نشر
موقع "
لوب لوغ" الأمريكي تقريرا تحدث فيه عن انحسار نفوذ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في الشرق الأوسط والعالم، لاسيما في ظل انسحاب حليفه
الإماراتي محمد
بن زايد من
اليمن وضغط الكونغرس لإلغاء صفقات السلاح الأمريكية إلى الرياض.
وقال
الموقع في تقريره الذي ترجمته "
عربي21"، إن قرار الإمارات العربية
المتحدة الأخير بالانسحاب من حرب اليمن جعل محمد بن سلمان يقف وحيدا في حربه على
اليمن، والمذنب الوحيد في الحرب التي تدور رحاها في البلاد. وعلى وقع هذا
الانسحاب، يبدو أن نجم ولي العهد والحاكم الفعلي للمملكة يهوي بالتزامن مع تضاؤل
حجم تأثيره على الساحة الدولية.
وأضاف
الموقع أن محاولات الكونغرس الأمريكي لتقويض وإيقاف صفقات السلاح الأمريكية
الموجهة نحو المملكة العربية
السعودية وتوجيه أصابع الاتهام نحو ولي العهد نظير
مساهمته في قتل الصحفي جمال خاشقجي أضرت بسمعته كثيرا. وعلى الرغم من أن الكونغرس
لم يتمكن من التغلب على حق النقض الذي يلجأ إليه ترامب لتبرير صفقات الأسلحة، إلا
أن إجراءَات الكونغرس الرمزية تمتلك تأثيرات سلبية طويلة الأمد على
ابن سلمان.
عقب
فشلهم في تجاوز حق النقض الخاص بالرئيس، أعرب العديد من أعضاء مجلس الشيوخ عن
وجهات نظر سلبية عن الزعيم السعودي. ولقد تلاشى دعم الحزبين الديمقراطي والجمهوري
للمملكة، وباتت معتمدة على دعم ترامب فقط.
وذكر
الموقع أنه بمجرد حلول إدارة جديدة في واشنطن، ستعود الأصوات المطالبة بمحاسبة
محمد بن سلمان لتصدح من جديد، فضلا عن المطالبة بالنظر في دوره في اغتيال الصحفي
جمال خاشقجي بطريقة شنيعة. ويبدو أن مليارات الدولارات التي أنفقها ولي العهد في
واشنطن لم تخدمه بشكل جيد.
أما
فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، كان فشل إدارة ترامب وصهره كوشنر في رعاية
"صفقة القرن" في أواخر شهر حزيران/ يونيو بمثابة ضربة أخرى لولي العهد،
حيث رفض قادة بعض الدول الإمضاء على هذه المبادرة. وقد تأثر ولي العهد الشاب بسبب
عدم تلقيه دعما من العرب. وعلى الرغم من علاقة الصداقة التي تربطه
بكوشنر، إلا أنها لن تساعد ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان على تعزيز الصورة
التي وضعها لنفسه كزعيم عربي.
وتساءل
الموقع إذا كان ابن سلمان يسعى إلى تحسين حياة الفلسطينيين، فإنه كان من الأجدر به
الانضمام إلى قطر في تمويل التنمية الاقتصادية في الضفة الغربية وغزة ويثبت
للفلسطينيين أنه ملتزم بتحسين ظروفهم المعيشية. فضلا عن ذلك، يمكنه عقد
محادثات جادة مع الإسرائيليين والفلسطينيين حول مستقبل الشعبين اللذين يعيشان
"بين النهر والبحر"، وإلا سينظر إليه التاريخ، مثلما هو الحال مع العديد
من القادة العرب الآخرين السابقين، على أنه لم يدعم القضية الفلسطينية إلى آخر
رمق.
وأورد
الموقع أن إمكانية استئناف المحادثات بين واشنطن وإيران، من خلال المساعي
الدبلوماسية برعاية سلطنة عمان وربما الإمارات، تعتبر ضربة أخرى قد تقضي على
طموحات ابن سلمان الإقليمية وغطرسته. وقد يكون التصريح الأخير الذي أدلى به وزير
الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، بأن القوات الأمريكية ستبدأ في الانسحاب من
أفغانستان قبل الانتخابات المقبلة بمثابة رسالة موجهة لابن سلمان حول
إيران مفادها
بأن ترامب لا يرغب في التورط في حرب أخرى في الشرق الأوسط أو الدخول في مواجهة
عسكرية مع إيران.
هذا الأسبوع، سافر وفد إماراتي إلى
إيران لمناقشة قضية الأمن البحري في الخليج العربي، حيث تحرص إمارة دبي بشكل خاص
على الحفاظ على سلامة طرق النقل التجارية البحرية. وبطبيعة الحال، يعتبر التوصل
إلى حل سلمي ووضع حد للتوترات السياسية الإقليمية مع إيران أفضل ضمان للتجارة
الآمنة في الخليج.
وربما تكون هناك رسالة
أخرى يوجهها الوفد الإماراتي. ومع الأخذ بعين الاعتبار تعقيد القضايا الإقليمية
وترابطها، من الممكن أن نتصور أن هذا الوفد المبعوث إلى طهران سيوسع أجندة الأمن
البحري ليشمل اليمن والصفقة النووية والعقوبات وغيرها من القضايا الشائكة الأخرى،
ومن الممكن أن تصبح هذه المحادثات أكثر شمولية إذا انضمت إليها عمان والكويت.
وإذا
نتج عن المحادثات نوع من التقارب بين طهران وواشنطن، فقد تكون مقدمة لصفقة جديدة
تكون فيها المناقشات حول الاتفاق النووي محورا رئيسيًا. وإذا كانت إدارة ترامب
تؤيد التخفيف من حدة التصعيد واستمرت في منح إعفاءات جزائية للشركاء التجاريين
الإيرانيين، فينبغي لمحمد بن سلمان أن يفهم أن ترامب لا يسعى إلى شن حرب مع
إيران. وسينتج عنه استمرار عزلته وسيحكم عليه التاريخ باعتباره مستبدًا عربيًا
فاسدًا. علاوة على ذلك، لن يكون تصميمه الكبير للمنطقة أكثر من مجرد خيبة أمل،
وسيتلاشى طموحه في أن يصبح صانع ملوك على الساحة العالمية.
خلال
الأشهر الأخيرة، حذّر العديد من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي من سجل ابن سلمان
القمعي في مجال حقوق الإنسان، حيث أدى العدد المتزايد لعمليات إعدام المعارضين في
السعودية والبحرين، التي اتخذت طابعا طائفيا بالدرجة الأولى خاصة ضد المواطنين
الشيعة في كلا البلدين، سيؤدي إلى تشويه سمعة ابن سلمان وزعزعة مكانته على الصعيد
العالمي.
وفي
الختام، أفاد الموقع بأنه في أعقاب انسحاب الإمارات من اليمن، سيكون ابن سلمان
مضطرا لإعادة النظر في التصميم الكبير الذي ابتكره لنفسه وللمنطقة، حيث بدأ هذا
التصميم، الذي يغذيه سخاؤه الاقتصادي والدعم الذي يتلقاه من البيت الأبيض،
يتلاشى. فهل سيستوعب ابن سلمان فشله الذريع؟ وهل سيكون قادرا على تداركه قبل فوات
الأوان؟
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)