ملفات وتقارير

كيف ستنعكس "نتائج التحقيق" على مظاهرات الجمعة بالعراق؟

سياسيون توقعوا انعكاسات سلبية لتقرير التحقيق على مظاهرات الجمعة- جيتي
سياسيون توقعوا انعكاسات سلبية لتقرير التحقيق على مظاهرات الجمعة- جيتي

قوبلت نتائج اللجنة التحقيقية التي شكلتها الحكومة العراقية، للكشف عن قاتلي المتظاهرين والجهات التي أعطت الأوامر بإطلاق النار، برفض شعبي وسياسي واسع، دفع رئيس الحكومة عادل عبد المهدي إلى التعهد بـ"معالجة الأخطاء" التي وردت في تقرير اللجنة.

وقال عبد المهدي في كلمة له الأربعاء: "سنعالج الأخطاء التي وردت في تقرير اللجنة التحقيقية". وأضاف: "نسمع مطالب شعبنا ونعمل على تلبيتها"، داعيا القوى السياسية إلى "العمل سوية لحل المشاكل".

وبعد الكشف عن تقرير نتائج التحقيق، وحالة الامتعاض التي أبداها الشارع العراقي حياله، برزت تساؤلات حول انعكاس ذلك على مظاهرات يوم غد الجمعة؟ وهل أخفقت الحكومة في إيصال رسالة تطمين تخفف من احتقان الشارع؟

خيبة أمل

وتعليقا على ذلك، قال السياسي العراقي الدكتور نديم الجابري لـ"عربي21" إن الشارع أصيب بخيبة أمل من هذا التقرير، لأن التصنع والتكلف وعدم الواقعية كانت واضحة على ملامحه".

وأضاف، أن "التقرير كان يراد له أن يذهب إلى أبعد من ذلك بتخوين المتظاهرين، لكن الحملة التي سبقت إعلانه غيّرت منه إلى تقديم عدد من الشخصيات العسكرية أكباش فداء".

وأشار الجابري إلى أن "ما حصل في مظاهرات 1 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، من الصعب أن ينسب كما ورد في التقرير، إلى أعمال فردية قام بها عناصر من الأمن وذلك لأكثر من سبب".

وأرجع النائب السابق ذلك إلى سببين: "الأول، سلاح القنص كيف مُرر ونُصب فوق بنايات عالية والقطعات الأمنية قريبة منه؟. أما الثاني، هو اتساع ظاهرة القوة المفرطة في أكثر من مكان، دلالة على أن هناك تنظيما أو قرارا سياسيا يقف وراء هذه الدوافع".

وبشأن انعكاس نتائج التحقيق على الشارع العراقي الذي يستعد للخروج بتظاهرات احتجاجية غدا الجمعة، أعرب الجابري عن اعتقاده بأن "التقرير لن ينعكس ايجابا على الجمهور، وإنما آثاره ستكون سلبية، بل ربما يزيد من نقمة الشارع".

 

إقرأ أيضا: تقرير أممي يتهم الأمن العراقي بقمع الاحتجاجات الأخيرة

وحول ما إذا كانت الحكومة أرادت من خلال التقرير، إيصال رسالة تطمين للمتظاهرين، بعدما أحالت عددا من الضباط إلى القضاء، قال الجابري "لو اتسم التقرير بالصدق والواقعية، كان من الممكن أن يحمل هذه الرسالة، لكن بهذه الطريقة التي تضلل الحقيقة، اعتقد أن هذا له آثار سلبية".

وأوضح الجابري: "عندما تلقي الحكومة خطابا أو تتبنى تحقيقا معيّنا يجب أن تتوخى القبول الشعبي لنتائجه، فطرح وجهة نظر بهذه الطريقة (التقرير)، بلا شك لن تحظى بقناعة المواطن العراقي البسيط، ولذلك قد تدفع أكثر باتجاه التظاهر يوم غد الجمعة".

زاد الاحتقان

وعلى نحو مماثل، انتقد العضو السابق في لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، حامد المطلك، التقرير الحكومي، وقال: "عندما يخرج الشعب العراقي يطالب بجزء من حقوقه، ويجابه بهذا العنف وتوجه الرصاصات إلى صدورهم ويسقط قتلى ومصابين، هل من المعقول أن تكون نتيجة التقرير بهذه الدرجة من الضبابية وعدم الوضوح في التشخيص؟".

