هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا لكل من مارك فيشر وجوناثان أوكونيل، تحت عنوان "الأمير الملياردير ومشروع أمازون الذي جمد في الصحراء"، يتحدثان فيه عن مشروع للتعاون بين شركة "أمازون" والسعودية.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن شركة "أمازون" والسعودية بدتا كأنهما حليفتان مثاليتان، فكلاهما كانت لديها طموحات بأن تكون لاعبة مهمة في مجال الاقتصاد العالمي، فهو تعاون بين أكبر متجر في العالم وبين أكبر منتج للنفط في العالم، حيث تحركا في السنوات الماضية نحو تعاون بقيمة مليار دولار لبناء مراكز بيانات لشركة "أمازون" في مملكة الصحراء، إلا أن عملاء سعوديين قتلوا الصحافي جمال خاشقجي، في القنصلية السعودية في إسطنبول.
ويلفت الكاتبان إلى أن مشروع مراكز "أمازون" في السعودية توقف؛ لكون مالك صحيفة "واشنطن بوست" هو جيف بيزوس، صاحب "أمازون"، مشيرين إلى أن مسؤولي الشركة يقولون إنه لا يوجد أي تحرك بشأن الصفقة هذا العام.
وتقول الصحيفة إنه عندما يتدفق رجال الأعمال والمسؤولون الماليون الكبار على الرياض للمشاركة في مؤتمر استثمار المستقبل في الرياض، بحيث يفتحون الباب أمام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للعودة إلى المسرح الدولي، فإن مؤسس "أمازون" أو أيا من مسؤولي الشركة لن يكونوا ضمن الحضور، بحسب مصادر مطلعة على خطط الشركة.
ويستدرك التقرير بأنه رغم عدم رغبة أي من الطرفين بإعلان نهاية الشراكة، إلا أن التجميد جاء نتيجة سلسلة من الأحداث: مقتل خاشقجي في إسطنبول، وأصبح أغنى رجل في العالم هدفا لهجمة من الذباب الإلكتروني السعودي، بعدما نشرت مجلة "ناشونال إنكويرر" تقريرا عن علاقة بيزوس العاطفية خارج إطار الزواج، وتهديدها له بنشر صور فاضحة إلا في حال تعهد بالقول إن القصة لا دوافع سياسية لنشرها، لكنه رفض.
ويذكر الكاتبان أن مستشاره الأمني غافين دي بيكر توصل إلى أن الحكومة السعودية استطاعت اختراق هاتف بيزوس النقال، وحصلت على معلومات خاصة، وقال دي بيكر: "كانت الحكومة السعودية تقصد إيذاء جيف بيزوس ثم بدأت صحيفة (واشنطن بوست) بحملتها الشرسة لتغطية جريمة مقتل جمال خاشقجي".
وتنوه الصحيفة إلى أنه لم تظهر أي أدلة عن استخدام السعوديين المعلومات التي أخذوها من بيزوس في الحملة ضده، بما في ذلك الصور التي هددت "ناشونال إنكويرر" بنشرها، ونفت المجلة أن تكون السعودية أثرت عليها، فيما لم يصدر عن المحققين الفيدراليين في نيويورك اتهامات.
ويفيد التقرير بأنه بعد عام على مقتل خاشقجي، فإن العلاقة بين الملياردير والسعودية لا تزال محلا للجدل، ويقول بعض رجال الأعمال إن العداء السعودي تجاه بيزوس نابع من قرار الملياردير الانضمام إلى رجال الأعمال الآخرين ورفض التعامل مع ولي العهد ومؤتمره الدولي المعروف بدافوس الصحراء في العام الماضي وهذا العام.
ويشير الكاتبان إلى أن هناك من يقول إن السعوديين بدأوا الهجوم ضد بيزوس لاعتقادهم، بشكل خاطئ، بأنه من وجه التغطية لجريمة مقتل خاشقجي، لافتين إلى أنه قبل قصة مجلة "ناشونال إنكويرر"، فإن بيزوس تعرض لهجمة إلكترونية طالما تحدث عنها خاشقجي، وكشف عنها في تقريره حول ما رآه في نظام بلده "الفاسد".
وتلفت الصحيفة إلى أن خاشقجي كان قبل مقتله يعمل على مشروع للمساعدة على إنشاء مؤسسة للدفاع عن الديمقراطية في العالم العربي، فيما اعترف بيزوس في بداية هذا العام بأن "واشنطن بوست" هي بالنسبة له "نار يصعب إخمادها.. هناك شخصيات قوية جربت تغطية (واشنطن بوست) قد تستنتج أنني عدوهم".
