كشف حادث وفاة المعتقل الشاب عمر عادل داخل
زنزانة
التأديب بسجن طرة تحقيق جنوبي القاهرة، عن نوع جديد من أنواع القتل البطيء
المتعمد داخل
السجون والمعتقلات
المصرية، وهي استغلال زنازين التأديب في التنكيل
والتخلص من معارضي نظام الانقلاب العسكري.
ووفقا لمصادر حقوقية، فإن عمر عادل تم اعتقاله عام
2014 وكان عمره 20 عاما بتهمة الانضمام لجماعة إرهابية، وحكم عليه بالسجن 10
سنوات، ويتمتع بسمعة طيبة بين زملائه، وقد لقي حتفه يوم الاثنين 22 من تموز/ يوليو
الجاري، في أثناء وجوده بزنزانة التأديب بمحبسه في السجن.
ولم تتحدث المصادر الحقوقية عن السبب الذي دفع
بعادل للتأديب، ولكنهم تحدثوا عن شبهة جنائية ربما تكون السبب في وفاته، خاصة أن
صحته كانت جيدة ولم يكن يشتكي من أية أمراض.
وحسب معتقلين سابقين، فإن زنازين التأديب تعد أحد
وسائل
التعذيب المقننة بالسجون، حيث منحت لائحة السجون الحق لمسؤولي السجن باتخاذ الإجراءات العقابية ضد المساجين
مثيري الشغب، دون توضيح لأية ضوابط قانونية لتحديد مفهوم إثارة الشغب، الذي يعتمد
على تقديرات ضباط المباحث بكل سجن.
شاهد عيان
وفي حديثه لـ"
عربي21" يؤكد المعتقل
السابق علي الشرقاوي، أن التأديب عبارة عن زنازين مخصصة داخل كل سجن، لا يتوفر
فيها أي شيء يدل على الإنسانية، وفيها يتم تجريد المعتقل من كل شيء، ويحرم من الطعام والشراب لمدة يحددها ضباط السجن.
ويضيف الشرقاوي: "المعتقل الذي يدخل
التأديب، يتعرض لأربعة طوابير تعذيب يومية كحد متوسط، الأول في الصباح والثاني بعد
الظهيرة والثالث بعد العشاء والأخير قبل الفجر، حيث يقوم مخبرو السجن بضربه
وانتهاك آدميته، وتسميته باسم نسائي، وإجباره على فعل أشياء غير إنسانية حتى لا
يتعرض لمزيد من الضرب والتحرش البدني واللفظي".
ويشير المعتقل السابق إبى أن زنازين التأديب درجات،
أخطرها التأديب في غرفة غير مضاءة ومطلية بلون أسود، وفتح نوافذها في الشتاء،
وغلقها في الصيف، لإحداث ضغط نفسي على المعتقل قد يصل به لحد الانهيار العصبي،
بالإضافة لقذارة الزنزانة ورائحتها الكريهة وإتلاف الصرف الصحي بها لمساعدة جيوش
البعوض من الفتك بجسد المعتقل العاري.
وفيما يتعلق بالطعام ومدة الحبس، يؤكد الشرقاوي
أن الطعام لا يتجاوز نصف رغيف خبز وملعقة جبن، وقطعة حلوى، طول اليوم، وربما تزيد
الوجبة بعد عدة أيام، لتشمل نصف رغيف آخر مع ملعقتين أرز يتم توزيعهم كوجبة غداء،
ولذلك فإن كل المعتقلين الذين يذهبون للتأديب، يعودون منه وقد فقدوا نسبة كبيرة من
وزنهم.
ويوضح الشرقاوي أنه لم يذهب للتأديب، ولكنه كان
مسجونا في الزنزانة نفسها مع شخصين أحدهما ذهب للتأديب، وعاد بعد 45 يوما في حالة
صحية وبدنية سيئة للغاية، وظل يتلقى العلاج أكثر من 6 أشهر حتى استعاد عافيته مرة
أخرى، موضحا أن التأديب ليس له مدة معينة، وإنما يخضع لتقدير الضباط.
لائحة الموت
ويؤكد الحقوقي والخبير القانوني المهتم بقضايا
المعتقلين أسامة عاصي لـ"
عربي21"، أنه عندما تقدم عدد من المحامين بشكوى
للمجلس القومي لحقوق الإنسان عن التعذيب الذي يتعرض له المعتقلون بسجن العقرب بطرة
خلال الفترة من آذار/ مارس 2015 وحتى شباط / فبراير 2016، فوجئوا برد مكتوب من
مصلحة السجون، بأنهم ينفذون القانون الذي منح وزير الداخلية الحق في فرض عقوبات
تأديبية على المعتقلين وفقا لما يراه، لفرض الانضباط في السجن.
ويشير عاصي إلى أن الرد المكتوب شمل قرارا لوزير
الداخلية السابق مجدي عبد الغفار، بمنع السكريات والملح وتقليص الوجبات الرسمية
التي يتم صرفها للمعتقلين بنسبة 40%، ومنع الزيارات والتريض في الشمس، وتنفيذ
لوائح التأديب عليهم داخل الزنازين، بما يشمل تجريد الزنازين من كل شيء باستثناء
المعتقل نفسه.
وحسب الخبير القانوني، فإن زنازين التأديب في سجن
العقرب تعد الأكثر سوءا على مستوى الجمهورية، حيث يتم نقل المعتقلين المشاغبين في
السجون الأخرى للتأديب بسجن العقرب، لمدد تتراوح من شهر إلى شهرين، كما حدث مع
الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل المسجون بسجن ملحق الزراعة، ومعتقلين من سجن
الاستقبال اعترضوا على وفاة أحد زملائهم نتيجة الإهمال الصحي، مؤخرا تم نقل 20
معتقلا من سجن شديد الحراسة 2 للتأديب في العقرب، لإضرابهم عن الطعام بسبب منع
الزيارة عنهم.
ويوضح عاصي أن بنود لائحة السجون مطاطة للغاية،
وليس فيها بنود لضبط عقوبة التأديب، كما أنها تمنح الحق الكامل لمسؤولي السجن، في
استخدام سلطاتهم بحجة ضبط النظام داخل السجون، ما جعل التأديب في النهاية وسيلة
قانونية لقتل المعتقلين دون التعرض لأية محاسبة أو مساءلة.
ووفق عاصي، فإن التأديب بـ"الكرباج" كان
لوقت قريب وسيلة مشروعة بالسجون المصرية، ولكن تم إلغاؤها بعد الانتقادات الدولية
لملف حقوق الإنسان بعهد مبارك، بينما ظلت باقي الإجراءات الانتقامية بحجة التأديب
على وضعها بما فيها زنازين الموت، التي لا تخضع لأي إشراف قضائي أو حقوقي.
اقرأ أيضا: وفاة شاب عشريني في "تأديب" السجون المصرية