هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد اقتصاديون وبرلمانيون معنيون بملف التطوير العقاري، أن قرار رئيس
مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، بمنح الحكومة حق التصرف بالأمر المباشر في
العقارات والأصول المملوكة للدولة، بالبيع أو التأجير أو الترخيص بالانتفاع أو
بالاستغلال، هي البداية لبيع مقرات الوزارات والهيئات العامة بعد نقلها للعاصمة
الإدارية الجديدة، خلال عام 2020.
وكان
مدبولي أصدر قرارا نشرته الجريدة الرسمية برقم 25 لسنة 2019، عن حق الحكومة بإبرام
الاتفاقات في حالة الضرورة التي تقتضي التعامل على العقارات بالاتفاق المباشر،
لتحقيق اعتبارات اجتماعية واقتصادية تقتضيها المصلحة العامة.
وقدر
المختصون قيمة مباني الوزارات والهيئات العامة، بأكثر من 800 مليار جنيه (50 مليار
دولار)، من حيث القيمة السوقية لسعر المتر في مناطق التحرير ووسط البلد وجاردن
سيتي والزمالك، مؤكدين أن القيمة الفعلية تتجاوز هذه الرقم، في ظل وجود مبان
حكومية أثرية، وأخرى تمثل قيمة تاريخية، ومن أهمها مباني مجلس الوزراء ومجلسا
النواب والشورى ووزارات الصحة والتربية والتعليم والإنتاج الحربي، والنقل
والمواصلات والأوقاف ومبنى الخارجية القديم، ومصلحة العملة، والمجمع العلمي
والجمعية الجغرافية المصرية.
كنز
لا يقدر
ويؤكد الوكيل السابق للجنة الإسكان بمجلس الشعب المصري، عزب مصطفى،
لـ"عربي21"، أن قرار رئيس مجلس الوزراء المصري بمنح حكومته حق التصرف في
أملاك الدولة بالأمر المباشر، يعد خطوة تمهيدية لبيع أو تأجير المباني الحكومية
بأهم مناطق وسط القاهرة، بعد نقل الوزارات للعاصمة الإدارية الجديدة.
ويضيف
مصطفى: "القرار لا يحتمل اللبس، خاصة أنه جاء بعد أيام من إعلان الحكومة بدء
تنفيذ توجيهات رئيس نظام الانقلاب، بنقل الوزارات والهيئات العامة للعاصمة
الإدارية قبل منتصف 2020، ولذلك جاء القرار ليمنح رئيس الحكومة أو من ينوب عنه
الحق في إبرام كل العقود المتعلقة بهذه المباني وغيرها، وحق التصرف فيها بالأمر
المباشر، وهو ما يثير علامات استفهام مقلقة حول نوايا الحكومة".
ويوضح الوكيل السابق للجنة الإسكان بمجلس الشعب أن هناك كثيرين
يريدون امتلاك هذه المباني، سواء لأهميتها التاريخية، مثل مقر مجلسي النواب
والشورى، الذي يعد جزءا أصيلا من تاريخ مصر الحديث، وتعد جدرانه شاهدة على كثير من
الأحداث التي مرت بها مصر، وتجربتها البرلمانية التي تعد من أوائل التجارب في
العالم، أو لامتلاك هذه المنشآت لقيمتها المادية، نظرا لموقعها الجغرافي المتميز
في وسط القاهرة، مثل مجمع التحرير.
وحسب مصطفى، فإن نظام الانقلاب، برئاسة عبد الفتاح السيسي، يريد من
نقل الوزارات والهيئات العامة لعاصمته الإدارية الجديدة تفريغ وسط القاهرة، لإنهاء
القيمة التاريخية لميدان التحرير، الذي ما زال يمثل هاجسا لدى نظام الانقلاب
العسكري، بإمكانية عودة المظاهرات للميدان مرة أخرى، وفي حال نقل الوزارات، فإن
الميدان لن يمثل وسيلة ضغط على النظام، كما أنه لن يشل حركة المرور بالقاهرة، بعد
إخلائها من الوزارات والهيئات المهمة مثل مجلسي النواب والشورى، ومجلس الوزراء.
ويوضح مصطفى أن نظام السيسي يريد الاستفادة من عوائد بيع أو تأجير
مباني الوزارات والهيئات، لحل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها مصر نتيجة القروض
التي حصل عليها خلال السنوات الماضية، تحت مبرر علاج عجز الموازنة العامة، ولكن
معظم هذه القروض كانت من نصيب العاصمة الإدارية التي أرهقت الموازنة المصرية بشكل
كبير.
مستثمرون خطرون
ويؤكد الخبير الاقتصادي سمير أبو الخير لـ"عربي21"، أنه
ليس هناك تقدير محدد للقيمة المادية للمباني الحكومية التي سيتم إخلاؤها، ولكنها
في النهاية لا تقل عن 800 مليار جنيه (50 مليار دولار)، وربما تزيد على ذلك لتصل
لـ"70 مليار دولار"، إذا ما أضيف إليها مبنى هام مثل مجمع التحرير،
والمتحف المصري بميدان التحرير، والأرض التي كان عليها مقر الحزب الوطني على
كورنيش النيل بميدان عبد المنعم رياض.
ويوضح أبو الخير أن التجارب الحالية تشير إلى رغبة المستثمرين الإماراتيين
في امتلاك هذه المنشآت، خاصة أن الإمارات هي المستثمر الأساسي بمثلث ماسبيرو
وجزيرة الوراق، وعدد من الجزر الأخرى بمجرى نهر النيل، ولأن المباني الحكومية تمثل
الأفضل من حيث الموقع والمساحات والقيمة التاريخية لبعضها، فإنهم سوف يفضلون
الاستثمار بهذه المشروعات عن غيرها.
ويحذر الخبير الاقتصادي من وجود رغبة سابقة لمستثمرين إسرائيليين
لشراء هذه المباني، موضحا أنه كانت لهم محاولات خلال حكم مبارك، للدخول في
استثمارات بباب العزب بالقلعة بغطاء إيطالي، لكنهم فشلوا في ذلك، لكن لأن العلاقات
بين السيسي وإسرائيل الآن في أفضل حالاتها، فلم يعد هناك ما يمنعهم من التواجد
كلاعب أساسي له أهداف سياسية في هذه المشروعات قبل الأهداف الاقتصادية.
واستبعد أبو الخير وجود عائد على المواطن المصري من بيع أو تأجير هذه
المنشآت، مشيرا إلى أن عائدها سوف يذهب مباشرة إما لسداد الديون العاجلة المستحقة
على مصر، التي تصل إلى 14.5 مليار دولار قبل نهاية 2019، وفقا لبيان البنك المركزي
المصري، أو لضخ أموال أخرى في العاصمة الإدارية، التي تعاني من أزمة تمويل
لاستكمال مشروعاتها المختلفة.