هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "الإسبانيول" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن إنهاء الولايات المتحدة وروسيا العمل بالمعاهدة التاريخية المضادة للصواريخ التي أدت إلى نهاية الحرب الباردة.
وأفادت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، بأن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أعلن الجمعة أن معاهدة الحد من الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى لم تعد ضمن قائمة مبادرات الولايات المتحدة.
وقد انسحب كلا البلدين من الاتفاق الذي تم تعليقه منذ أن أعطى الرئيس دونالد ترامب مهلة للروس للالتزام بشروط الاتفاقية، بحسب "الإسبانيول".
ونقلت الصحيفة تصريح الأمين العام للناتو، ينس ستولتنبرغ، الذي أفاد بأن إنهاء المعاهدة مسؤولية روسيا وحدها، وأن جميع حلفاء الناتو يدعمون بالكامل الولايات المتحدة في قرارها بخرق الاتفاقية بعد أن رفضت روسيا الالتزام بشروطه، والتخلص من صاروخ إس إس سي 8.
ومن جهته، أعرب ميخائيل غورباتشوف، الرئيس السابق لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية، والذي وقع على الاتفاق عام 1987، عن قلقه إزاء ذلك، نظرا لأن انتهاء أول معاهدة لنزع سلاح الحرب الباردة "لن يؤثر على أمن أوروبا فحسب، بل على العالم بأسره".
معاهدة تاريخية
أوضحت الصحيفة أنه في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر سنة 1987، وقع رئيس الولايات المتحدة آنذاك، رونالد ريغان، ورئيس الاتحاد السوفييتي، ميخائيل غورباتشوف، اتفاقية تاريخية من شأنها أن تؤدي إلى نزع السلاح الذي قضى جزئيا على الحرب الباردة في واشنطن.
وفي 27 أيار/ مايو سنة 1988، صادق الكونغرس الأمريكي على معاهدة الحد من الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى والتي أصبحت سارية المفعول بعد ثلاثة أيام من ذلك.
اقرأ أيضا: أمريكا وروسيا تنهيان المعاهدة النووية.. وقلق أوروبي
وأضافت الصحيفة أن معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى قد أجبرت كلا الطرفين على إزالة الصواريخ البالستية أو الجوالة النووية أو التقليدية التي يترواح مداها بين 500 و5000 كيلومتر، والتي كانت الولايات المتحدة قد نشرتها في تركيا، في حين نشرها الاتحاد السوفييتي في كوبا، ما أدى إلى اندلاع أزمة الصواريخ الكوبية الشهيرة.
ويفترض الاتفاق انسحاب الطرفين، وتحديد موعد نهائي لإزالة تلك الصواريخ في الأول من تموز/ يوليو سنة 1991، وقد جرى بالفعل تدمير ما مجموعه ألفان و962 صاروخا، من بينها 846 صاروخا أمريكيا وألفان و846 صاروخا روسيا.
وبموجب معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى، فقد تعهدت القوتان العظميان بتجنب صنع المزيد من الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى.
ولعدة عقود، بقيت روسيا والولايات المتحدة ضمن الاتفاق الذي ساهم في تحقيق الهدوء بالقارة الأوروبية، وفي الجانب الآخر من المحيط الأطلسي.
الانهيار
تشير الصحيفة إلى أنه في فترة إدارة باراك أوباما، اتهمت الولايات المتحدة روسيا بانتهاك شروط المعاهدة خلال الأزمة الأوكرانية عام 2014.
ورغم نفي بوتين لتلك الاتهامات، إلا أن المسؤولين الأمريكيين حملوا الروس مسؤولية نشر صواريخ محظورة من طراز إس إس سي 8، التي تشكل خطرا على الدول الأوروبية.
وأكدت الصحيفة أنه في الثاني من شباط/ فبراير سنة 2019، وقع الخلاف النهائي، عندما علق دونالد ترامب المعاهدة بسبب انتهاكات مزعومة من قبل الروس لسنوات، وأطلق إنذارا نهائيا أكد فيه أنه كان لديهم ستة أشهر لاحترام بنود الاتفاقية أو الخروج منها نهائيا.
وفي اليوم ذاته، أعلن بوتين تعليق روسيا للمعاهدة واتهم الولايات المتحدة بالتخطيط للقضاء على معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى، حيث بدأت قبل سنتين في تصنيع صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى في مصنع عسكري في أريزونا.
غورباتشوف يتنبأ بالفوضى
ونقلت الصيحفة عن غورباتشوف قوله: "مع هذه الخطوة ستتسبب الولايات المتحدة في فوضى غير متوقعة على مستوى السياسة العالمية".
وأعرب الزعيم السوفييتي السابق عن قلقه بشأن ما تنطوي عليه نهاية هذه المعاهدة من أجل السلام والأمن الدوليين، داعيا إلى إنقاذ معاهدة ستارت 3 لتخفيض الأسلحة النووية، الموقعة بين الولايات المتحدة وروسيا عام 2010، والتي تم فيها الاتفاق على تخفيض الأسلحة الهجومية الاستراتيجية، ومن المقرر أن تنتهي عام 2021.
اقرأ أيضا: أمريكا تعتزم نشر صواريخ متوسطة المدى في آسيا
ومن جانب آخر، احتج الزعماء الأوروبيون على خرق المعاهدة، ورغم اتفاقهم على أن الصواريخ الروسية تشكل تهديدا لأوروبا، إلا أنهم يعتقدون أن الحل يتمثل في إعادة التفاوض حول الاتفاقية.
مواجهة الصين
وبموجب الوضع الجديد، يفترض أنه لن يكون لدى روسيا أو الولايات المتحدة عقبات لتصنيع صواريخها، بحسب الصحيفة.
وفي الواقع، يخطط البيت الأبيض لاختبار صواريخ جديدة في أواخر الصيف، على الرغم من أن هدفه لا يبدو تخويف الروس، بل مواجهة قوة الصين، المنافس البعيد المدى والأكثر أهمية من روسيا.
وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أن من أبرز دوافع دونالد ترامب للانسحاب من معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى تكمن في أنها كانت تمنعه من نشر صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى بالقرب من الأراضي الصينية، حيث إنه من الممكن أن تكون بمثابة ورقة قوة له ضد عدوه التجاري.
ومن جهتها، لم تلتزم الصين بهذه المعاهدة، ما سمح لها بتجميع ترسانة كبيرة من الصواريخ واكتساب نفوذ أكبر في منطقة غرب المحيط الهادئ على مدار السنوات الماضية.