هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
احتضنت العاصمة السعودية الرياض، على مدار ثلاثة أيام متواصلة، النسخة الثالثة من مؤتمر "دافوس الصحراء" الذي يعرف رسميا بمنتدى "مبادرة مستقبل الاستثمار".
وعلى الرغم من الحضور الكبير لقادة دول ورؤساء حكومات ووزراء وصناع سياسات، في "دافوس الصحراء 2019"، مقارنة بالحضور الضعيف في نسخة العام الماضي، بعد انسحاب عدة مشاركين بسبب قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية المملكة بإسطنبول، إلا أن نتائج نسخة 2019 لم تختلف كثيرا عن نسخة 2018.
وقالت رويترز إن المنتدى الدولي السعودي، الذي انطلق الثلاثاء الماضي بالرياض، اختتم فعالياته أمس الخميس، بصفقات هزيلة بعض الشيء ونهاية محبطة.
وأضافت: "بينما تستعد الرياض لتولي رئاسة مجموعة العشرين، فإن قدرتها من جديد على جذب أسماء كبيرة بعد مقاطعة غربية لنسخة العام الماضي من الفعالية يبدو أنها بدأت التعافي من الضرر الذي لحق بصورة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في أعقاب مقتل خاشقجي".
اقرأ أيضا: انطلاق "دافوس الصحراء" في الرياض بدعوة 30 دولة
"شبح خاشقجي"
وقال نيل كويليام الباحث الكبير في مؤسسة تشاتام هاوس البحثية البريطانية الذي حضر المنتدى "كان الإعداد لهذه النسخة من مبادرة مستقبل الاستثمار يوحي كما لو أن المملكة على وشك أن تشهد تحسنا مع بدء المستثمرين في إلقاء نظرة أخرى على الفرص، بالرغم من أن الكثيرين فضلوا أن يظلوا بعيدين عن الأضواء".
وكشف بعض المشاركين، الذين تحدثوا بشرط عدم نشر أسمائهم، عن حالة عدم ارتياح تتعلق بمقتل خاشقجي خيمت على المؤتمر السعودي هذا العام.
وقال مسؤول تنفيذي يعمل في أوروبا "لا أعتقد أن أيا منا يشعر بأن جميع الأمور عادت إلى طبيعتها. لا تزال هناك الكثير من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عليها". لكنه أضاف أن المنطقة مهمة للتقنيات التحولية.
وأكد البعض أنه حتى تُصلح الرياض صورتها بالكامل فإنها تحتاج إلى إظهار أنها تحسنت فيما يتعلق بعثرات في السياسة الخارجية مثل حرب اليمن وتحركات محلية تشمل سجن معارضين وحملة في 2017 ضد الفساد حولت فندق الريتز كارلتون، الذي يستضيف المؤتمر، إلى سجن فاخر.
وقال مصرفي غربي كان من الحاضرين "يحتاجون إلى الاستمرار في فعل أشياء جيدة وعدم ارتكاب أي أخطاء مجددا. في النهاية ستستقر الأمور" مضيفا أن مقتل خاشقجي "سيظل حاضرا لفترة طويلة".
وجوه مألوفة
وكان بعض الرؤساء التنفيذيين الذين نأوا بأنفسهم العام الماضي حاضرين هذا العام، بما في ذلك رؤساء إتش.إس.بي.سي وبلاكستون وبلاك روك. وأرسل جيه.بي مورجان وجولدمان ساكس مسؤولين تنفيذيين كبارا.
واعتلى المؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة سوفت بنك ماسايوشي سون المنصة مجددا بعد أن كان قد ألغى كلمته العام الماضي. وبينما كان جالسا بجانب الأمير محمد في 2017، تعهد للقاعة المكتظة بالاستثمار في مدينة نيوم العملاقة البالغة استثماراتها 500 مليار دولار والتي كان إعلان المملكة عنها جديدا وقتئذ.
وعندما تحدث مجددا يوم الأربعاء، كانت القاعة إلى حد كبير خاوية. وغاب الأمير محمد.
وحضر الحاكم الفعلي للسعودية (ولي العهد السعودي)، والذي لم يلق قط كلمة بالمنتدى، يوم الثلاثاء بينما تحدث زعيما الأردن والهند والمستشار الكبير بالبيت الأبيض جاريد كوشنر الذي تجمعه به علاقة وثيقة.
وعلى عكس العام الماضي، عندما كسر صمته على المنصة بشأن مقتل خاشقجي، لم يتريث الأمير محمد لالتقاط صور ذاتية (سيلفي).
