هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يروج النظام العسكري الحاكم في مصر عبر أجهزته ومؤسساته وأذرعه الإعلامية لأخبار وتصريحات عن توجه جديد لدى رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، باتخاذ قرارات اقتصادية وسياسية تقود لانفراجة في الشارع المصري مثل خفض محتمل لأسعار بعض السلع، وزيادة عدد المستفيدين من التموين، وفتح المجال العام.
وعلى وقع الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها البلاد منذ 20 أيلول/ سبتمبر الماضي والمطالبة برحيل النظام، إثر ما كشفه رجل الأعمال محمد علي، من عمليات فساد طالت رئيس الانقلاب وكبار قادته؛ غرد السيسي، عبر "توتير" الأحد، مؤكدا تفهمه للأثر السلبي لبعض "إجراءات تنقية البطاقات التموينية" على بعض المواطنين.
والثلاثاء، وجه السيسي، خلال اجتماعه برئيس حكومته مصطفى مدبولي، ووزير الدفاع محمد زكي، ووزير الداخلية محمود توفيق، ورئيس المخابرات العامة عباس كامل، ورئيس هيئة الرقابة الإدارية شريف سيف الدين؛ بتكثيف الرقابة التموينية على الأسواق لمحاربة الغلاء، والتعامل بحزم مع الممارسات الاحتكارية.
ومع بدء دور الانعقاد الخامس للبرلمان، الثلاثاء، قال رئيس مجلس النواب، علي عبدالعال، إن "الفترة المقبلة ستشهد إصلاحات سياسية وحزبية وإعلامية أيضا".
وأعلن الكاتب الصحفي، ياسر رزق، المقرب من السلطة الحاكمة، توقعاته بـ"حدوث انفراجة في اتساع المجال العام للأحزاب، وفي مجال حرية الرأي والتعبير للكتلة الوطنية المنضوية تحت لواء 30 حزيران/ يونيو".
اقرأ أيضا: لماذا يحاول السيسي الزج بجنسيات عربية في الحراك ضده؟
وأكدت وزارة التموين الثلاثاء، إعادة مليون و800 ألف مصري على بطاقات صرف السلع التموينية والخبز المقدم لحوالي 60 مليون مواطن من إجمالي 100 مليون نسمة.
والسؤال: هل تنجح تلك التصريحات والقرارات إن تمت فعليا في أن يتغاضى المصريون عما كشفه محمد علي، من فساد مالي طال السيسي وعائلته وكبار قادته؟.
لن تجدي الحلول المؤقتة
وفي رده على هذا التساؤل، قال الكاتب اليساري المعارض حسن حسين، إن "الشعب تجاوز نقطة اللاعودة، وترسخ في وجدانه عدم مصداقية النظام، وفقد ثقته بشكل مطلق فيه، وبالتالي لن تجدي أى حلول مؤقتة".
حسين، أكد لـ"عربي21"، أن "باب التنازلات الذي أُجبر النظام على مواربته ستعمل الجماهير على فتحه على مصراعيه، لاستعادة حقوقها المهدرة، خاصةً بعدما تمكنت المظاهرات الأخيرة في فتح ثغرة لا يستهان بها في جدار الخوف".
وحول احتمالات تخلى المعارضة المدنية عن مطالبهم من السيسي، مقابل فتح المجال العام أو تقليل القبضة الأمنية، يرى الصحفي المعارض أن "مايسمى بالمعارضة المدنية؛ هي وهم تبخر مع أول شعاع شمس، حيث لم تشارك تلك المعارضة في التحركات الشعبية الأخيرة، وليس لديها القدرة ولا الإرادة على التحرك للأمام خطوة واحدة".
خمسة أسباب لتنازلات السيسي
من جانبه يرى الكاتب والمفكر السياسي أمين المهدي، أن "كل ماتفعله السلطة هو عملية احتواء للغضب الاجتماعي المخزون، ورد الفعل على فيديوهات محمد علي، التي تركزت على فساد السلطة أولا والجيش ثانيا".