وينوه التقرير إلى أن شركة بيزوس الرقمية "أمازون ويب سيرفس" صارت من أنجح الفروع التابعة لشركته، فحصدت في العام الماضي 25.7 مليار دولار من نشاطات وحدة الإنتاج التلفازي وكيندل وأليكسا للمساعدة الافتراضية في شمال أمريكا، وأكثر مما حصده ماكدونالدز، وأعلنت في عام 2017 نموا بنسبة 47%، وقال مدير "أمازون ويب سيرفس"، أندي جاسي "لا نزال على السطح فقط".
ويفيد الكاتبان بأنه في الوقت الذي تحاول فيه الشركتان المنافستان له، "مايكروسوفت" و"غوغل" اللحاق بشركته، فإن "أمازون ويب سيرفس" قامت بتوجيه أعمالها نحو الشرق الأوسط، خاصة السعودية، وذلك في مرحلة جديدة من التوسع، مشيرين إلى أن الشركات الكبرى الثلاث في العالم تبحث عن فرص لبناء مراكز بيانات تستطيع تقديم خدمات رقمية للشركات العملاقة والشركات الصغيرة الجديدة والمؤسسات الحكومية أيا كان حجمها.
وتبين الصحيفة أن الشركات العملاقة تحتاج إلى منافذ إلى السلطة وبنى تحتية جيدة للكهرباء وأرض يمكن شراؤها بأسعار معقولة وزبائن من الشركات، لافتة إلى أن السعودية لديها هذه المعايير كلها، فهي ليست فقط من أكثر دول الشرق الأوسط ثراء وتقوم بتنويع اقتصادها، بل إن نسبة 60% من سكانها هم تحت سن الثلاثين، ما يعطي فرصة للنمو.
ويشير التقرير إلى أنه بعد ثمانية أشهر من وصول ترامب إلى السلطة، أعلنت "أمازون ويب سيرفس" عن افتتاح أول مراكز للبيانات في البحرين، وعقدت أول مؤتمر إقليمي لها، وبعد أشهر ظهرت تقارير تحدثت عن فتح مراكز في السعودية، وقالت إنها قد تتفوق على جارتها.
ويورد الكاتبان نقلا عن هذه التقارير، قولها إن السعودية و"أمازون" تقتربان من توقيع اتفاقية بقيمة مليار دولار لبناء مراكز البيانات في السعودية، وكان من المتوقع الإعلان عن الصفقة أثناء زيارة ولي العهد السعودي إلى الولايات المتحدة عام 2018، وبدا كأن العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة تنمو بشكل كبير، فقد اختار الرئيس ترامب الرياض كمحطة أولى لزيارته الخارجية، فيما وصف الأمير السعودي ترامب بأنه "الرئيس الذي سيعيد أمريكا إلى مسارها الصحيح".
وتذكر الصحيفة أنه في نهاية عام 2017، عندما ظهرت تقارير عن سجن محمد بن سلمان مئات من الأمراء ورجال الأعمال، كتب ترامب تغريدة عبر فيها عن ثقته بالملك سلمان وولي عهده، وأقام محمد بن سلمان علاقة جيدة مع زوج ابنة ترامب جارد كوشنر، وبدأ سلسلة من الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية.
ويفيد التقرير بأنه عندما أعلنت السعودية في آذار/ مارس 2017، عن السماح للمرأة بقيادة السيارة، فإن مسؤولة التسويق تيريزا كارلسون عبرت عن دعمها للقرار في تغريدة لها، مشيرا إلى أن كارلسون، التي نشأت في ولاية كينتاكي، وتحب الرياضة الجامعية وسباق الخيل، حاولت شخصيا جذب القادة الأجانب لدعم خطط توسيع "أمازون ويب سيرفس".
وينقل الكاتبان عن شخصين عملا مع كارلسون، قولهما إنها هي من دفعت بقوة من أجل التوسع وبناء مراكز بيانات في السعودية، وذلك بعد فترة قصيرة من انضمامها لـ"أمازون" في عام 2010.
وتقول الصحيفة إنه من أجل تأكيد اهتمامها بالشرق الأوسط، فإن "أمازون" اشترت سوقا في دبي، وأعادت تسميته باسم أمازون الإمارات؛ من أجل الوصول للأسواق في الإمارات والسعودية، مشيرة إلى أنها اشترته بمبلغ 850 مليون دولار، ما يكشف عن اهتمام الشركة بالمنطقة.
