هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
من المقرر إعادة فتح معبر القائم-البوكمال بين العراق وسوريا الاثنين، بعد موافقة رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي على افتتاح المنفذ البري أمام المسافرين والتبادل التجاري، وفق ما أكدته وكالة الأنباء العراقية.
وتعيد هذه الخطوة التساؤلات حول الأهمية الاستراتيجية
والاقتصادية للمعبر، وانعكاسات فتحه على صراع المحاور بالمنطقة، وتحديدا بين
الولايات المتحدة وإيران.
ويجيب على ذلك المحلل السياسي الدكتور يحيى الكبيسي
قائلا إن "إعادة فتح المعبر يأتي بدرجة أولى لتحقيق هدف سياسي، من خلال
استعادة العلاقات الطبيعية بين العراق وسوريا"، مضيفا أن "الأمر الآخر
يتعلق بمحاولة استعادة الميزان التجاري بين البلدين".
ويضيف الكبيسي في حديثه لـ"عربي21" أن
"من يراجع طبيعة العلاقة التجارية بين دمشق وبغداد قبل 2011، يجد أن سوريا
كانت الدولة المصدرة الثالثة للعراق بعد تركيا وإيران"، معتبرا أن "هناك
محاولة لاستعادة التجارة البينية، والتي جزء كبير منها هو دعم للنظام في
سوريا".
مشروع إيران
ويشير الكبيسي إلى أن "المناطق الخاضعة لسيطرة
النظام السوري والقوات العراقية في الجانب الآخر، كانت مفتوحة عمليا خلال السنتين الأخيرتين،
دون إعادة فتح المعبر بشكل رسمي"، مؤكدا أن هناك علاقة مباشرة بين الطرفين،
نظرا لسيطرة الحشد الشعبي الذي يقاتل عناصر منه داخل سوريا لدعم النظام.
ويرفض الكبيسي فرضية أن إيران تحاول من خلال إعادة فتح
معبر القائم-البوكمال إتمام مشروعها بربط العواصم الثلاث (طهران وبغداد ودمشق)
لتسهيل نقل السلاح، مشددا على أن "العراق ظل معبرا رئيسيا للسلاح لسوريا حتى
في ظل الضغط الأمريكي، وظلت الأجواء العراقية تنقل السلاح بشكل مباشر بين إيران
وسوريا، والصواريخ الروسية كانت تمر عبر أجواء العراق دون أي اعتراض، وبعيدا عن
المعابر الرسمية".
اقرأ أيضا: العراق يفتح معبر القائم الحدودي مع سوريا يوم الاثنين
ويستبعد المحلل السياسي أن يكون النظام السوري
والأطراف العراقية الداعمة للنظام، بحاجة لفتح معبر رسمي، ليكون معبرا للأسلحة
الإيرانية.
وحول تأثير الوجود الإيراني بمحيط المعبر، يؤكد
الكبيسي أنه "سيكون له تأثير كبير، نظرا لأن القوات الحليفة لإيران ولها
علاقة عضوية مع طهران تسيطر على الجانبين العراقي والسوري"، مضيفا أننا
"سنكون أمام نوع من الهيمنة الإيرانية ليس فقط على المعابر بل على الحدود
ككل".
ويشير إلى أن "إيران تحاول فرض علاقات عابرة
للحدود والهويات، لتعزيز البعد العقائدي وتغلبه على البعد الوطني"، معتقدا أن
"واشنطن عاجزة تماما في سوريا باستثناء المناطق التي تسيطر عليها قوات سورية
الديمقراطية، البعيدة عن معبر القائم-البوكمال".
منطقة ملتهبة
ويتابع الكبيسي: "من الجانب العراقي فشلت أمريكا
أيضا في فرض شروطها ومصالحها على الحكومة العراقية"، متوقعا أن تتواصل
"اللعبة المزدوجة التي استمرت طوال السنوات الماضية بنوع من التواطؤ بين
بغداد وطهران وواشنطن، بمعنى أن الخطابات تختلف عن الوقائع على الأرض".