المهدي، أكد أيضا لـ"عربي21"، أن "أسلوب التنازلات رغم هامشيتها ليس أسلوب السيسي، بحكم خبراتنا به 8 سنوات منذ هتك أعراض فتيات ثورة 25 يناير 2011".
وأرجع الباحث المصري سبب هذا السلوك من السيسي، لعدة أسباب "أولا: ضعفه الإقليمي، واهتزاز مكانة عراب الحكم العسكري في مصر وهو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومعسكر اليمين الإسرائيلي".
وأضاف، "وثانيا: إنهيار محور نتنياهو العربي، بن سلمان وبن زايد، وهزائمهم في اليمن وفي الإقليم، بالاضافة لهزيمة السيسي والإمارات مع خليفة حفتر في ليبيا".
ويعتقد المهدي، بأن ثالث الأسباب هي أن "أغلب القراءات خاطئة لموقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من السيسي؛ فقد كان موقفه منه متأففا وعلى مضض لأن العلاقات المصرية الأمريكية مأزومة جدا ولا يوجد سفير لأميركا في مصر منذ 5 سنوات أى منذ مجيء السيسي، ولم تحصل مصر منذ 8 سنوات على طائرة F16 ولا أباتشي واحدة وتوقفت تماما مباحثات التجارة الحرة".
اقرأ أيضا: واشنطن بوست: ما سر فزع ديكتاتور ترامب "المفضل"؟
وتحدث الكاتب المصري عن "صفقة القرن" كسبب رابع لتنازلات السيسي، مؤكدا أن "صفقة القرن وهى المقابل وثمن استمرار الحكم العسكري في مصر دخلت في عنق زجاجة ضيق جدا، وهذا معناه أن النظام العسكري نفسه مهدد لو أن فرص تنفيذ صفقة القرن، تهددت".
وأشار إلى أن "تزايد الديون إلى درجة الشلل الاقتصادي أيضا هي السبب الخامس الذي قلل من قدرة السيسي على المناورة وتقديم رشى إضافية للجيش وأجهزة القمع".
وختم الكاتب والمفكر السياسي حديثه بالقول "لكن كل الأطراف في مصر وعلى رأسها السلطة تسير في طريق مسدود".
احتواء الموجة الشعبية
وكان المهدي قد قال عبر صفحته بـ"فيسبوك": قد يبدو من بعض التحركات الحكومية، أن السيسي يتراجع، ولكن مخطئ من يعتقد ذلك، هو فقط سيتحين الفرص للعودة إلى عهره وفجوره، وعلينا أن نحلل أسباب ذلك، هو يحاول شراء الوقت واحتواء الموجة الشعبية التى قد تبدو أضعف من أن تدفعه للخلف، ولكنه فزع، وضعيف جدا لأسباب عدة محلية وإقليمية ودولية".
طبخة مسمومة
وفي نفس السياق، حذر السياسي والبرلماني السابق أمين اسكندر، الشعب من الانخداع بهذه الطبخة التي وصفها بالمسمومة، مطالبا السيسي بأن يجيب الشعب على سؤال أين ذهبت الأموال الهائلة التي جاءت لمصر منذ أن تولي السلطة؟ وكيف فرط في "تيران" و"صنافير"؟ وعما تنازل عنه من مياه مصرية في اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر وقبرص واليونان وإسرائيل؟.
وتابع اسكندر تساؤلاته عبر "فيسبوك": "ماهي المشروعات التي قام بها السيسي؟، ومع من تشاور بشأنها؟، وهل كانت في أولويات مشاكل الناس؟".
وكحل عاجل طالب بحل البرلمان، وبتعهد جيش الشعب المصري بالبعد عن البزنس والبعد عن الرئيس وعمل مسافة حتى لا يتحمل خسائر غضب الناس من سياساته، داعيا السيسي لإعلان رؤيته بشفافية للخروج من أزمة الديون والتبعية لأمريكا وإسرائيل والسعودية والإمارات.