ويلفت التقرير إلى أن السعودية تعد من أكثر دول المنطقة إنفاقا على الحوسبة السحابية، مشيرا إلى قول المحلل البارز في شركة "غارنتر" تيني هاينز، إن السعودية هي المكان الطبيعي لإنشاء مراكز بيانات من بين دول المنطقة، خاصة أن المملكة تخطط لتنويع الاقتصاد، واستخدام ثروتها من النفط للاستثمار في مشاريع البنية التحتية، وتوطيد العلاقة مع الغرب، والاستثمار في شركات التكنولوجيا.
ويورد الكاتبان نقلا عن تقارير، قولها إن محمد بن سلمان كان يهدف في أثناء زيارته للولايات المتحدة العام الماضي لتوقيع صفقة مراكز البيانات مع "أمازون"، خاصة بعد موافقة بيزوس على مقابلته، وقال أحد الأشخاص الذين عملوا مع كارلسون في "أمازون"، إن بيزوس لم يكن ليلتقي مع أي شخص طالما لم يكن يعرف أن هناك فرصة كبيرة، و"هو معروف بعدم موافقته على مقابلة رؤساء دول، فهو ليس بحاجة لأن يكون مؤدبا ويصافح، لكنه يكون موجودا للتوقيع وإنهاء الاتفاق".
وبحسب الصحيفة، فإنه بعد أشهر من زيارة ولي العهد السعودي ومقتل خاشقجي لم يحدث أي تحرك على مراكز البيانات، ولم يتم إلغاؤها، قال مسؤول مطلع على خطط "أمازون": "لا توجد تطورات جديدة"، وأشار إلى أنه لن يحضر لا بيزوس أو أي من مسؤولي شركة "أمازون ويب سيرفس" المؤتمر الاقتصادي في السعودية، وقال مسؤول عارف بتفكير بيزوس إن مدير "أمازون" متمسك باتهاماته ضد "ناشونال إنكويرر" والسعوديين.
وينوه التقرير إلى أن متحدثا باسم مكتب منطقة جنوب نيويورك رفض التعليق بشأن التحقيق والعلاقة بين السعوديين و"إنكويرر"، مشيرا إلى أنه بحسب أشخاص يعرفون بتفكير بيزوس، فإن أحد أسباب التعقيد في علاقته مع السعوديين هو الاتفاق الذي وقعته "واشنطن بوست" مع الكاتب خاشقجي.
ويشير الكاتبان إلى أن عنوان أول مقال نشره خاشقجي في الصحيفة هو "لم تكن السعودية بهذا القمع لكنها اليوم لا تطاق"، لافتين إلى أن بيزوس بدأ في الوقت ذاته علاقة عاطفية مع الطيارة ومقدمة البرامج التلفزيونية السابقة لورين سانشيز، وبعد أقل من أسبوعين بدأت تغريدات تظهر في السعودية ضد بيزوس و"واشنطن بوست" بالعربية، وبعضها اتهم صاحب أمازون بأنه "يهودي" مع أنه ليس يهوديا.
وتنقل الصحيفة عن أحدهم، قوله: "نحن السعوديون لن نقبل أن تهاجمنا (واشنطن بوست) في النهار ونشتري البضائع من (أمازون) في الليل"، وقال آخر: "من الغريب أن الشركات الثلاث يملكها يهودي يهاجمنا في النهار ويطلب منا شراء بضائعه في الليل".
ويلفت التقرير إلى أن علاقة السعودية بـ"تويتر" بدأت مع الربيع العربي، حيث استخدمه السعوديون لنقد النظام، حتى وصول ابن سلمان عام 2017 إلى السلطة، الذي مارس القمع ضد المستخدمين، وتمت ملاحقة المعارضين والمنفيين، وسجن الكثيرين، فيما شارك آخرون بحملة القمع الحكومية عبر "تويتر".
وينوه الكاتبان إلى أن مستشار ولي العهد، سعود القحطاني، برز بصفته مسؤولا عما عرف بالذباب الإلكتروني، ودعا مستخدمي "تويتر" للمشاركة في القائمة السوداء والإبلاغ عن أي شخص ناقد للحكومة، لافتين إلى أن القحطاني اتهم بتدبير جريمة قتل خاشقجي.
وتذكر الصحيفة أن الهجمات الإلكترونية ضد بيزوس بدأت بعد فترة قصيرة من مقتل خاشقجي، وزادت بعدما نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقارير ومقالات وافتتاحيات حملت الحكومة السعودية مسؤولية الجريمة.
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أن مستشار الأمن لبيزوس، دي بيكر، قال في مقال نشره موقع "ديلي بيست"، إن الهجمات ضد بيزوس نابعة من الحملة التي قادتها صحيفة "واشنطن بوست" حول مقتل خاشقجي، ولأن مالك "أمازون" ألغى ظهوره في مؤتمر الرياض.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)