هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد خبراء في مجال النفط والطاقة، أن الهجمات الأخيرة التي شنتها جماعة الحوثي اليمنية ضد منشأتي نفط تابعة لشركة "أرامكو"، وتسببت بوقف ضخ أكثر من نصف إنتاجها (نحو 5 بالمئة من الإنتاج العالمي)، أربكت خطط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، خاصة فيما يتعلق بالاكتتاب العام لعملاق النفط السعودي.
وقال الخبراء لـ "عربي21"، إن إتمام عملية الطرح الأولي لأسهم أرامكو في الأسواق الدولية، التي تم تأجيلها أكثر من مرة، وكان يستهدف ابن سلمان تسريعها خلال الأيام المقبلة، من أجل الحصول على تمويل لتنفيذ مشاريع ومستهدفات "رؤية 2030"، أصبحت مرهونة بحجم وطبيعة الأضرار التي خلفتها الهجمات الأخيرة.
وكان ولي العهد السعودي يخطط لطرح أولي لجزء من أسهم أرامكو بالبورصة السعودية في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، قبل إدراجها دوليا في 2020، وتم بالفعل اختيار بنك "جي بي مورغان تشايز" للإشراف على العملية، إلى جانب بنوك أخرى بينها "غولدمان ساكس" و"بنك أوف أمريكا"، بحسب مصادر قريبة من الملف.
"عرقلة الاكتتاب"
وتوقعت مصادر، في تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، وترجمته "عربي21"، أن تؤثر تلك الهجمات على قيمة الشركة السعودية عند طرحها في الأسواق الدولية.
وكشفت المصادر، وفقا للصحيفة الأمريكية، عن أن المسؤولين السعوديين يبحثون تأجيل طرح أسهم أرامكو في الأسواق بعد الهجوم على الشركة، مؤكدة أن استمرار الهجمات قد يتطلب تخفيضا إضافيا لقيمة "أرامكو".
وقالت الصحيفة إن طرح نحو 5 بالمئة من أسعهم "ارامكو" يأتي ضمن مشاريع المملكة لتنويع اقتصادها بعيدا عن النفط، وفقا لرؤية 2030، كان من المنتظر أن يتم في عام 2017، لكنه واجه تأجيلات متكررة، لعدة أسباب أبرزها الخلاف بين ولي العهد السعودي، الذي يدير الشؤون اليومية للمملكة، وبعض المصرفيين حول تقييم الشركة.
ولفتت الصحيفة، إلى أن ابن سلمان يتوقع أن يقدر الاكتتاب العام الشركة بنحو تريليوني دولار، لكن مصرفيين آخرين والعديد من المسؤولين التنفيذيين في "أرامكو" يرون أن قيمة الشركة يقدر بنحو 1.5 تريليون دولار، مضيفة: "كان المقياس الرئيسي لفترة طويلة في تقييم الشركة هو سعر النفط".
وفي السياق ذاته، قالت وكالة "بلومبرغ" الأمريكية في تقرير ترجمته "عربي21"، إن "استمرار الهجمات ضد منشآت "أرامكو"، سيعرقل الاكتتاب العام للشركة، وسيجبر المستثمرين على مراجعة موقفهم وإعادة تقييم نماذج المخاطر الخاصة بهم على أرامكو".
وأكدت الوكالة أن المخاطر الجيوسياسية تشكل عاملا مهما للتقييمات في منطقة الشرق الأوسط، مضيفة: "يجب على أرامكو إظهار قدرتها على مواجهة هذه التحديات لطمأنة المستثمرين".
وتوقعت مجموعة "أوراسيا" المتخصصة في استشارات المخاطر السياسية أن "تؤثر الهجمات على منشآت النفط السعودية على قيمة شركة أرامكو، لكنها رأت أنه من غير المرجح أن تعدل المملكة من خطتها لبيع الأسهم في عملاق النفط".
"الانتظار سيد الموقف"
وحول مدى تأثير قيمة "أرامكو" بهجمات الحوثي الأخيرة، قال الخبير الاقتصادي، والمهتم بشؤون النفط والطاقة، مصطفى بازركان، إن "الجميع بانتظار تقرير من أرامكو يحدد طبيعة الأضرار، وفترة انقطاع الإنتاج"، مؤكدا أن أي توقع هو سابق لأوانه حتى هذه اللحظة.
وقال بازركان، في تصريحات لـ "عربي21": "رغم أن ارتفاع أسعار النفط يجعل أسهم الشركة مرغوبة للمستثمرين، لكن عملية الاكتتاب برمتها ستتأثر بتلك الهجمات".
وأوضح الخبير النفطي، أن الهجمات الأخيرة "لا تستهدف فقط مصادر النفط السعودية، بل تهدد إمدادات النفط العالمية، وهو ما أكده وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبو، السبت، وبيان لوزارة الخارجية البريطانية، أمس الأحد".
وأضاف: "المهم الآن ماهي أساليب المنتجين لتعويض النقص في إنتاج السعودية؟ (..) والأهم من كل ذلك العلاوة الجيوسياسية التي ستضاف إلى أسعار النفط"، لافتا إلى أن الإجابة على هذه التساؤلات يحددها الموقف الدولي الواضح في حماية إمدادات النفط الدولية لضمان عدم تكرار اعتداءات أخرى.
وأشار إلى أن "الانتظار الآن هو سيد الموقف، بشأن جدية الموقف الدولي في اتخاذ قرارات حازمة وأكثر جدية من المواقف الدولية السابقة التي دفعت إيران وأذرعها للتمادي والاستمرار في نهجها، ومن السابق لأوانه التوصل إلى أي استنتاج متسرع".
وأردف بازركان قائلا: "هنالك أمثلة لحوادث تعرضت لها شركات نفطية كبرى تسببت في خسائرها مئات المليارات من الدولارات لكنها تمكنت من تجاوز ذلك، ولذلك أنا لا أميل إلى توقعات لا تستند على معلومات وأرقام تؤكدها".
"أبعاد عالمية"
ومن ناحيته، قال الخبير المختص في شؤون النفط والطاقة، نهاد إسماعيل، إنه "إذا تم تقليل الضرر في وقت قصير سيكون التأثير على طرح أسهم أرامكو في البورصات العالمية والمحلية محدودا، ولكن إذا استمر إغلاق الإنتاج ومحطات المعالجة لفترة طويلة، فستكون كارثة اقتصادية للسعودية".
وأضاف في تصريحات لـ"عربي21": "يجب عدم تجاهل التأثير السلبي على اقتصاد العالم، واحتمال تباطؤ النمو الاقتصادي، وحتى ركود اقتصادي عالمي"، موضحا في الوقت ذاته أنه "لا يمكن الجزم بحجم الأضرار حتى تظهر معلومات شفافة ودقيقة من الطرف السعودي عن الحجم الحقيقي للخسائر، وإمكانية إعادة البناء وعودة الإنتاح والتصدير".
وأشار إسماعيل، إلى أن استهداف قلب الطاقة السعودية سيكون له أبعاد عالمية اقتصاديا وسياسيا، وربما تدخل أمريكي محتمل سواء بإطلاق الملايين من براميل النفط من مخزونها الاستراتيجي، أو التدخل العسكري لحماية النفط السعودي.