ويرى أن "الوضع الحالي غير قابل للاستمرار، بمعنى
أن الهيمنة الإيرانية على دير الزور لن تستمر إلى الأبد"، مرجئا ذلك إلى أن
"هناك حساسية مجتمعية ومذهبية وعوامل أخرى، لكننا في وضع انتقالي، والجميع
يحاول أن يجد له موضع قدم في هذا الوضع"، بحسب تقدير الكبيسي.
من جهته، يفسر الخبير الاستراتيجي علي فضل الله خطوة
إعادة فتح معبر القائم-البوكمال بأنها تأتي في ظل "التنسيق الكبير بين
الحكومتين العراقية والسورية"، مستدركا بقوله: "المشكلة أن هذا المعبر
يقع ضمن منطقة ملتهبة ومهددة أمنيا حتى اللحظة".
اقرأ أيضا: اتفاق سوري-عراقي للشحن البري رغم إغلاق الحدود
ويوضح فضل الله في حديث تابعته "عربي21" إلى
أن "حدود المنطقة الغربية للعراق لا يزال يوجد فيها بعض الجيوب الإرهابية،
وكذلك الأراضي السورية تعتبر أصعب، لأن هناك خلافات وتقاطعا بين أكثر من قوة
متواجدة بسوريا، ولا تزال المنطقة بالعموم تشهد عمليات أمنية على كلا
الطرفين".
ويلفت فضل الله إلى أن "هناك تنسيقا وتبادل معلومات بين الحكومة العراقية والسورية من أجل تأمين المسار الذي يؤدي إلى المعبر"،
مشيرا إلى أن أهمية المعبر تكمن في بعدين، الأول استراتيجي والثاني اقتصادي".
ويبين أن "العراق يستشعر من خلال دمج الاقتصاد
بالسياسة، أنه سيشكل ورقة ضغط على النظام السوري لتأمين المنطقة"، إلى جانب
أهميتها على التجارة العالمية، في ظل وجود صراع حول هذا الطريق، ليكون في المستقبل
مسارا للتجارة الدولية.
استفادة ثلاثية
ويعتقد فضل الله أن "الجانب العراقي من
المعبر سيخضع لسيطرة القوات العراقية دون الرجوع لأي قوة أجنبية، فيما قد
يستعين النظام السوري من جانبه بقوات ثانية مثل المليشيات الإيرانية أو
غيرها"، معللا ذلك بأن "سوريا تعاني من هشاشة في الوضع الأمني والموارد
البشرية للجيش، ما يدفع طهران للمساهمة في تأمين نقل البضائع والتبادل التجاري بين
العراق وسوريا".
إضافة إلى الاستفادة السياسية والاقتصادية للعراق
وسوريا من إعادة فتح المعبر، يشير فضل الله إلى أن "إيران تسعى جاهدة لتأمين
طرق برية، أولا لسهولة النقل والتكلفة، إلى جانب إبقاء الإمدادات لمحور
المقاومة سواء في سوريا أو لبنان أو حتى فلسطين عبر الجغرافية العراقية"، على
حد قوله.
ويشدد الخبير الاستراتيجي على أن ذلك "يتمثل في
طريق التجارة المدنية وليس العسكرية، لأن سوريا تعاني، وإيران لا تريد أن تنكسر
سوريا، وتريد أن يبقى الخط اللوجستي بين العراق وسوريا"، معتقدا أن أمريكا
ستحاول منع فتح المعبر، أو على الأقل عدم وصوله للطاقة الاستيعابية الكاملة.
ويرجح فضل الله أن "تستمر الضربات الأمريكية بين
الحين والآخر بالمنطقة، لتهديد المسار التجاري بين العراق وسوريا، وحتى لا يصل إلى
ذروة الإنتاج".