وتساءل: "من هم القتلة من القناصون الذين قنصوا هؤلاء المتظاهرين، ومن أين جاؤوا وكيف نفذوا هذا العمل الإجرامي ولم يقبض عليهم؟ وأجاب: هذه حقيقة تعطي الشاب العراقي الكثير من الشكوك، حول جدية الحكومة ومصداقيتها في التعامل مع هذه الأحداث ومع هؤلاء المجرمين" وفق قوله.

وأكد النائب السابق، أن إغفال التقرير لهذه الحقائق بالتأكيد سيزيد من احتقان وغضب الشارع، لأنه إجراء "غير سليم وتمويهي ومفضوح هدفه طمطمة الموضوع، واقناع العراقيين بأشياء مغايرة" على حد وصفه.

وأردف: "هناك قتلة ومجرمون قتلوا أبرياء عن عمد، لم يُشخص هؤلاء ولم يحالوا إلى المحاكم، فما فائدة أن تحيل شخصا إلى التقاعد والمجرم يبقى طليقا وبعيدا عن المحاسبة؟".

وتساءل المطلك: "أين الأجهزة الأمنية والاستخبارية من القناصة؟ يجب أن يعرف هؤلاء ويشخصون بالاسم ومن الذي دفعهم وما هي أسباب قيامهم بهذه العمليات الإجرامية، ويحالون إلى المحاكم لكي يطمئن الشعب العراقي ويثق بوجود حكومة وقانون يأخذ حقوقهم ويصون حقوق عائلاتهم".

أخفى الجناة

وفي السياق ذاته، وجّه رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي، انتقادا لاذعا للحكومة وطالبها بالاستقالة وتقديم اعتذار للشعب العراقي عن "الجريمة" التي ارتكبت بحث المواطنين العّزل.

 

إقرأ أيضا: "عربي21" ترصد الأوضاع في العراق قبيل مظاهرات الجمعة

وقال العبادي في تغريدة على "تويتر" إن "التقرير الحكومي لم يكشف عن الجهات الحقيقية التي أمرت بقتل المتظاهرين. على الحكومة الاستقالة والاعتذار من الشعب عن الجريمة التي ارتكبت بحق المواطنين العزل، خصوصا وأن استهدافهم حصل في أكثر من محافظة وفي أكثر من موقع مما يدلل أن التوجيه كان من جهة مركزية عليا".


ومثل ذلك، وصف النائب في البرلمان العراقي فائق الشيخ علي التحقيق بـ"السخيف والتافه"، كما انضم وزير الدفاع الأسبق خالد العبيدي إلى حملة النقد بالقول: "إن التقرير لم يكشف الجناة بل أخفاهم"، في حين تساءل تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم عن "القناصين والمندسين ومصير المعتقلين".

وخلص التقرير الحكومي الذي نشر الثلاثاء، إلى إعفاء كل من قائد عمليات بغداد وإحالته إلى مجلس تحقيق، وقادة شرطة بغداد وبابل والناصرية والديوانية وميسان والنجف، كذلك إعفاء وقائد الفرقة 11، والفرقة الأولى شرطة اتحادية، وآمر مشاة لواء 45، وإقالة قائد عمليات الرافدين.

وعزا التقرير الإجراء إلى تقصير عدد كبير من الأجهزة الأمنية في محافظات بغداد وبابل والنجف وميسان والديوانية، ما أسفر عن مقتل 149 مدنيا وإصابة 4 آلاف و207 آخرين، ومقتل 8 عناصر أمن‎ وجرح ألف و287 آخرين خلال المظاهرات الأخيرة في عموم البلاد.

ومن المقرر أن تُستأنف يوم غد الجمعة، المظاهرات الشعبية في بغداد ومحافظات وسط وجنوب العراق التي دعا إليها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي في 1 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، بعدما توقفت بطلب من الحكومة لمناسبة "أربعينية الحسين".

التعليقات (0)