هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نقلت صحف رسمية تابعة للنظام السوري، عن مدير المؤسسة العامة للطيران، باسم منصور، إعلانه عن طرح مطارين للاستثمار، واحد في تدمر بريف حمص الشرقي، وثان بمنطقة "إيكاردا" بريف حلب الجنوبي.
وأوضحت صحيفة "تشرين"
الحكومية، أنه تم طرح مشروع لتحويل مطار تدمر إلى مطار دولي يخدم المتطلبات
السياحية لمدينة تدمر، ليخدم 15 مليون مسافر سنويا، إلى جانب تشييد مطار آخر في
منطقة "إيكاردا"، مضيفا أن "المشروعين طرحا بمواصفات دولية، وأن
لهما بعدا اقتصاديا واستثماريا مهما".
وجاء هذا الإعلان، بعد أيام قليلة من
تأكيد بدء تنفيذ اتفاق إنشاء ميناء جديد على شاطئ طرطوس، وستتولى تنفيذه شركات
إيرانية.
ويرجع اقتصاديون تحدثوا
لـ"عربي21" الإعلان عن كل هذه المشاريع، إلى سعي حلفاء النظام (روسيا،
وإيران)، لتحصيل جزء من ديونهم المتراكمة على دمشق.
من جانبه، تساءل أستاذ العلاقات
الاقتصادية الدولية حسن الشاغل، عن العوائد الاقتصادية لهذين المشروعين، وأهميتهما
في تحقيق خدمات للمستفيدين، علما بأن مطار تدمر يقع في منطقة صحرواية، فيما لا
يبعد المطار الآخر المعلن عنه في ريف حلب الجنوبي، عن مطار حلب سوى 90 كيلو مترا.
اقرأ أيضا: إيكونوميست: انتصار الأسد فارغ وسقوط إدلب لن ينهي الحرب
وقال الشاغل لـ"عربي21":
"تعتبر سوريا من المواقع المهمة عالميا في الملاحة الجوية الدولية، وهذه
الأهمية تنبع من كونها ممر عبور جوي، وليست محطة للطائرات الدولية، وهذا يعني أن
الأهمية تكمن في استخدام أجوائها وليس مطاراتها".
واستنادا إلى القراءة السابقة، أكد
الشاغل أنه لن يكون لهذه المطارات أي أهمية استراتيجية، وخاصة بوجود مطارات دولية
مهمة جدا في منطقة الشرق الأوسط في كل من تركيا والإمارات، وتربط بين الشرق والغرب.
من جانب آخر، أشار أستاذ العلاقات
الاقتصادية الدولية إلى ضعف اقتصاد النظام السوري، جراء فقدان البنك المركزي
السوري احتياطاته كافة من العملات الأجنبية والمعادن الثمينة، وخروج عائدات النفط
ورسوم المعابر من يده.
وقال إن "هذه المؤشرات
الاقتصادية، تجعل من الصعب على النظام أن يقدم على مشاريع كهذه، تتجاوز قيمة الواحد
منها 10 مليار على أقل تقدير".
طروحات عبثية
وأردف الشاغل: "النظام لا يملك
تمويل الإنفاق العام، فضلا عن العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه وعلى الدول
الأساسية الداعمة له (روسيا، إيران)، معتقدا باستحالة تنفيذ مثل هذه المشاريع في
هذه الفترة.
وقال إن "نظام الأسد لا يدرك
بما يصرح ولا بما يقول، وهذه قرارات وطروحات عبثية لا تحمل أي نوع من العقلانية،
لأنه والحلفاء لا يملكون القدرة الاقتصادية على تمويل هذه المشاريع، وسوريا غير
محتاجة لهذه المشاريع، وإنما لمشاريع في إعادة بناء البنية التحتية".
من جهته، رأى الباحث بالشأن
الاقتصادي السوري يونس الكريم، أنه "من الطبيعي أن يعلن النظام عن هذه
المشاريع، ويطرحها للاستثمار الأجنبي، في بلد يعاني من الدمار جراء الحرب".
اقرأ أيضا: هكذا يلاحق الأسد أصحاب الثروة في مناطق سيطرته.. لماذا؟
واستدرك الكريم خلال حديثه
لـ"عربي21"، بالإشارة إلى أن "المهم من كل هذه المشاريع حفظ حقوق
الدولة السورية"، مضيفا أنه "يبدو أن كل ما يطرحه النظام من مشاريع، هو
طرح اعتباطي يفتقر إلى الخطط الحقيقية، ما يثير الشكوك عن حقوق الدولة السورية
مستقبلا".
وقال الكريم إن "كل المشاريع
التي يتحدث عنها النظام، تهدف إلى مقايضة الديون الروسية والإيرانية التي تثقل
كاهله"، محذرا من خطورة ذلك على مستقبل سوريا.
من جانب آخر، رأى الكريم أن النظام
يحاول بما تبقى لديه من شرعية دولية، أن يفرض نفسه شريكا لا بد منه، في حال التوصل
إلى تسوية للأزمة السورية، برعاية دولية، موضحا أن "مخطط النظام يتحسب
لقرارات قد تفرض عليه بموجب التسوية، لذلك هو يسعى لجعل السلطة السياسية منزوعة
الاقتصاد".
رسائل لأطراف خليجية
وفي معرض تعليقه على إعلان النظام عن
المطارين، أشار الخبير المالي منذر محمد، إلى تزامن ذلك مع الزيارات التي أجرتها
وفود اقتصادية إماراتية إلى دمشق، تحت ستار المشاركة في "معرض دمشق
الدولي".
وأعرب عن اعتقاده بأن حديث النظام عن
رغبته بمنح عقد استثماري أجنبي لبناء مطار في حلب القريبة من تركيا، هو دعوة صريحة
للإمارات.
ومنهيا حديثه لـ"عربي21"،
قال محمد إن "بناء مطار كبير في هذه المنطقة سيؤثر بشكل أو بآخر على عمل
المطارات التركية، وسيزيد من مخاوف تركيا، لاسيما إذا كانت الإمارات هي المستثمرة
لهذا المشروع".
اقرأ أيضا: الأمم المتحدة تحمل الأسد وحلفاءه مسؤولية القتلى بإدلب
وكان رجال أعمال إماراتيون، أعلنوا
عن اتفاقهم مع النظام السوري، على قائمة مختلفة من الاستثمارات في سوريا، على هامش
حضور وفد كبير منهم معرض دمشق الدولي.
وقال رئيس غرفة تجارة وصناعة الشارقة
عبد الله سلطان العويس، إن قائمة الاستثمارات التي اتفق عليها بين الجانبين، شملت:
الطاقة والطاقات المتجددة، والزراعة، والصناعات الزراعية.
وفي السياق ذاته، لم يستبعد الباحث
يونس الكريم، أن يكون إعلان النظام هو بهدف زيادة الصراع على النفوذ بين الحلفاء
(روسيا وإيران)، لخلط الأوراق وزيادة استفادته من ذلك.
وقال إن "كل الاستثمارات
السابقة التي أعطيت للروس والإيرانيين، لم تدخل حيز التنفيذ بسبب الوضع الاقتصادي
المتدهور لكليهما، فضلا عن العقوبات الأمريكية التي تعرقل الشروع بالعمل".