هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني مقال رأي للكاتب والبروفيسور أندرياس كريغ تحدث فيه عن التحوّل الذي شهدته سياسة أبوظبي المتعلّقة بطهران بداية من الضغط والتصعيد وصولا إلى الدبلوماسية والمشاركة.
وقال الكاتب في مقاله الذي ترجمته "عربي21" إنه بينما كانت أبوظبي تدفع واشنطن إلى اتخاذ موقف أكثر تشددا إزاء طهران ضد مصالح دبي وغيرها من الإمارات الأخرى ودعما لسياسة الرياض الراديكالية المناهضة لإيران، فقد تسبب تصاعد التوتر الذي جدّ مؤخرا في إعادة التفكير الاستراتيجي بشكل كبير.
وأفاد الكاتب بأن رد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الغامض على مسألة هجمات الناقلات الأخيرة وإسقاط طائرة دون طيار يوحي لأبوظبي بأنها قد تضطر إلى تحمل عبء الصراع بنفسها في حال شهد الوضع تصعيدا أكبر.
من جهة أخرى، تدل حقيقة كون الإمارات العربية المتحدة لم توجه أصابع الاتهام مباشرة إلى إيران في تحقيق الأمم المتحدة في هجمات الفجيرة، معلقة فقط بالقول إن "جهة تابعة للدولة" هي المسؤولة، عن أن أبوظبي تمضي في مسار وقف التصعيد مع طهران.
اقرأ أيضا: هكذا علق ظريف على "تحسن علاقة أبو ظبي" بطهران
ونوّه الكاتب إلى أن السياسة تحوّلت من الضغط والتصعيد إلى الدبلوماسية والمشاركة أي من القوة الخشنة إلى القوة الناعمة. ومنذ شهر حزيران/ يونيو الماضي، توجه عدد ضئيل من الوفود رفيعة المستوى من الإمارات العربية المتحدة نحو إيران، دون الحصول على تصريح رسمي من أبوظبي. وخاضت الوفود السياسة الإقليمية نقاشات تناولت مواضيع على غرار اليمن وسوريا، إلى جانب أمن الحدود البحرية وأمن المجال الجوي والتجارة.
وفي سياق متصل، تضمّنت الرسالة النهائية الموجهة من أبوظبي إلى طهران العبارات التالية: "نحن لسنا مهتمين بالصراع". وفي هذه الحالة، تتفوّق القوة الذكية على القوة الخشنة، وقد اتُّخذ هذا القرار دون التنسيق مع واشنطن، حيث ترى الدوائر الحكومية لأبوظبي أن هذه المسألة تتعلّق بالأمن القومي، وهو ما يستدعي التعامل معها بشكل أحادي الجانب.
وأضاف الكاتب أن الإمارات العربية المتحدة استخدمت "الأمن القومي" كذريعة في العديد من القضايا التي تتباين فيها السياسة الخارجية الإماراتية والأمريكية، على غرار تلك المتعلقة باليمن وليبيا وقطر. ومنذ سنة 2014، حاولت دولة الإمارات العربية المتحدة باستمرار أن تحقق اكتفاءها الذاتي في مسائل السياسة الخارجية والأمنية.
وأثار افتقار إدارة ترامب إلى الوضوح حول إيران قلق أبوظبي، إذ يوجد إجماع على أنه في حين أنه قد يكون لهذه اللعبة انعكاسات مباشرة على الولايات المتحدة، فستكون كل من الإمارات ودول الخليج الأخرى على الخطوط الأمامية من أي حرب.
وتجدر الإشارة إلى أن الإمارات العربية المتحدة لم تقم بتنسيق هذه الخطوة مع الرياض حيث تشعر أبوظبي بأن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يفتقر إلى خطة استراتيجية سواء في اليمن أو في ما يتعلق بالتعامل مع إيران.
اقرأ أيضا: الإمارات تعلق على زيارة وفد عسكري منها إلى إيران
وذكر الكاتب أن الإمارات العربية المتحدة تمثل الشريك التجاري الأهم لإيران في منطقة الخليج، ما يجعل من الصعب للغاية على الدولة الخليجية فرض عقوبات.
وفي الوقت الراهن، تعاني دبي الأمرين نتيجة العقوبات الأمريكية على إيران، حيث تشير الأدلة إلى أن الإمارات لم تكن صارمة بما فيه الكفاية، ولم ترق إلى توقعات واشنطن، في ما يتعلق بتطبيق العقوبات على منتجات المعادن والصلب والأدوات المالية.
وفي الختام، أشار الكاتب إلى أن أبوظبي تخشى أن المواجهة مع إيران من شأنها أن تتسبب في تدمير كل ما عملت دولة الإمارات على بنائه على مر السنوات بما في ذلك التجارة والعلاقات التجارية والسياحة والضغط السياسي. ومن جهتها، تدرك أبوظبي أنها غير قادرة على خوض قتال مع إيران إلا بدعم من الجنود الأمريكيين. وفي ظل تردد ترامب، أصبحت الإمارات العربية المتحدة على وعي بأنها خلال السنوات الأخيرة، لم تحقق نجاحات تُذكر بسبب موقفها العدائي تجاه إيران.