هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بعد انتهاء عمل هيئة الحوار والوساطة، سارعت السلطات الجزائرية مباشرة إلى تنظيم الانتخابات الرئاسية، رغم الرفض الشعبي المتزايد لهذا الخيار.
وعرض وزير العدل بلقاسم زغماتي، الأربعاء، مشروعي قانونين عضويين
يتعلق الأول بالسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، والثاني بنظام الانتخابات، في
جلسة علنية بالمجلس الشعبي الوطني.
وأبدى نواب المجلس الشعبي الوطني، تماهيا مطلقا مع النصوص المعروضة، التي
كانت هيئة الحوار والوساطة وراء إنجازها ، ما يعني استبعاد إجراء أي تعديلات عليها
ربحا للوقت.
وسيكون وزير العدل، الجمعة القادمة، على موعد مع عرض القانونين على
مجلس الأمة، وهو الغرفة الثانية للبرلمان الجزائري، رغم أنه يوم عطلة أسبوعية في
الجزائر، وهو ما يكشف الطابع المتسرع الذي تتصرف به السلطة.
اقرأ أيضا: قايد صالح: الانتخابات في موعدها وهناك أطراف لا تريد الحل
وسيصادق رئيس الدولة، عبد القادر بن صالح، على الأرجح السبت القادم، على مشروعي القانونين، حتى تكون نصوصهما رسميا سارية المفعول، قبل الموعد الذي دعا إليه رئيس أركان الجيش يوم 15 أيلول/سبتمبر لاستدعاء الهيئة الناخبة التي تعني في القانون الجزائري "انطلاق المسار الانتخابي بشكل رسمي".
وأعاد رئيس أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح، الأربعاء، التأكيد
بأنه "على يقين تام بأن هذه الانتخابات ستتم في الآجال المحددة لها، بفضل قوة إدراك الشعب لخفايا
أجندة بعض الأطراف المعروفة، التي لا تمت
بأي صلة لمصلحة الشعب الجزائري"، على حد تعبيره.
حصيلة هيئة الحوار
وترى بعض التحليلات أنه لم يكن ممكنا الإسراع في تعديل الإطار القانوني لتنظيم الانتخابات، لولا القابلية التي وجدتها السلطة لدى هيئة الحوار والوساطة للتنازل عن كل الشروط والخضوع للتواريخ المحددة مسبقا لتنظيم الانتخابات.
ويُدافع عضو هيئة الحوار والوساطة، فريد بن يحيى، عن العمل الذي
استمر داخلها مدة شهر ونصف، مشيرا إلى أنه "رغم الانتقادات الكثيرة التي
طالتها، إلا أنها استطاعت تحقيق انجازات معتبرة".
وأبرز بن يحيى في حديثه مع "عربي21"، أن عمل هيئة الحوار
تم على مرحلتين، الأولى تضمنت جمع المعلومات عبر لقاءات امتدت لـ35 حزب سياسي
والعشرات من التنظيمات والجمعيات، والثانية تم فيها إعادة صياغة المعلومات وإعداد
القوانين على ضوئها، ثم إعداد التقرير وإرساله لرئيس الدولة.
ومن أبرز التعديلات التي طرأت على قانون الانتخابات، وفق بن يحيى، هو
جعل كل الراغبين في الترشح سواسية، من خلال إلغاء خيار جمع 600 توقيع من المنتخبين
المحليين وفرض جمع 50 ألف توقيع على كل المرشحين.
وأضاف: "كما أنه لم يعد مطلوبا أن يتم جمع التوقيعات في 25
ولاية، بل المطلوب جمعها فقط".
من جانبه، أوضح عضو آخر في الهيئة، رفض ذكر اسمه، أن من أبرز
الإنجازات هو حصول الجزائر أخيرا على قانون يضمن إنشاء سلطة مستقلة لتنظيم
الانتخابات، بمعنى إبعاد الإدارة تماما عن العملية الانتخابية.
اقرأ أيضا: الجيش الجزائري: عهد صناعة الرؤساء قد ولى بلا رجعة
وأبرز العضو في تصريح لـ"عربي21"، أن هيئة الحوار والوساطة، ارتأت في آخر لحظة سحب عملية تعيين أعضاء السلطة المستقلة لتنظيم الانتخاب من يد رئيس الدولة، ما يضمن المزيد من المصداقية لها.
وأضاف أن منسق هيئة الحوار كريم يونس هو من سيتولى اقتراح الأسماء
التي تشغل المجلس القيادي للسلطة المستقلة لتنظيم الانتخابات، بشكل انتقالي من أجل
تمرير الانتخابات الرئاسية، ثم سيكون كل أعضائها بالانتخاب بعد استقرار الوضع
بالجزائر لاحقا.
ولاقى عمل هيئة الحوار انتقادات لاذعة حتى من شخصيات باركت مسعى
تشكيلها، مثل علي بن فليس رئيس حزب طلائع الحريات، وعبد القادر بن قرينة رئيس حركة
البناء الوطني.
تحفظات الأحزاب
وانتقد بن فليس بشدة مشاريع القوانين التي وصلت إليها هيئة الحوار، مشيرا إلى أنه ليس من مهامها "إعداد واقتراح إنشاء سلطة انتخابية مستقلة ودائمة، كما أنه ليس من اختصاص الحكومة الحالية، اقتراح مشروع قانون عضوي في هذا الموضوع، ولا من صلاحيات البرلمان تبني نظام انتخابي سيكون قاعدة قانونية وتنظيمية".
واقترح رئيس الحكومة سابقا، إعداد وتبني قانون عضوي خاص ينظم خصيصا
الانتخابات الرئاسية المقبلة بحيث تتولى هيئة مستقلة حصريا التنظيم والإشراف والمراقبة
والمتابعة على الانتخابات الرئاسية المقبلة، وتنتهي مهمتها بنشر التقرير المتعلق
بسير هذه الانتخابات الرئاسية، وبالبث في الحسابات المالية للحملة الانتخابية للمترشحين".
من جهتها، أعلنت حركة مجتمع السلم مقاطعتها للجلسة البرلمانية الخاصة
بالمصادقة على القانونين اللذين أعدتهما هيئة الحوار والوساطة، في موقف يشير إلى
تحفظاتها الكثيرة بشأن ما ورد فيهما وطريقة إعدادهما.
اقرأ أيضا: "رايتس ووتش" تُندد بالجزائر لتشديدها "الخناق" على الحراك
المناخ العام
ويتجاوز الإشكال وفق محمد إيوانوغان، رئيس تحرير صحيفة "ليبرتي
عربي" الإلكترونية، القوانين المعروضة التي لا تشكل أي حدث، بل إلى
المناخ العام الذي تريد السلطة أن تفرض فيه الرئاسيات.
وأبرز إيوانوغان في تصريح لـ"عربي21" أنه "هناك
أهمية لهذه القوانين لكن الأهم هو السياق الذي يراد فيه تنظيم الانتخابات وهو سياق
غير مناسب تماما، ويتميز بالرعب والتهديد لكل الآراء المخالفة".
ويرى إيوانوغان في تعليقه على إنشاء سلطة مستقلة لتنظيم الانتخابات "أنه
في هذا التوقيت لا معنى لأي إجراء قانوني تقني، إذا كان الغرض هو تنظيم الانتخابات في كانون الأول،
وبقوانين ودستور الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة".