هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا لديفيد سانغر وفارناز فصيحي، يقولان فيه إنه عندما وصل الرئيس الإيراني ووزير خارجيته العام الماضي إلى نيويورك كانا في موقف قوي.
ويشير الكاتبان في مقالهما، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنهما صورا الرئيس ترامب في المؤتمرات الصحافية والمقابلات التلفزيونية على أنه لا يمكن الوثوق به؛ لأنه يخرق الاتفاقيات، لافتين إلى أن الزعماء الأوروبيين كانوا إلى جانبهما بشكل كبير، في محاولة يائسة للحفاظ على اتفاقية 2015 النووية، بعد أن انسحبت أمريكا منها.
ويقول الكاتبان إنه "لا يمكن لهذا العام أن يكون أكثر اختلافا، ففجأة أصبح الرئيس حسن روحاني ووزير خارجيته، البارع واللاذع عادة والمتعلم في أمريكا، محمد جواد ظريف، في موقع المدافع، فهما ينكران تورط إيران في تدمير منشأتين نفطيتين رئيسيتين في السعودية، وهو ادعاء يجده حتى وزير الخارجية السابق جون كيري، الذي تفاوض على الاتفاقية النووية، قبل أربع سنوات، وأصبح أكبر المدافعين عنها، صعب التصديق، وقال إن إيران تقف خلف الهجوم (بشكل أو بآخر)".
ويلفت الكاتبان إلى أن "إيران تعترف الآن كم أثرت العقوبات الأمريكية على اقتصادها، فحطمت عملتها، وحولت ما كان فترة وجيزة من الازدهار إلى ركود".
وينوه الكاتبان إلى أنه في الوقت الذي صب فيه ظريف جام غضبه على وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، وسماه "محرضا على الحرب"، فإنه تحول الآن إلى مهاجمة الأوروبيين، وقال ظريف للمراسلين يوم الأحد إنه بعد التزام الاتفاقية النووية بتعويض إيران عن كثير من الدخل الذي تخسره فقد "فشل (الأوروبيون) في كل واحد" من التزاماتهم المحددة.
وتورد الصحيفة نقلا عن ظريف، قوله: "إنهم يفكرون أنهم بحاجة لضوء أخضر من أمريكا"، مشيرا إلى أن كلا من بريطانيا وفرنسا وألمانيا منوه بالوعود التي لم تكن لديهم النية الكافية للوفاء بها إن كان ذلك سيزيد من الضغط على العلاقة الصعبة مع إدارة ترامب.
ويفيد الكاتبان بأن زاد من مأزق يوم الاثنين صدور بيان مشترك من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، اتهمت فيه إيران بالهجوم على السعودية، ودعت إيران للبدء في التصالح على قضايا أوسع من البرنامج النووي.
ويشير الكاتبان إلى أن هذا البيان الذي يتماشى مع موقف واشنطن في مسألتي الهجمات على السعودية، والحاجة لاتفاقية نووية أفضل، صدر بعد أن اجتمع زعماء البلدان الثلاثة في الأمم المتحدة، لافتين إلى أنه شكل نقلة مهمة في موقف أوروبا المتسامح مع إيران.
وتنقل الصحيفة عن الدول، قزلها في البيان: "آن الأوان لإيران أن تقبل إطار مفاوضات طويل الأمد للتفاوض على برنامجها النووي، بالإضافة إلى قضايا أمنية إقليمية تتضمن برامج الصواريخ الخاصة بها".
ويذكر الكاتبان أن إيران جاءت العام الماضي، وبعد ثلاثة أشهر من خروج ترامب من الاتفاقية النووية، إلى اجتماع الهيئة العمومية للأمم المتحدة، وحاولت أن تدق إسفينا بين أمريكا وحلفائها الأوروبيين.
وتورد الصحيفة نقلا عن نائبة رئيس قسم دراسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجلس العلاقات الخارجية الأوروبي، إيلي جيرانماية، قولها: "جاءت إيران هذا العام لاجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وقد أدركت بأن ما تستطيع الحصول عليه من الأوروبيين لا يزيد على دعم سياسي محدود للصفقة النووية".
وأضافت جيرانماية أن المسؤولين الإيرانيين وصلوا إلى نيويورك فوجدوا أن الأوروبيين لا يستطيعون عرض أي مساعدات اقتصادية حقيقية، وأنه حتى المبادرة الفرنسية بتوفير15 مليار دولار على شكل قروض بنكية لإيران، وذلك كدفعات مقدمة لشحنات نفط مستقبلية، ليس من المحتمل نجاحها، فليس من المتوقع أن تصدر واشنطن أي استثناءات، ولن تكون البنوك الأوروبية مستعدة للمشاركة في المجهود إن اعتقدت أنها ستمنع من إتمام المعاملات بالدولار الأمريكي.
ويلفت الكاتبان إلى أن ممثل الخارجية الأمريكية الخاص لإيران، برايان هوك، أوضح يوم الاثنين بأن أمريكا ستسعى لجعل مجلس الأمن يعاقب الإيرانيين، فدعا المجلس المؤلف من 15 عضوا في ظهوره في الجمعية الآسيوية في نيويورك، لتمديد حظر الأسلحة لإيران، الذي سينتهي بموجب الاتفاقية النووية بعد عام.
وقال أيضا إن على أوروبا أن تفرض عقوبات على الكيانات والأشخاص الإيرانيين المسؤولين عن برنامج الصواريخ والطائرات المسيرة، مشيرا إلى أنه يتوقع أن تتخذ الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي إجراءات بعد أن تنتهي التحقيقات في السعودية، وأضاف بأن "المجتمع الدولي يحتاج أن يعيد الردع.. فلا يفصلنا عن حرب إقليمية إلا هجوم صاروخي آخر".
