هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
خلت قائمة منظمة اليونسكو التابعة
للأمم المتحدة، للإبداع الخاصة بها في العديد من المجالات، كالموسيقى والأدب
والفنون والتصميم وغيرها من أية مدينة مصرية على الرغم من اختيار 6 مدن عربية من
بين 66 مدينة عالمية.
ومن ضمن المدن التي اختيرت في القائمة
مدينة السليمانية شمالي العراق، وبيروت على قوائم "المدن المبدعة" في
مجال الأدب، ورام الله الفلسطينية، والصويرة المغربية بصفتهما مدينتي الموسيقى،
والمحرّق بالبحرين عن فئة التصميم، والشارقة بالإمارات بصفتها مدينة الحرف والفنون
الشعبية.
جاء ذلك في قائمة أعلن عنها اليونسكو
تتألف من 66 مدينة مبدعة جديدة من دول مختلفة حول العالم، بحسب بيان صادر عن
المنظمة بمناسبة اليوم العالمي للمدن الموافق 31 تشرين الأول/ أكتوبر من كل عام.
"استراتيجيات الدولة"
"عربي21"، توجهت
للأثري السابق لدى وزارة الدولة لشئون الآثار، الدكتور حسين دقيل، بالتساؤل: لماذا
خلت قائمة اليونيسكو للإبداع الثقافي والفني والأدبي والموسيقي في 2019 من أية مدينة
مصرية؟، ليجيب بقوله: إنه " شيء مؤسف أن تخلو قوائم اليونيسكو من أية مدن مصرية، بالرغم من أن حضارتنا
المصرية ممتدة لآلاف السنين، وكانت مصر من مؤسسي المنظمة الدولية ومن الـ20 دولة
الأولى الموقعة على دستورها".
وأشار إلى أن "خلو اسم مصر من
قائمة اليونسكو حول "المدن المبدعة" يأتي في الوقت الذي ضمت فيه مدنا
عربية بالعراق وفلسطين ولبنان والبحرين والإمارات، فضلا عن قائمة طويلة أخرى تضم
66 مدينة.
وفي تبريره لهذا التراجع، قال الباحث
المصري، إن "مصر لم تلتزم بالمعايير المطلوبة والتي من أهمها أن تكون الثقافة
والاهتمام بها وبمجالاتها المختلفة بمدنها من صميم استراتيجيات الدولة".
وأكد دقيل أن "المدن التي
تختارها اليونيسكو تجعل الثقافة من أساسياتها؛ وليس عنصرا ثانويا لديها"،
مضيفا: "ولكن للأسف الشديد نحن الآن في مصر لا نولي هذا العنصر اهتماما
ثانويا، فضلا عن أن يكون من أولوياتنا الأساسية".
"الخوف يعصف
بالمبدعين"
وفي تعليقه على هذا التراجع المصري
على المستوى العالمي، تساءل نائب رئيس تحرير "الأهرام" السابق، أسامة
الألفي، بقوله: "وهل تفرز الظروف الحالية أدبا؟"، منوها إلى أنه "من
طبيعي أن يتراجع المثقف والأديب المصري عربيا وإقليميا وعالميا في ظل تراجع وتهميش
دوره محليا".
ويعتقد الأديب المصري، أن الظروف التي
أوصلت مصر لتلك الحالة من التجريف في كل الفنون والآداب، لم تسمح بتقديم أدباء
بحجم العقاد وطه حسين ونجيب محفوظ، وفنانين بقدر أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب،
ومبدعين بحجم المثال محمود مختار، والمعماري البارز حسن فتحي، وغيرهم بكل مجالات
الإبداع".
