هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقال رأي للنائبة الديمقراطية عن ولاية مينسوتا، إلهان عمر، تصف فيه أنظمة العقوبات، التي باتت سلاحا حادا يلوح به الرئيس دونالد ترامب ضد أي دولة، بأنها جزء من السياسة الخارجية الفاشلة، ويجب التوقف عن استخدامها.
وتبدأ عمر مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، بالقول إن الرئيس ترامب تحدث قبل أقل من ثلاثة أسابيع عبر الهاتف مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فاتحا الطريق أمام سلسلة من الأحداث المتتالية التي أحدثت الفوضى، وعرضت الأمن القومي الأمريكي والشرق الأوسط والعالم للخطر.
وتشير الكاتبة إلى أن "ما حدث بعد الغزو التركي لشمال شرق سوريا كان كارثة أجبرت عشرات الآلاف من المدنيين على النزوح، وأدت إلى فرار المئات من مقاتلي تنظيم الدولة، فيما اتهمت المعارضة المسلحة التي تدعمها تركيا بارتكاب جرائم ضد الأكراد".
وترى عمر أن "محاسبة المجرمين ودعم الأكراد ضروريان، لكن في نقاشات الكونغرس للتوغل التركي، طالب النواب الجمهوريون والديمقراطيون على حد سواء بشيء واحد: العقوبات القاسية، وفي 14 تشرين الأول/ أكتوبر، قال ترامب في بيان عن تركيا: (أنا مستعد لتدمير الاقتصاد التركي وبشكل حاسم لو واصل القادة الأتراك طريقهم الخطير والمدمر)، وفرض عقوبات قبل أن يرفعها يوم الثلاثاء ليعود ويهدد بعقوبات تشل تركيا".
وتعلق الكاتبة قائلة إن "تصريحات ترامب تعكس ودون شك استراتيجية الولايات المتحدة الفاشلة ضد إيران وفنزويلا، والقائمة على فرض (أقصى العقوبات)، وكما في نظام العقوبات على هاتين الدولتين فلو حدث مع تركيا فإن هناك كارثة إنسانية وجيوسياسية بالانتظار".
وتؤكد عمر أن "السياسة الخارجية باتت في معظمها تعتمد على ذاكرة العضلات، التي لا أدوات لديها لاتخاذ القرار الصائب، وفي معظم الأحيان فإن العقوبات يتم فرضها دون تفكير ودون انسجام، وتترك آثارا عكسية".
وتلفت الكاتبة إلى أن "الدراسات تكشف عن أن العقوبات في العادة لا تحقق أهدافها المرجوة، وفي السيناريو الأسوأ فإنها تضر بشعوب الدول، وهم الناس الذين ندعي مساعدتهم، ولا تترك أي أثر على تصرفات الدولة، وتكشف الدراسات أيضا أن الدول تقوم بانتهاكات لحقوق الإنسان في ظل العقوبات أكثر من المعدلات التي تمارسها دون عقوبات".
وتؤكد عمر أن "العقوبات ليست غاية في حد ذاتها، لكننا نستخدمها ورقة ضغط دون خطة لما بعدها، سواء حققت أهدافها المنشودة أم لا".
وتنوه الكاتبة إلى أن "العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب على إيران دمرت الطبقة المتوسطة، وزادت من العداء لأمريكا، وزادت من التوتر بين البلدين، الذي وصل إلى درجة خطيرة، وهذا كله بعد سنوات من محاولة تحسين العلاقات بين أمريكا وإيران".
وتجد عمر أن "العقوبات عززت وضع النظام الإيراني في الداخل، ووحدت ما بين جماعات حقوق الإنسان والقيادة الإيرانية لمعارضة الاستراتيجية الأمريكية، ومن الآثار المباشرة للعقوبات نقص الأدوية التي تمنع الأمراض وتحمي الأرواح".
وتورد الكاتبة نقلا عن مجموعة من الناشطات الإيرانيات، قولهن عن العقوبات، إنه "في الوقت الذي يزعم فيه مؤيدو العقوبات أنها للعناية بالشعب الإيراني، إلا أن سياساتهم خلفت أمة في حالة من الخوف واليأس والتعب؛ لأن العقوبات والضغوط الاقتصادية لا تستهدف إلا النسيج الاجتماعي".
وتشير عمر إلى أنه "تم تطبيق هذه السياسة المتخلفة ذاتها على فنزويلا، حيث تحاول إدارة ترامب الضغط على حكومة نيكولاس مادورو والإطاحة به، وفرضت عليه عقوبات قاسية شملت شركة النفط الوطنية والمصرف المركزي؛ أملا في إخراجه سريعا من السلطة، لتجد الإدارة نفسها أمام أزمة مستعصية قد تؤدي إلى حرب أهلية، ودون شك فإن المشكلات في فنزويلا هي من صنع حكومة مادورو، التي ورثت كما من المشكلات التي يمكن حلها لكنها تجاهلتها، لكن العقوبات الأمريكية زادت من الكارثة الاقتصادية في البلد، وقدمت لمادورو نصرا دعائيا، وحمل أمريكا مسؤولية الأزمة الاقتصادية واستمر في الحكم".
وتقول الكاتبة إن "حالة إيران وفنزويلا تشير إلى مشكلة أكبر، وهي أن صناع السياسة الأمريكية يسارعون في فرض العقوبات على الأنظمة التي يختلفون معها ودون التفكير بالعواقب الإنسانية وإمكانيات النجاح".
وتؤكد عمر أنها لا تنتقد نظام العقوبات بشكل كامل، "فقانون ماغنستكي العالمي، الذي يستهدف الأشخاص الذين ارتكبوا انتهاكات في مجال حقوق الإنسان، يمكن أن يكون آلية مهمة للمحاسبة لو استخدم بطريقة صحيحة، ولم يوجه فقط ضد الأعداء الجيوسياسيين، بالإضافة إلى أن حملات المقاطعة، مثل تلك التي استخدمت ضد نظام التمييز العنصري في جنوب أفريقيا، يمكن أن تترك أثرها بالتوصل إلى حل سياسي".
وتستدرك الكاتبة بأن "العقوبات الاقتصادية عادة ما تضر بالمدنيين ولا تقويهم، فالعقوبات على كوبا مفروضة منذ عقود لكنها لم تؤثر على الحكومة الكوبية بل على ملايين الكوبيين، واستطاع الرئيس باراك أوباما تحقيق تقدم معها من خلال الدبلوماسية والحوار فقط".
وترى عمر أن "الأمر ذاته كان يجب عمله في سوريا، بحيث قامت الولايات المتحدة بالتفاوض على المنطقة الآمنة ليعيش فيها المدنيون خارج نظام الأسد، وليس منح ضوء أخضر أدى إلى قتل الأكراد، وربما فرض حظر على تركيا يحدد من قدرة أردوغان على شن الحرب، كما يفكر الكونغرس حاليا، إلا أن معالجة المشكلة تحتاج إلى سياسة خارجية لا تفضل الحرب، عسكرية كانت أم اقتصادية".
وتختم الكاتبة مقالها بالقول إن "هذا يعني سياسة خارجية متجذرة في تجارب الناس الذي تضرروا من العقوبات، وصادقة في معالجة انتهاكات حقوق الإنسان، ومن هنا فإن التشكيك في الاعتماد المفرط على العقوبات يتوافق مع دعم المصالح القومية والدفاع عنها، ولهذا فقد حان الوقت لوقف الاعتماد على السياسة الفاشلة لفرض العقوبات".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)