هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، الاثنين، مقالا للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تناول فيه مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وكيف تتعامل بلاده معها، بمناسبة مرور عام على الجريمة التي هزت العالم.
وكتب أردوغان مقاله الذي ترجمته "عربي21"، تحت عنوان "ستواصل تركيا جهودها لتسليط الضوء على مقتل خاشقجي".
وانتقد أردوغان في مقاله، تعاطي السعودية مع الجريمة، موضحا أن هناك "افتقارا شبه تام للشفافية" بما يخص محاكمة المتورطين، مهاجما الجهود المبذولة سعوديا من أجل تبرير نقص الشفافية.
وكتب: "للمضي قدما، تتعهد تركيا بمواصلة جهودها لتسليط الضوء على مقتل خاشقجي. سنستمر في طرح نفس الأسئلة التي طرحتها في مقال افتتاحي لهذه الصحيفة العام الماضي: أين رفات خاشقجي؟ من وقع على مذكرة وفاة الصحفي السعودي؟ من الذي أرسل القتلة الخمسة عشر، بمن فيهم خبير في الطب الشرعي، على متن الطائرتين إلى إسطنبول؟".
وطالب أردوغان بأنه "يتوجب تحقيق العدالة بجريمة خاشقجي ونحن مدينون بذلك لعائلته"، مضيفا أنه "من مصلحة الإنسانية أن نضمن عدم ارتكاب مثل جريمة خاشقجي بأي مكان مرة أخرى".
واعبتر الرئيس التركي أن جريمة قتل خاشقجي تعد "أكثر الحوادث تأثيرا وإثارة للجدل في القرن الحادي والعشرين"، مؤكدا أن بلاده ستواصل جهودها لتسليط الضوء على الجريمة".
وهاجم أردوغان في مقاله في واشنطن بوست، الجهود المبذولة سعوديا لمحاسبة المتورطين جميعهم.
واعتبر أن "فرقة القتل المكونة من 15 شخصا خدمت مصالح دولة الظل داخل حكومة المملكة السعودية"، مشيرا إلى أن إدارته "قامت بتمييز واضح لا لبس فيه بين البلطجية الذين قتلوا خاشقجي والملك سلمان وأتباعه المخلصين".
وقال: "رفضنا السماح بتصوير جريمة خاشقجي على أنها نزاع ثنائي بين تركيا والسعودية".
وتاليا نص مقاله كما ترجمته "عربي21":
كان مقتل جمال خاشقجي، الكاتب الصحفي المشارك في صحيفة "واشنطن بوست"، أكثر الحوادث تأثيرا وإثارة للجدل في القرن الحادي والعشرين، باستثناء هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001 الإرهابي. لم يشكل أي حدث آخر منذ أحداث 11 سبتمبر تهديدا خطيرا للنظام الدولي أو تحدّيا للاتفاقيات التي اعتبرها العالم أمرا مفروغا منه مثل ما حدث بجريمة خاشقجي.
بعد مرور عام على الجريمة، ما زال المجتمع الدولي لا يعرف إلا القليل عما حدث بالفعل، والأمر مقلق جدا، إذا ما كانت جميع جوانب قضية الصحفي السعودي ستظهر على العلن، بحيث أن وقوع ذلك من عدمه سيحدد نوع العالم الذي يعيش فيه أطفالنا.
في أعقاب وفاة خاشقجي، تبنت حكومتي سياسة الشفافية. خلال العام الماضي، تعاونت وكالات الاستخبارات وإنفاذ القانون في تركيا، إلى جانب الدبلوماسيين والمدعين العامين، بشكل وثيق، مع نظرائهم، واتخذوا خطوات لإطلاع الجماهير الوطنية والدولية على القضية.
شاركت السلطات التركية نتائجها مع المملكة العربية السعودية بالإضافة إلى دول أخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة وروسيا وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة. كما أننا تعاونّا مع التحقيق الدولي بقيادة أغنيس كالامارد، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء والإعدام التعسفي. وطالبنا مؤخرا المملكة العربية السعودية بتسليم قتلة خاشقجي إلى تركيا، المكان الذي ارتكبوا فيه جريمتهم.