اقرأ أيضا: الخارجية المصرية: نرتقي بحقوق الإنسان لتحقيق تطلعات الشعب
وحول تلك الظروف التي أدت لهذا
التجريف، قال الألفي، إن "الأدب والفن لا يزدهران إلا في عصور حرية
الإبداع"، مضيفا أنه "وبرغم دكتاتورية الرئيس الراحل جمال عبدالناصر،
إلا أنه للحق أعطى للفنانين والمبدعين حرية الإبداع فازدهر الأدب والفن في عهده،
وكذلك حدث في عهد الرئيس الراحل أنور السادات"، حسب قوله.
وأشار الألفي إلى أعمال إبداعية راقية بتلك الحقبة مثل: "الكرنك" و"ثرثرة فوق النيل" لأديب نوبل
نجيب محفوظ، و"شيء من الخوف" للأديب ثروت أباظة، وغير ذلك.
وأستدرك قائلا: "أما الآن فمرحلة
الحرية انكمشت على كافة الأصعدة وفي مقدمتها الإبداع، وصار الخوف لا قلم الرقيب
يعصف بالمبدع".
وأشار إلى أن "هناك ارتباط بين
الإبداع وبين السلطة سلبا وإيجابا"، مؤكدا أن "كل شيء في البلدان
المحكومة حكما ديكتاتوريا مرتبط بالسلطة بشكل أو بآخر".
وأوضح أنه برغم أن اليونيسكو لم يختار
مصر واختار مدنا من بلدان تعاني من الحرب أو الحكم الديكتاتوري مثل العراق ولبنان
والبحرين وحتى فلسطين المحتلة؛ أن "هذه البلدان برغم ما تعانية من ويلات
الحرب لم تنس الإبداع وفيها حركة نشطة لا تتوفر في مصر".
"السر في الحرية"
"لا إبداع بدون
حرية"، كانت تلك العبارة هي رد الفنان والرسام المصري حسن حسين، على تساؤل
"عربي21"، عن أسباب تراجع الإبداع في مصر، مشيرا إلى أن جميع أنواع
الإبداع مرتبطة بمناخ الحرية.
حسين، أضاف أن "القاهرة مثلا
كمدينة يمكن أن يتم ترشيحها فقط ضمن أكثر المدن تلويثا للبيئة، وتحرشا بالنساء،
ومن حيث عدد الجرائم، وكأكثر نسبة طلاق، وأيضا انتحار، وعنوسة، وفسادا، ومعتقلين،
إلخ إلخ".
"زمن حمو
بيكا"
وفي تبريره لتراجع مصر في مجال
الإبداع الموسيقى وعدم تقديمها مبدعين وموسيقيين كبارا؛ قال الفنان والموسيقي أشرف
الريس، إننا "أضحينا ظاهرين ومكشوفين للعالم أجمع ولا يصح مطلقا أن تكون إحدى
مُدننا على قائمة الإبداع بهذه الحالة".
الريس، تساءل بحديثه
لـ"عربي21"، :"كيف تختار اليونسكو مُدنا مصرية مُبدعة وبها
مستمعين لا بأس بعددهم يحضرون حفلات مطربي المهرجانات من أمثال حمو بيكا، وشطا،
وشاكوش، وأوفه، والونش، ومن على شاكلتهم؟".
"الفهلوة وسرقة
الأفكار"
وفي رؤيته، قال نائب الوزير السابق
عبدالحليم منصور، لـ"عربي21": "لدينا تراجع كبير في الإبداع
بمجالات الموسيقى والأدب والفنون والتصميم".
وأضاف منصور، "لعلنا نسأل أنفسنا:
هل هناك مدينة مصرية يمكن أن يُطلق عليها المدينة المبدعة، سوى الأقصر وأسوان وما
بهما من إبداعات واكتشافات فرعونية".
وأشار إلى تراجع الإبداع بشكل عام،
بقوله "ولا ننسى ما حل بمجال الغناء على سبيل المثال، والذي يتصدره أمثال حمو
بيكا وأقرانه".
ويعتقد المسؤول المصري السابق أن سبب
هذا التراجع هو "غياب الثقافة العامة، وإحلال الفهلوة والنقل عن الغير وسرقة
الأفكار".