هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
هل تنجح الآليات والتكتيكات المتبعة في اليمن لتقاسم النفوذ بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية في اليمن في الوصول إلى صيغة جديدة تسمح بالتعايش مع الحوثيين والنفوذ الإيراني في اليمن؛ وهل فعلا ستقود هذه التكتيكات إلى تقسيم اليمن وانفصال الجنوب عن الشمال؟
الأهم من ذلك هل تستطيع أبو ظبي إقناع الرياض وطهران بتقاسم النفوذ بما يسمح لأبوظبي الاحتفاظ بنفوذ واسع على باب المندب؟ وهل هناك فرصة لتعايش حقيقي بين النفوذ الإيراني والسعودي في اليمن، أم أنها أضغاث أحلام؟ فما يحدث وما تولد عنه من تداعيات كان مجرد فوضى تولدت عن الحماسة والاندفاعة الكبرى والنجاحات الآنية والخادعة لقوى الثورة المضادة في العام 2013.
مواجهة عدن وما بعدها
أسئلة كبرى تعود لتفرض نفسها بعد المواجهة العنيفة في مدينة عدن بين حكومة الشرعية ممثلة بحرس الرئاسة وعلى رأسها نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية أحمد الميسري من جهة وبين قوات الحزام الأمني الممثلة للقوى الانفصالية الانتقالية في الجنوب وعلى رأسها رئيس المجلس الانتقالي عيدروس وحليفه ابن بريك.
اليمن في المحصلة النهائية كان ولا يزال جزءا من معركة ساخنة أطلقها الربيع العربي والمحاور المتصارعة التي تشكلت على وقع التغير الكبير في مصر وليبيا وتونس العام 2011
إيران تتهم الإمارات والسعودية
فبعد أقل من 72 ساعة على المعارك الدامية في عدن بين القوى الانفصالية ممثلة بالمجلس الانتقالي وحكومة الشرعية التقى وفد من قيادات الحوثيين بالمرشد الأعلى للثورة الإيرانية اتهم فيها علي خامنئي كلا من الرياض وأبوظبي بالسعي لتقسيم اليمن؛ والأخطر من ذلك أنه دعا لحوار داخلي يمني بات يلقى آذانا صاغية في الساحة اليمينة خصوصا بعد سلسلة من النكسات التي واجهتها قوات الشرعية وحلفائها وعلى رأسهم حزب "الإصلاح".
فالدعوات لضرورة التوصل لاتفاق وتفاهمات داخلية بين القوى اليمنية المؤثرة مع الحوثيين والجلوس على طاولة المفاوضات بعيدا عن تأثير الرياض وأبوظبي لا تكاد تختفي حتى تعود وتطفو على السطح بزخم أكبر؛ دعوات باتت تلقى قبولا يزداد اتساعا يوما بعد يوم، ولعل أحداث عدن جاءت لتدعم هذا التوجه؛ الأمر الذي التقطه خامنئي وعبر عنه بشكل واضح وصريح هذه المرة أثناء لقائه للحوثيين؛ فطهران تدرك أن التحالف العربي دخل في حالة من التبخر والانهيار منذ فترة ليست بالقصيرة .
تراجع الثقة بين قوى التحالف
فالحقائق المتسربة من واقع التحالف العربي تسير إلى تراجع مستويات الثقة بين القوى المتحالفة، خصوصا وأن الرياض تعاني من اشكالية واضحة في صناعة القرار، زادها إرباكا الموقف الغامض في أعقاب الإطاحة بالبشير في السودان وبعيد المواجهة الصاخبة في الخليج بين أمريكا وإيران والتي تولد عنها فشل في تشكيل تحالف بحري مناهض لإيران .
الدعوات لضرورة التوصل لاتفاق وتفاهمات داخلية بين القوى اليمنية المؤثرة مع الحوثيين والجلوس على طاولة المفاوضات بعيدا عن تأثير الرياض وأبوظبي لا تكاد تختفي حتى تعود
اليمن جزء من معركة ساخنة
اليمن في المحصلة النهائية كان ولا يزال جزءا من معركة ساخنة أطلقها الربيع العربي والمحاور المتصارعة التي تشكلت على وقع التغير الكبير في مصر وليبيا وتونس العام 2011؛ وأفضت إلى صراعات دموية في سوريا واليمن وليبيا جاءت على خلفية التصارع بين محاور متنافرة كمحور الثورة المضادة ومحور آخر تقبل التغيير وسعى إلى الاستثمار فيه سياسيا والمحور الإيراني المرتاب من الربيع العربي والساعي للاستثمار في تداعياته في الوقت ذاته.
اليمن بهذا المعنى كان ضحية التصارع بين المحاور وضحية التفاهمات الآنية بين المرتابين من الربيع العربي كإيران وبين الرافضين له كالرياض وأبو ظبي؛ فالتفاهمات والنجاحات الآنية للثورات المضادة قادت إلى سلسلة من الأخطاء والسياسات المتهورة التي رافقها رحيل أوباما وإدارته ومجيء ترامب وإدارته المتحمسة للمواجهة مع إيران وقوى الربيع العربي؛ تفاهمات يصعب استنساخها، فالتحالفات والتفاهمات بداية الربيع العربي يصعب أن تتكرر ولعل تصريحات خامنئي تشير بوضوح إلى أن إيران تملك خيارات مختلفة تماما عن أبو ظبي والرياض وهي خيارات من الممكن أن تستهوي بعض القوى في اليمن المستاءة من الآداءات المرتبكة للرياض وأبو ظبي؛ فاستراتيجية تقاسم النفوذ في اليمن ودعم النزاعات الانفصالية مكلفة ومن الممكن أن تقود إلى انتكاسة كبرى لاستراتيجية أبوظبي والرياض مستقبلا.