبيا وما الذي تفعله بأسلحتها؟"، مصرا على أن الحكومة ينبغي أن تقدم تفسيرات.
في السياق ذاته، يظهر أمران غريبان أولهما إعلان صدر في غرة تموز/ يوليو على تويتر من قبل السفارة الفرنسية في ليبيا نفت فيه نفيا قاطعا وجود جنود فرنسيين أو أفرادا عسكريين في غريان. أما الأمر الغريب الثاني فيتعلق بمعدات القوات الفرنسية في حد ذاتها، إذ أن صواريخ جافلن تم شراؤها في سنة 2010 في انتظار جيل جديد من الصواريخ الفرنسية التي تنتجها شركة "إم بي دي إيه".
وأضاف الموقع أنه وفقا للعديد من الخبراء، يعد جافلن صاروخا عفا عليه الزمن نوعا ما، وهو أقل كفاءة من صاروخ "إم بي دي إيه". ومثلما أشار إلى ذلك الموقع المختص "أوبكس360"، كان من المقرر نشر هذه الصواريخ الفرنسية في منطقة الساحل الأفريقي بحلول نهاية سنة 2018، وهو ما يعزز أكثر شبهة تسليم القوات "الصديقة" لخليفة حفتر صواريخ جافلن ذات فاعلية أقل.
وأفاد الموقع بأن اللجان المختصة في الكونغرس الأمريكي يمكن أن تستغل هذه القضية والانتهاك المحتمل من جانب فرنسا لاتفاقية تجارية، كما يمكن لمفتشي الأمم المتحدة أيضا التدخل، علما بأنهم وثّقوا بالفعل انتهاكات متعددة للحظر، لا سيما من قبل مصر والإمارات. ومن جانبه، ذكّر المسؤول عن كسب التأييد للحد من الأسلحة في الفرع الفرنسي لمنظمة العفو الدولية، آيمريك إلوين، بقضية الطائرات من دون طيار التي تم اقتناؤها من شركة "جنرال أتوميكس" الأمريكية في سنة 2013، من أجل استخدامها في الحرب في مالي والشريط الساحلي الصحراوي.
وفي الختام، أشار الموقع إلى أن هذه الطائرات أثارت جدلا سياسيا وصناعيا، في الوقت الذي أرادت فيه باريس تجنب المرور بالكونغرس الذي يطالب بإذن لأي منطقة نشر جديدة. واليوم، يبدو أن فرنسا ستضطر إلى الامتثال لواجب الشفافية.