هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثارت الأنباء عن اعتزام إيران إنشاء مرفأ جديد على الساحل السوري، جنوب محافظة طرطوس، موجة من التساؤلات حول الهدف منه، وآليات تمويله من قبل طهران المثقل اقتصادها بالأعباء والعقوبات.
وكانت وكالة "سبوتنيك" الروسية، قد كشفت قبل أيام عن اجتماعات رسمية بين النظام السوري وإيران، عقدت الشهر الجاري، لإنشاء مرفأ متعدد الأغراض على البحر المتوسط من قبل شركة إيرانية في منطقة الحميدية أقصى جنوب محافظة طرطوس قرب الحدود اللبنانية.
ونقلا عن مسؤولين سوريين، أوضحت الوكالة، أن شركة "خاتم الأنبياء" الإيرانية ستتولى إنشاء المرفأ "متعدد الأغراض" على واجهة بحرية بطول 2.5 كيلومتر، وستتولى جهات استثمارية خاصة إدارته وتشغيله لمدة امتياز تتراوح بين 30 و40 عاما.
ويبدو أن إيران بدأت بالبحث عن موطئ قدم لها على البحر المتوسط، بعد أن قام النظام السوري بتأجير ميناء طرطوس لروسيا لمدة 49 عاما، جاء ذلك وفق ما أكده الباحث في العلاقات الدولية، هشام منوّر.
وأضاف لـ"عربي21"، أن التنافس الإيراني الروسي على النفوذ في سوريا لم يعد خافيا على أحد، وبدأت مظاهره السياسية والاقتصادية العسكرية بالبروز مؤخرا بشكل واضح.
اقرأ أيضا: هل حققت إيران حلمها بفتح منفذ على البحر المتوسط؟
وقال منوّر: "حتى الآن لم تقتنع طهران بأنها خسرت معركة التنافس مع موسكو، لا سيما في ظل أزمتها الراهنة مع واشنطن ولندن حول الاتفاق النووي الإيراني".
واستدرك "لكن طهران بالمقابل، تحاول التخفيف من وطأة ذلك من خلال التركيز على أوراقها الرابحة التي تمتلكها لتحسين شروط تفاوضها مع الغرب".
وحول الموقف الروسي من إنشاء المرفأ الجديد، أعرب منوّر عن اعتقاده بأن روسيا لن تسمح بتمرير مثل هذه الخطوة, وقال "الروس يحدوهم طموح كبير بالوصول قبل إيران إلى هذه المياه، وهم لديهم قاعدة بحرية عسكرية في طرطوس ولن يسمحوا بمجاورتهم فيها لأي أحد كان حتى لو كان من حلفائهم في الظاهر، والحديث هنا عن إيران".
وبهذا المعنى، يرى منوّر أن الإعلان الإيراني هدفه استعمال ورقة ضغط في سياق صراعها بخصوص ملفها النووي، مشككا بقدرة إيران على مزاحمة الوجود الروسي في طرطوس، التي تعتبر خطا أحمر بالنسبة لموسكو.
أما المحلل والباحث الاقتصادي يونس الكريم، فشكك هو الآخر باعتزام إيران إنشاء مرفأ جديد على المتوسط، في مدينة طرطوس، لأن ذلك يتعارض مع مصالح روسيا الموجودة في ميناء طرطوس، رغم عدم تأكيد النظام السوري تأجير الميناء الأخير لموسكو.
اقرأ أيضا: هكذا يسيطر الروس على مفاصل نظام الأسد.. تفاصيل
وأضاف لـ"عربي21"، أن" روسيا تدرك أن التركيبة السكانية مساعدة لإيران في طرطوس (الطائفة العلوية) بشكل أكبر منها، لذلك قد لا تعارض روسيا قيام إيران بأعمال توسعة على ميناء طرطوس ذاته، وذلك مقابل انخراط إيران في معارك إدلب بشكل أكبر".
وتابع الكريم، بأن إيران تسعى بما تستطيع إلى كسر احتكار روسيا لمقدرات الدولة السورية، وهي لذلك تحاول أن تفرض نفسها شريكا لروسيا في إدارة ميناء طرطوس، من خلال تشييد هناغر عدة، لتسيير أعمالها التجارية على البحر المتوسط.
وبحسب الباحث الاقتصادي، فإن روسيا محتاجة إلى إيران في ميناء طرطوس بسبب التكلفة العالية لأعمال التوسعة والتطوير المقدرة بنحو 500 مليون دولار أمريكي.