هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تستهدف تركيا رفع حجم صادرتها من خلال خطة التصدير الرئيسية في الفترة ما بين 2019- 2023 التي أعلنت عنها وزيرة التجارة روهصار بكجان، وذلك في إطار خطة التنمية الـ11 المعتمدة من جانب البرلمان التركي في يونيو/حزيران من العام الجاري.
وتركز الخطة التركية استهداف 17 دولة، في مقدمتها الولايات المتحدة، إضافة إلى البرازيل، الصين، إثيوبيا، المغرب، جنوب أفريقيا، كوريا الجنوبية، الهند، العراق، بريطانيا، اليابان، كينيا، ماليزيا، المكسيك، أوزبكستان، روسيا وشيلي.
وتتمحور الصادرات حول 5 قطاعات مستهدفة في خطة التصدير، وهي قطاع الآلات والسيارات والأجهزة الإلكترونية الكهربائية والصناعات الكيميائية والصناعات الغذائية.
وتسعى تركيا من خلال هذه الخطة إلى تحقيق نهج تصدير مستدام، ورفع صادراتها من المنتجات التكنولوجية العالية من 3.5 إلى 5 في المئة، حيث سجلت الصادرات التركية في العام 2018 ما قيمته 168.1 دولار، بينما تستهدف الخطة رفع حجم الصادرات إلى 226.6 مليار دولار في العام 2023.
غير أن الإعلان عن هذه الخطة يتزامن مع انخفاض في العملة المحلية التركية، كما أن البنك المركزي خفض سعر الفائدة ليصل إلى 19.75، بالإضافة إلى تأثيرات الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة.
"ستحقق توازنا"
وفي هذا السياق يرى الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة أن الدول الصناعية "تعمد إلى خفض قيمة عملتها بهدف تحفيز صادراتها وهذا ما يُسمّى بمنحنى J في الاقتصاد، ومن ثم يُصبح الاستيراد أكثر كلفة والتصدير أقلّ كلفة مما يتسبب في عجز في الميزان التجاري".
ويضيف في حديثه لـ"عربي21": "لكن على المدى القصير، تبدأ الصادرات بالارتفاع، ويعمد المواطن إلى تفضيل السلع والخدمات المنتجة محليًا نظرًا إلى فارق الأسعار مع نظيراتها المُستوردة".
وأردف عجاقة، بأن "حجم صادرات تركيا يُقارب الـ 168.1 مليار دولار أميركي في حين يصل الاستيراد إلى 223 مليار دولار أميركي أي أن هناك عجزا بقيمة 55 مليار دولار أميركي، ويعد أحد أسباب ارتفاع هذا العجز هو الإجراءات التي اتخذتها الولايات المُتحدة الأميركية ضد تركيا عبر فرض رسوم إضافية على الحديد والألمونيوم المُستورد من تركيا".
"منافسة البضائع الصينية"
وأضاف عجاقة: "إذا استطاعت تركيا رفع صادرتها إلى 226 مليار دولار أميركي، فهذا يعني أنها ستُحقّق توازنًا في ميزانها التجاري وهذا أمر سيُحصّن تركيا اقتصاديا وماليًا نظرًا إلى تعلّقها بالتدفقات المالية مع عجز في الحساب الجاري بقيمة 47 مليار دولار أميركي".
وتابع: "بالنظر إلى الدول الـ17 المستهدفة في الخطة التركية نجد أن هذه الدول تطال 3 فئات: دول متطوّرة (مُهدّدة بالركود الاقتصادي)، دول نامية (تتعلّق اقتصاداتها بشكل كبير باقتصاديات الدول المُتطوّرة) ودول في طور النمو (لا يوجد علاقة قوية بين اقتصاداتها واقتصاديات الدول المُتطوّرة).
وأكد عجاقة أنه من "هذا المُنطلق، سنشهد ارتفاعا حتميا للصادرات، لكنه لن يكون على المستوى المُتوقّع نظرًا إلى منافسة البضائع الصينية التي تبحث عن أسواق في ظل الحرب التجارية بينها وبين الولايات المُتحدة الأميركية".
وحول استهداف الخطة لتلك القطاعات الخمسة، يلفت عجاقة، إلى أن "تركيا اختارت القطاعات التي تملك فيها قدرة تنافسية مما يزيد من حظوظ نجاح الخطّة، إلا إذا عمدت الدول المُستهدفة إلى رفع الرسوم الجمركية، فهنا تكمن المخاطر الأساسية".
