هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لاقت تصريحات رئيس حكومة الوفاق الليبية، فائز السراج
والوفد المرافق له في "روسيا" حول عمق العلاقة مع موسكو وتطلعاتهم
لتقارب أكثر، مزيدا من التكهنات حول مساعي الحكومة الليبية لمغازلة الروس من أجل
تحييدهم وإبعادهم عن معسكر الجنرال خليفة حفتر.
وأكد "السراج" خلال تواجده في القمة
"الروسية-الإفريقية" في "سوتشي" أن "مشاركة ليبيا في هذه
القمة تؤكد عمق وجدية علاقة "طرابلس" مع "موسكو"، مشيرا إلى
أن حكومته لا تتردد في التعامل مع أي طرف للدفاع عن نفسها وأنه حق مشروع لا يمكن
مصادرته".
قمح واستثمار
وأشار رئيس حكومة الوفاق الذي يترأس وفدا رفيعا إلى
"سوتشي" إلى أنه يوجد اتفاق موسع بين ليبيا وروسيا منذ العام 2008 تعمل
حكومته على مراجعته (دون ذكر طبيعة الاتفاق)، مضيفا أنه "ستكون أيضا هناك
مراجعة للمشروعات المتوقفة وحث الشركات الروسية للعودة للاستثمار في ليبيا"،
وفق تصريحات تلفزيونية.
من جهته، قال رئيس مجموعة الاتصال الروسية الخاصة
بالتسوية الليبية، ليف دينغوف خلال لقاء مع "السراج" إن "بلاده
ستوقع اتفاقا مع ليبيا مدته عاما واحدا لإمدادها بمليون طن من القمح سنويا، على أن
يبدأ التوريد في بداية العام القادم".
اقرأ أيضا: ليبيا تحتفل بـ"عيد التحرير" من القذافي.. ما الذي تغير؟
وأوضح "دينغوف" أن "الاجتماع مع
"السراج" أظهر أن "طرابلس" مهتمة بتطوير تعاون متعدد الجهات
مع موسكو، سياسيا واقتصاديا، وأن الليبيين أعربوا عن اهتمامهم بتنفيذ مشاريع في
مجالات مثل التنقيب عن النفط والغاز والكهرباء، إضافة لتقديم يد العون في بناء محطة
للطاقة"، بحسب قناة "روسيا اليوم".
ورأى مراقبون للزيارة والتصريحات أن "وعود
"السراج" لموسكو بمثابة مغازلة ومقايضة لها مقابل التخلي عن
"حفتر" ومشروعه أو حتى التواصل معه، متسائلين عن مدى نجاح هذه الخطوة
وقدرة "السراج" وفريقه على إقناع "الروس" بذلك وكذلك الحشد
لموقفهم في مؤتمر "برلين"؟.
دعم روسي معلن
وأكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة "صقريا"
التركية، خيري عمر أن "تصريحات ووعود "السراج" للدولة الروسية هي
بمثابة طلب للدعم المعلن لحكومة الوفاق المعترف بها دوليا كون "روسيا"
معترفة بالاتفاق السياسي الليبي، ومطالبة لها بمزيد من التواصل والتنسيق وأن تثبت
ذلك في تصرفاتها".
واستبعد "عمر"، المختص بالملف الليبي" في
تصريحاته لـ"عربي21" أن تكون الزيارة أو التصريحات من قبل السراج وفريقه
"مغازلة" أو طلب مقايضة بخصوص "حفتر" كون الروس حتى هذه
اللحظة يقومون بدور محايد "ظاهريا" في الملف الليبي، والوفاق تسعى للفوز
بدعم روسي بتطبيق قرارات مجلس الأمن".
وبخصوص نجاح "السراج" في إقناع الروس أو الحشد
لمؤتمر "برلين"، قال: "السراج ينظر كثيرا لدول الشمال مثل فرنسا
وإيطاليا والولايات المتحدة وتركيا لذا لا يهتم كثيرا بالدول الأخرى حتى يسعى
لحشدها، ووجوده في القمة الإفريقية هو محاولة لعرض الأزمة الليبية وتفاصيلها
وفقط"، وفق تقديراته.
اقرأ أيضا: أوامر عسكرية في ليبيا بالقبض على حفتر وثلاثة من مساعديه
"السراج"
سينجح
وأوضح رئيس مؤسسة "مبادر" الريادية (شبابية
مستقلة)، طاهر النغنوغي أن "رئيس حكومة الوفاق سينجح في تحييدهم
"الروس" وإقناعهم بالتخلي عن دعم المشروع العسكري في ليبيا كون
"السراج" يسيطر على المصرف المركزي ولديه شرعية دولية تمكنه من إبرام
العقود وتجديدها وروسيا تعلم ذلك جيدا".
وأضاف لـ"عربي21": "هذه القوة الدولية
للحكومة وتصريحات رئيسها في "سوتشي" تشير إلى توجه جديد في التعامل
بجدية مع "موسكو" في المرحلة المقبلة وبصورة علنية وهذا ربما يبعد
"الروس" على مساندة أو دعم "حفتر"، وفق تصريحاته.
تحالف مع "حفتر"
لكن الباحث السياسي السوداني المهتم بالملف الليبي، عباس
محمد صالح أكد أنه "ليس من السهل لحكومة "السراج" إقناع
"موسكو" بالتخلي عن دعم "حفتر" مهما كانت المغريات لأن حسابات
"روسيا" تقتضي كسب الطرفين في نفس الوقت، أي تسعى للحصول على عقود مغرية
في ليبيا بغض النظر عن شرعية الأطراف".
اقرأ أيضا: التايمز: مقتل مرتزقة روس يقاتلون مع حفتر
وصرح لـ"عربي21" "بالنسبة لتواصل
"موسكو" واعترافها بحكومة الوفاق فهذا موقف طبيعي يجاري المواقف الغربية
التي تعترف بشرعية حكومة "طرابلس"، لكنها (روسيا) في الوقت نفسه تتحالف
مع "حفتر" الذي يتمرد على هذه الشرعية كون مصالحها الأمنية تقتضي
التحالف معه حتى إشعار آخر".
فات الأوان
وبدوره رأى الصحفي الليبي، محمد الشامي أن "الوفاق
ورئيسها "السراج" تأخروا كثيرا في فهم اللعبة السياسية والدولية وإدراك
أن دول العالم الكبرى لا تتفق إلا مع مصالحها التجارية والاقتصادية وما السياسة
إلا ديكور خارجي لهذه المصالح".
وأوضح في تصريحات لـ"عربي"21 أن
"الاتفاقيات القديمة الذي تحدث عنها "السراج" مع الروس ما هي إلا
صفقات أسلحة ومعدات عسكرية وجزء منها مدفوع ماليا من "القذافي"، وقد
عرضت روسيا منذ 4 سنوات مضت بدء تسليمها حينها، لكنها اشترطت زيادة توسيع العقود
العسكرية والتجارية وإعادة الإعمار"، وفق معلوماته.
وقال: "رغم البطء الشديد من قبل الحكومة ورئيسها
إلا أننا نشجع هذه الخطوات على أمل أن تنجح في تحييد الطرف الروسي على الأقل في
عدوان "حفتر" على العاصمة".