يستند رد تركيا على مقتل خاشقجي، إلى رغبتنا في دعم النظام الدولي القائم على القواعد والقوانين. لذلك رفضنا السماح بتصوير جريمة خاشقجي على أنها نزاع ثنائي بين تركيا والمملكة العربية السعودية. لطالما رأت تركيا، ولا تزال ترى في المملكة صديقة وحليفا.
ولذلك، قامت إدارتي بتمييز واضح لا لبس فيه بين البلطجية الذين قتلوا خاشقجي والملك سلمان وأتباعه المخلصين.
لكن صداقتنا الطويلة الأمد لا تعني بالضرورة الصمت. بل على العكس تماما، كما يقول المثل التركي: "الصديق الحقيقي يتحدث عن حقائق مريرة".
فرقة الاغتيال المكونة من 15 عضوا التي قتلت خاشقجي داخل قنصلية المملكة العربية السعودية في إسطنبول وقطعت جسده إلى أجزاء، خدمت مصالح دولة الظل داخل حكومة المملكة وليست تخدم الدولة السعودية أو الشعب السعودي.
لو كنا نعتقد خلاف ذلك، فإن هذه الفظاعة كانت ستُعامل بالفعل كمشكلة ثنائية. ومع ذلك، ما زلنا نرى ما حدث مسألة تتعلق بالعدالة وليس بالسياسة، ونؤكد أن المحاكم الوطنية والدولية وحدها يمكنها أن تحقق العدالة.
كان اغتيال خاشقجي مأساة، ولكنه كان أيضا انتهاكا صارخا للحصانة الدبلوماسية. إن القتلة سافروا بجوازات سفر دبلوماسية وحوّلوا مبنى دبلوماسيا إلى مسرح للجريمة -ويبدو أنهم تلقوا المساعدة في محاولة التستر من أكبر دبلوماسي سعودي في إسطنبول- ما يمثل سابقة خطيرة للغاية. ولعل الأخطر هو الإفلات من العقاب إذ يبدو أن بعض القتلة تمكنوا من ذلك بالفعل في المملكة.
ليس سرا أن هناك العديد من الأسئلة تدور حول إجراءات المحكمة في المملكة العربية السعودية. إن الافتقار شبه التام للشفافية المحيطة بالمحاكمة، والافتقار إلى الوصول العلني إلى جلسات الاستماع، والادعاء بأن بعض قتلة خاشقجي يتمتعون بحرية فعلية، فشل في تلبية توقعات المجتمع الدولي، وفيه تشويه لصورة المملكة العربية السعودية، وهو الأمر الذي لا ترغب فيه تركيا صديقة المملكة وحليفتها.
هناك جهود جارية لتبرير هذا النقص في الشفافية. هناك خط سميك للغاية بين القيام بكل ما في وسع المرء لأجل تقديم الإرهابيين إلى العدالة، وبين ارتكاب جرائم القتل العمد بسبب آراء سياسية للأشخاص. كان اختطاف مجرم الحرب النازي أدولف إيخمان، على سبيل المثال، مشروعا تماما. ومع ذلك، فإنه سيكون من السخف الإشارة إلى أن مقتل خاشقجي خدم قضية العدالة بأي شكل كان.
للمضي قدما، تتعهد تركيا بمواصلة جهودها لتسليط الضوء على مقتل خاشقجي. سنستمر في طرح نفس الأسئلة التي طرحتها في مقال افتتاحي لهذه الصحيفة العام الماضي: أين رفات خاشقجي؟ من وقع على مذكرة وفاة الصحفي السعودي؟ من الذي أرسل القتلة الخمسة عشر، بمن فيهم خبير في الطب الشرعي، على متن الطائرتين إلى إسطنبول؟
من مصلحتنا ومصلحة الإنسانية أن نضمن عدم ارتكاب مثل هذه الجريمة في أي مكان مرة أخرى.
مكافحة الإفلات من العقاب هي أسهل طريقة لتحقيق هذا الهدف. فنحن مدينون لعائلة جمال خاشقجي بذلك.