"تحدي الأشهر الأولى"
واعتبر أن المُشكلتين الرئيسيتين اللتين تواجهان تركيا في هذه الخطّة هما "ارتفاع كلفة خدمة الدين العام الخارجية (450 مليار دولار أميركي) ، والتضخّم الذي بلغ حدود الـ 16 بالمئة العام الماضي، وبالتالي مع خفض الفوائد سيرتفع أكثر".
وتوقع الخبير الاقتصادي أن "تمثل الأشهر الأولى من تنفيذ الخطة صعوبة على تركيا ، حيث ستشّهد تدهورا في المالية العامة والديّن العام"، مؤكدا على أن "تركيا تمتلك مقومات كبيرة تمكنها من تخطي هذه المشاكل".
"خطة مدروسة"
من جانبه يرى الخبير التركي في الاستثمار الدولي عبد الله أداك، أن خطة التصدير الأساسية التي أعلنتها وزارة التجارة التركية "تعد خطة مدروسة بشكل جيد، حيث اختارت 17 دولة يمثلن نحو 60 بالمئة من إجمالي إيرادات الناتج المحلي الإجمالي العالمي ويحصلن على 43.7 بالمئة من الواردات العالمية ويستهلكون نحو 25.2 بالمئة من حجم صادرات تركيا".
واعتبر أداك في حديثه لـ"عربي21" أن "انخفاض سعر الفائدة هو جوهر الخطة المطروحة، حيث أن خفض سعر الفائدة سيساهم في زيادة الاستثمار وتشجيع الائتمان، بالإضافة إلى خفض تكلفة رأس المال الذي سيؤثر بالإيجاب على تكلفة الإنتاج و بالتالي انخفاض أسعار السلع".
وأردف أداك، بأن "انخفاض قيمة العملة المحلية الناتج عن تضاؤل سعر الفائدة سوف يزيد من قدرة المنتج التركي على المنافسة في الأسواق الدولية مما يزيد من حجم الصادرات".
وتوقع الخبير الاقتصادي، أن "تساهم هذه المنافسة في تقليل الأثر السلبي الناتج عن الكساد الاقتصادي العالمي".
وأكد، بأنه "يوجد ترابط بين الإنتاج والتصدير في تركيا، وبدء الحرب التجارية القائمة بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية يمكن أن يتحول إلى ميزة بالنسبة لتركيا"، مضيفا أن "تحقيق أهداف تلك الخطة يساعد في تقليص حجم التضخم في الاقتصاد التركي".
"تتسم باللامركزية"
أما الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي فيشير بدوره إلى أن خفض سعر الفائدة "ليس العامل الوحيد لتحقيق تلك الخطة ولكن هناك عوامل أخرى"، مضيفا في حديثه لـ"عربي21" بأن "تخفيض سعر الفائدة يؤدي إلى انخفاض تكلفة الإنتاج مما يساعد المنتجين الأتراك على تقديم سلع بسعر تنافسي أفضل في السوق الدولية".
وأوضح الصاوي، أنه إذا "قامت تركيا بتخفيض سعر الفائدة بمعدلات أكثر مما هو عليه الآن، سيصبح سعر الفائدة عاملا مهما حيث سيمكن المنتجين الأتراك من المنافسة بشكل أكبر، خاصة أن العملة التركية لازالت قيمتها منخفضة أمام الدولار والعملات الأجنبية الأخرى، وهي ميزة تستفيد منها تركيا على مدار العامين الماضيين بشكل كبير جد".
واعتبر أن الخطة "تتسم باللامركزية حيث إنها لم تقتصر على بلد أو بلدين بل ارتكزت على عدد كبير من الدول وهذا ما يجب أن تتضمنه إستراتيجية التصدير"، مضيفا أن "القطاعات التي تستهدفها تلك الخطة تعد تقليدية باستثناء الأجهزة الإلكترونية".
وحول القيمة المستهدفة لحجم الصادرات في العام 2023، يرى الصاوي، أن "هذا الأمر يمكن تحقيقه لأن معدل الصادرات التركية خلال الأربع والخمس سنوات السابقة تزايد بشكل سنوي بين 5 و6 مليارات دولار"، مضيفا أن "هذه الخطة من الممكن أن تخفف من أزمة الحرب التجارية الموجودة بين الصين وأمريكا وإن كان سيبقى لهذه الحرب أثار سلبية على التجارة الدولية بشكل عام".