ويقول الكاتبان: "قبل أسبوعين كانت تبدو إيران مستعدة لقبول عرض ترامب بالتفاوض، لكن الهجوم على السعودية واتهام أمريكا لإيران بالمسؤولية عنه قتلا هذا الاحتمال، بحسب المسؤولين الأمريكيين".
وتنقل الصحيفة عن وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لي دريان، قوله للمراسلين يوم الأحد بأن وساطة الرئيس إيمانويل ماكرون بدت واعدة حتى وقع الهجوم على المنشأة النفطية السعودية، الذي وصفه بأنه "غير اللعبة"، وتحولت أولويات فرنسا من التوسط لترتيب لقاءات بين طهران وواشنطن بهدف استئناف المفاوضات، إلى محاولة منع وقوع صراع عسكري.
وقال لي دريان: "لم يعد الاجتماع بين ترامب وروحاني هو الموضوع رقم 1.. لكن الموضوع ذا الأولوية هو إن كان بإمكاننا استئناف تخفيض التصعيد بين الأطراف المختلفة".
ويورد الكاتبان نقلا عن ظريف، قوله بأن قرار الأمريكيين يوم الجمعة اعتبار بنك إيران المركزي على أنه ممول للإرهاب، يجعل تعامل المؤسسات الدولية معه تجاريا شبه مستحيل، ما يعني أن ترامب "أغلق الباب على المفاوضات بعلم أو دون علم".
ويرى الكاتبان أن "هذا كله قد يكون مجرد إظهار لمواقف من الجانبين، فلأشهر طويلة كانت هناك إشارات من النخبة في إيران بأنه ليس أمام البلد إلا التعامل مع ترامب، ويتوقع ظريف، الذي قضى فترة جيدة من حياته في أمريكا، أن احتمال إعادة فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية القادمة أكبر من احتمال فشله".
وينوه الكاتبان إلى أن ترامب يراوح بين التهديد بالقيام بعمل عسكري وبين تأكيده أن الإيرانيين يريدون التوصل إلى "صفقة"، ويقول مستشارو ترامب بأنه يتصور مفاوضات زعيم مع زعيم، كما حصل مع كيم جنغ أون، لكن علي خامنئي "لا يحضن ولا يكتب" رسائل مديح، (وكانت جهود ترامب لدعوة ظريف للمكتب البيضاوي عن طريق السيناتور راند بول قد فشلت؛ لأن ظريف قال إنه مستعد للقاء القيادات الأمريكية لحوار حقيقي، وليس لمجرد فرصة لأخذ الصور مثل تلك التي تم عقدها مع كيم).
ويستدرك الكاتبان بأن مثل هذه اللحظة قد تكون فاتت، مشيرين إلى أن من الواضح أن الصقوري بومبيو يشعر بأن الهجمات على المنشآت السعودية، التي اتهم إيران بارتكابها قبل أن يتم جمع الأدلة، قد غيرت ديناميكية المفاوضات، وشعر أن لديه الفرصة التي أرادها على مدى 18 شهرا لقتل الجهود الأوروبية لإبطال مفعول العقوبات، وزاد بومبيو من نقده يوم الأحد، فوصف الإيرانيين بأنهم "متعطشون للدم ويبحثون عن الحرب"، وأشار إلى أنه مع تعمق تأثير العقوبات فإن الشعب الإيراني سيطالب بتغيير الحكومة، لكنه لم يطالب بتغيير النظام.
وتنقل الصحيفة عن بومبيو، قوله يوم الأحد على برنامج "فيس ذي نيشين" على تلفزيون "سي بي أس نيوز" عن الإيرانيين: "إنهم يعملون اليوم في خمس دول.. وهذا مكلف، وكان عليهم اتخاذ قرارات صعبة حول إن كانوا سيطعمون شعبهم ويوفرون له العلاج أم أنهم سيطلقون الصواريخ على السعودية".
ويقول الكاتبان إن "على الجانبين أن يظهرا نواياهما، فعندما يصل روحاني للجمعية العمومية ليتحدث يوم الأربعاء، سيعلن عن (تحالف الأمل)، بحسب ما قال ظريف، وأنه سيدعو مختلف الدول، بمن فيها الدول السنية التي ترى في إيران عدوا، بأن تتوحد على مبدأ (حرية الملاحة وأمن الطاقة)".
ويرى الكاتبان أنه "لا يبدو أن الاقتراح سيكسب قوة دفع، لكن أيضا بومبيو لم يحصل على مؤيدين كثر لتحالفه الدولي لحراسة الخليج والمياه المحيطة لحماية ناقلات النفط".
ويشير الكاتبان إلى أن ظريف سيجتمع صباح الأربعاء مع الدول التي وقعت على الاتفاقية النووية لعام 2015، باستثناء أمريكا لمناقشة مستقبل الاتفاقية، وقال إنه يرحب بوجود بومبيو في الاجتماع، لكن بشرط أن يعود للاتفاق أولا قبل التفاوض على اتفاقية جديدة، وقال إنه يمكن تحسين الاتفاقية الحالية.
ويختم الكاتبان مقالهما بالإشارة إلى أن بومبيو لن يكون هناك، بل سيكون يخاطب مجموعة تسمى متحدين ضد إيران نووية، وهي مجموعة منتقدة جدا لاتفاقية 2015.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)