هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشف التقرير السنوي للبنك المركزي المغربي برسم سنة 2018 عن مواصلة الاقتصاد الوطني نموه بوتيرة ضعيفة، مسجلا نسبة 0,3% عوض 2,4 % سنة 2017 .
التقرير الذي قدمه والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري، أمس الاثنين، للملك محمد السادس، بمناسبة عيد العرش، أشار إلى أن الظروف المناخية الملائمة مكنت للسنة الثانية على التوالي من الحفاظ على تطور إيجابي للقيمة المضافة الفلاحية، في حين واصلت القطاعات غير الفلاحية انتعاشها البطيء، بنسبة نمو لم تتجاوز 6,2 %. فيما تسارع النشاط بشكل نسبي في الصناعات التحويلية، بينما ظل مرتفعا، بالرغم من تباطئه، في قطاع السياحة، في حين بقي ضعيفا في قطاع البناء والأشغال العمومية.
وسجل التقرير أنه "من حيث الطلب، عادت مساهمة الصادرات الصافية في النمو الاقتصادي إلى مستوى سلبي لتبلغ 3,1 نقطة مئوية، بينما ارتفعت مساهمة الطلب الداخلي إلى 3,4 نقطة".
وفي سوق الشغل، يضيف التقرير، فرغم تحسن الوضعية نسبيا من حيث مناصب الشغل المحدثة، إذ تم خلق 112 ألف منصب جديد، يرتكز أكثر من نصفها في قطاع الخدمات، إلا أنه ظل أقل جاذبية، إذ انخفض العدد الصافي للباحثين الجدد عن العمل إلى 64 ألف، مما أسفر عن تراجع نسبة النشاط من جديد، خاصة في المحيط الحضري.
وقال: "في ظل هذه الأوضاع، تراجعت نسبة البطالة لتبلغ 8,9 % على الصعيد الوطني و2,14 % في المدن، مع بقائها مرتفعة في صفوف الشباب الحضريين البالغين بين 15 و24 سنة، حيث فاقت نسبة العاطلين بينهم أربعة من عشرة".
وعلى مستوى التوازنات الماكرو اقتصادية، يضيف التقرير، "شهدت السنة تفاقم عجز الميزانية والحساب الجاري. فبالرغم من استمرار الأداء الملحوظ للصادرات، خاصة منها مشتقات الفوسفاط والسيارات، استمر الميزان التجاري في التدهور، متأثرا على الخصوص بارتفاع الفاتورة الطاقية وتزايد المشتريات من سلع التجهيز. إلى جانب ذلك، عرفت مداخيل الأسفار تباطؤا قويا بالرغم من الأداء الجيد للنشاط السياحي، كما تراجعت تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، لأول مرة منذ سنة 2014".
اقرأ أيضا: تقرير رسمي: اقتصاد المغرب سيعرف تباطؤا بالربع الثالث من2019
كما أشار تقرير البنك المركزي المغربي إلى تدني هبات دول مجلس التعاون الخليجي الذي فاقم عجز الحساب الجاري، لينتقل من من 4,3% إلى 5,5% من الناتج الداخلي الإجمالي.
بالمقابل، ونتيجة عملية تفويت كبرى عرفها قطاع التأمينات، بلغ تدفق الاستثمارات المباشرة الأجنبية 4,47 مليار درهم، أي ما يعادل 3,4% من الناتج الداخلي الإجمالي. وفي متم السنة، ارتفعت الاحتياطات الدولية الصافية لبنك المغرب إلى 7,230 مليار درهم، أي ما يفوق بقليل خمسة أشهر من واردات السلع والخدمات.
من جهة أخرى، شهدت عملية تعزيز الميزانية تباطؤا نسبيا، إذ تفاقم العجز من 5,3% إلى 7,3% من الناتج الداخلي الإجمالي، وهو مستوى أكبر بكثير من هدف 3% المسطر في قانون المالية 2018. وإضافة إلى تراجع الهبات، يعزى هذا التطور بالأساس إلى تزايد النفقات برسم السلع والخدمات الأخرى وبرسم المقاصة. أما نفقات الاستثمار، فقد سجلت أول انخفاض لها منذ سنة 2013.
من جانب آخر، تنامت مداخيل الضريبة بنسبة 2,4% مدفوعة على الخصوص بارتفاع إيرادات الضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الدخل، مقابل تراجع تلك المتأتية من الضريبة على الشركات. وأخذا في الاعتبار هذه التغيرات، ارتفعت مديونية الخزينة لتصل إلى 3,65% من الناتج الداخلي الإجمالي، إذ تزايد الدين الداخلي إلى 9,51% من هذا الناتج، في حين انخفض الدين الخارجي إلى 4,13% منه.
وأوضح تقرير البنك المركزي أنه في ظل هذه الظروف، عرف التضخم ارتفاعا ملحوظا، إذ انتقل من 7,0% إلى 9,1% خاصة بفعل ارتفاع أثمنة المواد الغذائية المتقلبة الأسعار.
وقال التقرير إنه "على ضوء مجموع هذه التطورات، يبدو أن بلدنا قد شهد وضعية صعبة سنة 2018، لم تمكنه من تقليص العجز على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، في الوقت الذي يواجه فيه انتظارات اجتماعية متزايدة على المستوى الداخلي، وتغيرات كبرى محفوفة بالشكوك على الصعيد الخارجي".
وسجل التقرير أن المغرب أصبح يواجه صعوبات متواصلة في السنوات الأخيرة، بعد أن كان أداؤه ملحوظا خلال العقد الأول من هذه الألفية. "وهكذا، بات الضعف الذي تشهده الأنشطة غير الفلاحية منذ سنة 2013 مدعاة للقلق. فقد ارتفعت قيمتها المضافة بنسبة لم تتجاوز 3,2% عوض 6,4% في الفترة الممتدة بين 2000 و2012، في حين ظل النمو الإجمالي مرهونا بتناوب المواسم الفلاحية الجيدة والضعيفة، مسجلا نسبة سنوية متوسطة لا تتعدى 3,3%. وفي حال استمرار هذا الوضع، قد يصبح أمل الالتحاق بالاقتصادات الصاعدة صعب التحقيق، حتى في أبعد الآجال".
وأوضح التقرير أن تأثير هذا التطور على سوق الشغل كان واضحا. فخلال السنوات الستة الماضية، تركزت تسعة من عشرة مناصب شغل محدثة، عوض 7 من قبل، في قطاع الخدمات، خاصة التجارة والخدمات الشخصية حيث يسود القطاع غير تسارع وتيرة انخفاض نسبة النشاط، التي قد تعكس بدورها إحباط المهيكل. وما مكن من عدم ارتفاع البطالة إلا بعض فئات الساكنة البالغة سن العمل. فلو أن نسبة النشاط ظلت في مستواها المسجل في بداية سنوات 2000، لزاد عدد الأشخاص النشيطين في سوق الشغل بحوالي المليونين.