وقال مشارك أمريكي إن حضور وفد أمريكي كبير، والذي ضم وزيري الخزانة والطاقة، لم يكن مفاجئا في ضوء دعم الرئيس دونالد ترامب للمملكة بعد واقعة القتل، لكن ذلك لا يعكس وجهات النظر على نطاق أوسع.
وقال المشارك "العداء في الكونغرس ملحوظ، بدءا من المتدربين وصولا إلى النواب... هناك عدد أقل من الرؤساء التنفيذيين (مقارنة بنسخة 2017). لا يودون أن يُشاهدوا هنا".
وبدأ المؤتمر بصخب، إذ استقبلت فرقة للرقص الحر وشاشات تعمل بتقنية التعرف على الوجه الحضور الذين اكتظت بهم غرفة للوقوف فقط. لكن بحلول يوم الخميس، خفتت كثافة الحضور إلى أن امتلأت المقاعد بعد سريان شائعات عن أن الأمير محمد سيتحدث. ولم يظهر قط.
وقال مدير تنفيذي أمريكي في مجال المالية لوكالة فرانس برس طالبا عدم الكشف عن اسمه إنّ "الأبرز (من بين المشاركين) هم الأشخاص الذين قدموا للمؤتمر في نسخته الأولى (عام 2017)، وقاموا بمقاطعته العام الثاني، وعادوا الآن للمشاركة في نسخته الثالثة".
وأضاف "الأمر يبدو وكأنهم يمنحون ختم الموافقة الخاص بهم، ويقولون للآخرين :لا بأس بالعودة إلى السعودية+".
وكان التنفيذي يشير بشكل واضح إلى لاري فينك، الرئيس التنفيذي لقسم الأصول في شركة "بلاك روك"، وستيفن شوارتزمان من شركة "بلاك ستون"، وقاما بالمشاركة في جلسات أشادت بالإصلاح في المملكة.
اقرأ أيضا: FT: علينا الا ننخدع بإصلاحات ابن سلمان السطحية والهشة
صفقات ضئيلة
وفي دلالة على أن المؤتمر الذي يستهدف استعراض مستقبل السعودية بعيدا عن النفط يفقد بريقه، لم يتم الإعلان سوى عن اتفاقات استثمار بقيمة 20 مليار دولار، مقارنة مع 56 مليار دولار في نسخة العام الماضي عندما انتزعت أرامكو أغلب الصفقات.
وخلال كلمات ألقوها بالفعالية، تحدث قادة عالميون، بينهم قادة من الأردن والبرازيل ونيجيريا وكينيا، عن اقتصادات بلادهم، بينما استغلت شركات تكنولوجيا الجلسات للترويج لمنتجاتها.
وقال طارق فضل الله من نومورا لإدارة الأصول "كنت أود أن أرى تركيزا أكبر على التقدم في خطط الإصلاح التي تتكامل مع رؤية 2030".
وقال ريتشارد لاكيل من ستيت ستريت جلوبال أدفيزرز إنه في ضوء أن المملكة أكبر مصدر للنفط في العالم وأكبر اقتصاد عربي، فإن مسعى الرياض لتنويع الاقتصاد يجتذب اهتماما كبيرا، وبخاصة في أسواق رأس المال.
وقال "بعض المشروعات السعودية التي يخططون لها هي بالفعل طموحة وكبيرة للغاية. الكثير منها ممكن، مثل الانفتاح في السياحة السعودية".
وحفزت إصلاحات اجتماعية تطورا في مجالي الترفيه والسياحة، لكطن مشروعات عملاقة مثل نيوم لم تشهد إلا تقدما ملموسا بشكل ضئيل.
ولا يزال أغلب المستثمرين يركزون على طرح أرامكو الذي طال انتظاره، والذي لم يتحقق في عدة مرات سابقة. وأكد وزير الطاقة السعودي للحضور يوم الأربعاء أنه سيحدث قريبا.
وقالت قناة العربية نقلا عن مصادر لم تسمها إنّ هيئة سوق المال السعودية ستعلن عن تفاصيل اكتتاب أرامكو الأحد، وستحدد "النطاق السعري" لطرح الشركة العملاقة في 17 تشرين الثاني/نوفمبر الحالي.
ولطالما شكلت مسألة قيمة أسهم الشركة موضوع جدل خاصة بعدما استهدف هجوم في وقت سابق من هذه السنة منشأتين تابعتين للشركة لتسبب بخسائر ضخمة للاقتصاد السعودي.