هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للكاتب والروائي المصري عز الدين شكري فشير، يقول فيه إن ديكتاتورية مصر تجلس على برميل بارود.
ويبدأ فشير مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، بالقول: "لا أحد يحب النظام العسكري لعبد الفتاح السيسي، ولا حتى أنصاره، ومن لا يعارضه فإنه يتسامح معه على مضض، ولسبب واحد، وهو الاعتقاد بأنه يوفر الاستقرار لمصر ويصلح دولتها الفاشلة".
ويرى الكاتب أن "مشكلة السيسي أنه فشل على الجهتين، السياسة والاقتصادية، فبدلا من بناء شراكة طويلة الأمد، فإنه اختار الطريق الأسهل بشكل أضعف قدرته على الإصلاح وبناء الاستقرار".
ويقول فشير إن "نسخة السيسي للإصلاح السياسي كانت محدودة برفع الدعم وتعويم العملة، دون القيام بعملية إعادة تشكيل الاقتصاد الوطني والبنى التنظيمية، وكما هو متوقع فقد أفقرت سياساته الكثير من المصريين، وأكد السيسي في الكثير من خطاباته استمراره في سياساته (حتى لو كان علينا أن نتضور جوعا)، ومع أنه مستعد لتجويع شعبه فإن غالبية المئة مليون الذين يحكمهم أصبحوا متعبين منه، وسخطهم يتزايد، وهو ما دفع الحكومة نحو القمع لضبط السخط".
ويشير الكاتب إلى أن "النظام أصبح يلاحق أعداءه من اليمين واليسار، فبالإضافة إلى أن الملايين يعانون من الوضع الاقتصادي، فإن هناك ملايين من الإسلاميين الغاضبين وأنصارهم ينتظرون الفرصة للانتقام لمن عذبهم وقتلهم النظام، وهناك مليشيا مسلحة في شبه جزيرة سيناء، بالإضافة إلى الملايين من الشباب المصري الذين يكرهون كل ما يمثله النظام، وهناك الملايين من الناس الذين كانوا يعتقدون أن الليبرالية الديمقراطية قاب قوسين أو أدنى لتختطف منهم وتعود بهم إلى حكم عسكري على شكل ما كان في عام 1960".
ويقول فشير: "كأن هذا كله ليس كافيا، فقام النظام بإفراغ المؤسسات من معناها، فعندما حاولت مجموعة من الناشطين، بينهم النائب السابق زياد العليمي، المشاركة في الانتخابات، فإنه تم اعتقالهم ورميهم في السجن، ومن خلال الجمع بين ما هو قانوني وخارج عن القانون قام النظام الذي يقوده السيسي بنزع قوة المجتمع المدني وتطهيره وإسكات الإعلام، وكانت النتيجة لهذا كله هي محو صمام الأمان للنظام، ونزع الحواجز التي تفصل بينه وبين السكان الغاضبين".
ويجد الكاتب أنه "بعبارة أخرى، فإن ديكتاتورية مصر تجلس على سحابة من الخوف تحتها برميل من البارود، وإذا ثقبت هذه الغيمة فسيحترق النظام بالنار المشتعلة، ولا بد أن تنكسر سحابة الخوف لأن ما يطلق عليها بالإصلاحات والقمع الذي يمارسه النظام لفرضها يعملان على زيادة الحرارة وارتفاعها".
ويلفت فشير إلى ما قام به مقاول وممثل ساخط، أفرغ جام غضبه على النظام، وهز "الاستقرار" بمجموعة قليلة من أشرطة الفيديو التي فصل فيها تعامله مع النظام وحاشيته الفاسدة، ودعا إلى الثورة، مشيرا إلى أن الرد من النظام كان كاشفا، واشتمل على برامج تلفازية وجهت أنواع الاتهامات كلها للمقاول، وتمت دعوة المدونين المؤثرين لتذكير الناس بما واجهوه عام 2011 من الفوضى والاضطراب، وأكدت خطب الجمعة أهمية الولاء، وحذرت من الخيانة، واستدعي الفنانون للعن "المتآمرين"، وتم استدعاء قوات الأمن في حالة لم تجدي هذه الإجراءات كلها.
ويستدرك الكاتب بأنه "رغم هذا كله فإن متظاهرين خرجوا إلى الشوارع في مظاهرات تم تفريقها، لكنها فجرت فقاعة الحصانة حول النظام، وفجأة قام الرئيس بحديث (نادر عبر منابر التواصل الاجتماعي وطمأن المواطنين بأن الأمن قوي)، وبعد ذلك تناول اتهامات الفساد بالتفصيل، وأعلن عن إعادة الدعم لمليون مواطن، وزعم أن حرمانهم كان خطأ، وتم تخفيض سعر الوقود لأول مرة منذ عقد، وتم تقديم وعود عاجلة بالإصلاح السياسي من رئيس البرلمان، (على الرغم من قوله إن القمع كان ضروريا لبناء بنية تحتية قوية، كما قال هتلر)".
ويؤكد فشير أن "الرد الحقيقي كان القمع، فقد تم اعتقال الناشطين المعروفين علاء عبد الفتاح وماهينور المصري، واعتقلت الناشطة الداعية للديمقراطية إسراء عبد الفتاح، وتعرضت للضرب، وكذلك خالد داوود وحسن نافعة وحازم حسني".
ويقول الكاتب: "لم ينج حتى السياح، الذين جاءوا من السودان والأردن وهولندا، من القمع، فاعتقلوا وأجبروا على الظهور والاعتراف بالتجسس أمام عدسات التلفزة، ثم بدأت الشرطة بوقف المارة والطلب منهم فتح هواتفهم النقالة، بمن فيهم الناشطة سناء سيف، والقائمة طويلة، وتم اعتقال 3600 شخص، بينهم أطفال".
ويختم فشير مقاله بالقول: "هذا ليس دليلا على الاستقرار، لكنه إشارة تحذير، وضرب علاء عبد الفتاح وإسراء عبد الفتاح لن يؤدي إلى اختفاء مشكلات مصر الضخمة، أو يجعل غالبية المصريين يقبلون أوضاعهم المتردية، أو يقلل من أعداء النظام، ولا يمكن أن يتحقق الاستقرار والإصلاح العميق الذي يستحقه المصريون إلا من خلال إنهاء القمع والمصالحة الوطنية".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)